23 ديسمبر، 2024 12:56 ص

لا يمكن للانسان أكتساب صفة ما والتقولب فيها دون قناعة كافية وقدرة نابعة من العقل تضفي عليه مظهراً سلوكياً يميزه عن الاخرين وحيث أن معرفة الشيء تتطلب معرفة نقيضه او ضده فهناك دائماً وجهان للحياة أحدهما مشرق والاخر معتم… الخير والشر,النور والظلام ,الحق والباطل …..المشكلةلا بمعرفة الاشياء والحديث عنها بل بالقدرة على فعلها وتحويلها الى ممارسات وأفعال تكسب الانسان صفة الايجابية دائماً ….الكل يدعي الفضيلة وفعل الخير والوقوف بجانب الحق والواقع قليلون هم من أنتصر بداخلهم النور وهزم الظلام ولو بالقدر الكافي الذي يجعلهم أنسانيون بطبعهم وليس كلياً فصراع الاضداد في داخل النفس البشرية مستمراً فالنفس أمارةُ بالسوء ألا ما رحم ربي…أنظر الى من حولك ستجد الكثير يمارسون الازدواجية في السلوك من الحلقة الأولى في المجتمع الى قمة الهرم الاجتماعي كلما أرتفعنا بالسلم الهرمي للمجتمع تبرز هذه الظاهرة بشكل واضح معلنة حجم الشر والكذب وفساد الكثيرين ممن يتولون أدارة المؤسسات والوزارات وصولاً الى الأعلى ..ألسن تلهج بالوطنية والإخلاص والتضحية والشرف وقلوب وعقول محشوة بالخيانة والرياء وحب الذات على حساب الناس البسطاء والمصلحة العامة .

ألارادة المنتصرة للخير تعكس سلوكاً منسجماً مع القيم العليا السامية وتشكل نهج حياة مستمرة ومتصاعدة تاخذ صفة العموم لا أن تكون أنتقائية حسب الظرف المكاني أو الزماني فالحق والخير والفضيلة أمور ثابتة باختلاف المكان والزمان فالكثيرون يدعون الفضيلة والورع والنبل الاجتماعي في محيطهم المحدود وينفلت العقال خارجة فتجدهم لا يتورعون من ارتكاب الرذيلة سراً بعيداً عن أعين الرقباء المحيطين ولعل هناك الكثير من الشواهد على مثل هذه السلوكية الازدواجية لوزراء ونواب ومدراء عامون صورتهم على حقيقتهم العدسات بعد ان تاه اللب وسقط القناع ليظهر الوجه الحقيقي البشع…صحيح أن القيم الاجتماعية والاخلاقية مختلفة نسبياً من مكان لآخر حيث أن ترتيب الأوليات المتعلقة بقيم الاخلاق والشرف مختلفة من مجتمع لآخر أنطلاقاً من الدين والمعتقد والبيئة المحيطة لكن تبقى المعاير العامة الاساسية للقيم الفاضلة والسلوك الحسن أمر متفق عليه وبخلاف ذلك فأن المؤسسات التربوية ومؤسسات الضبط الاجتماعي غير قادرة على توجيه الافراد نحو قيم مشتركة الهدف منها الحفاظ على أمن وسلامة الفرد من الانحراف والتحلل وعدم الشعور بالانتماء للمنظومة العامة.

أن صراع الأضداد يشكل الحجر الاساس لكل الاديان السماوية وغير السماوية فالمسلمون بكل مذاهبهم وأطيافهم متفقون على أن جوهرالدين المعاملة وهذا ما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والسيرة العطرة لآل الرسول والاولياء الصالحين والأحاديث في ذلك متواترة وكذلك الامر بالنسبة للمسيحيون وما جاء على لسان السيد المسيح ووصايه المعروفة التي من شانها الارتقاء بالانسان نحو السمو والرفعة وتجنبه السقوط بالرذيلة وكما هو الحال في اليهودية وما ورد في توراتهم فالانسان هو غاية الاديان وهدفها الجنوح به نحو شاطيء السلامة والامان من خلال أشاعة قيم الفضيلة والخيرومنعه من أرتكاب المعاصي والشرور فلو القينا نظرة متأملة على (الكونفوشية) التي باتت عقيدةً وديناُ يعتنقه مئات الملاين وخصوصاً في الصين ما هي الامجموعة من القيم والمفاهيم الادبية والاخلاقية تعمل على اضفاء الطابع الانساني على سلوك البشر دون وعود بجنة ونعيم او خوف من نار وجحيم انها الذات البشرية السليمة والفطرة الإنسانية والسمو على الدونيات والشهوات المنحرفة هي من تميزنا عن الحيوانات.