في زمن ما ترك أحدهم حفرة أمام بيته بعد إتمام بعض إصلاحات في رصيف ملاصق لباب بيته الرئيسي ، ومع مرور الأيام تحولت الحفرة إلى بؤرة للوساخة من كل أنواع ، وقبل أن يستفحل وضع الحفرة هذه أصبح كلما يمر أحد من الجيران أمام البيت ويرى صاحبها يسألونه عن سبب ترك هذه الحفرة دون علاج ، فيقول صاحب البيت : ببساطة يظهر فيه لا مبالاة : ( إن شاء الله سهلة ما يحتاج شيء ، فقط قليل من السمنت …الخ ..إن شاء الله .. فقط أحتاج كم يوم أتفرغ !!) ولم يتفرغ الرجل ، وتحولت الحفرة إلى بؤرة للوساخة والقاذورات ، وترك الناس اهتمامهم بها …!!
وللتذكير فقط : نشرت صحيفة (ديلي ميل) البريطانية قبل عامين ! تقريراً بعنوان : السياسيون العراقيون يكلفون البلد (ألف دولار) كل دقيقة جاء فيه : إن الساسة العراقيين يحصلون على ألف دولار للدقيقة الواحدة من دون أن يضعوا قانوناً واحداً يهم بلدهم ، ويسكنون مجاناً في أرقى فنادق بغداد ، وحصلوا على رسوم بمقدار 90000 دولار ، وراتب شهري قدره 22500 دولار ، وبعد انتهاء الدورة البرلمانية يحصلون على تقاعد 80 بالمائة من رواتبهم الشهرية مدى الحياة ، ويسمح لهم بالاحتفاظ بجوازاتهم وجوازات عائلاتهم الدبلوماسية ، في حين يفتقر البسطاء إلى الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء …..
حال العراق فيه حفرات لا تحصى ولا تعد ، ويحكمها رجالات كل دقيقة يكلفونه ألف دولار ، كحال البيت الذي أمامه الحفرة ، وكان صاحبها شبيهاً بهؤلاء السياسيون ، وعندما تسأل أي واحد منهم عن حال العراق لماذا هو تعبان ؟ يقول لكَ : إن العلاج بمكافحة الفساد والذي هو منتشر في كل مفاصل السلطة ، ويبدأ يبسِّط لك العلاج : إنه يكمن في محاربة الفاسدين ! فمثلا فخامة السيد رئيس الوزراء يقول هذا ، وكذلك رئيس مجلس النواب ، وكثير من النواب وحتى رئيس هيئة النزاهة ، لا بل إن أحدهم هدَّد بأن لديه وثائق عن الفساد ، لو كشفها لسقطت عروش ! ولكنه لم يكشفها ولحد الآن ولم تسقط العروش (أكيد كان يقصد المفسدين !) مرة واحدة ومنذ تأسيس هيئة النزاهة أعلن عن أحد المفسدين بالوثائق ، ولكن تم إيصاله إلى المطار وسافر بكل سهولة ولم يعد !!
أتذكر أن أحد الأصدقاء قال مرة ما معناه : إننا نعيش أحداث الماضي لدرجة أن دماءنا تفور وتغلي ، وإن تشعب الأزمات وتراكمها فوق بعضها البعض دون رغبة لمعالجتها أو نفض بعضها عن كاهلنا يجعلنا ننوء بحمل ثقيل يشدنا إلى الأسفل بحيث يجعل وضعنا لا يعيش أزماته الراهنة فقط ، بل إنه يعيش حتى أزمات مؤجلة تاريخياً مصدَّرة من الماضي إلى الحاضر ، ذات بعد زماني أو تاريخي تماماً كما يعيش أزمات مصدرة من الخارج ( ذات بعد مكاني أو جغرافي – منذ أن حررنا أخلص صديق لحرية شعوب هذه المنطقة المهمة !! وغالية على قلب قادتها التاريخيين ! من ريغان إلى أوباما ) حتى أصبحنا نعيش أزمة التحرير ! وما نجم عنها من معارك مرسومة لها ، ويظهر من المفروض تراكم بعضها البعض إلى حد تصبح عند المواطنين : أنها حالة مطلوبة ولا حول ولا قوة إلا بالله .