18 ديسمبر، 2024 10:03 م

أريد اعادة احتساب عمري لإزالة أثر التضخم !!

أريد اعادة احتساب عمري لإزالة أثر التضخم !!

في الاقتصاد، التضخم يعني الارتفاع المضطرد في اسعار السلع والخدمات.
تصبح القوة الشرائية لوحدة النقد أقل من السابق ،ونفس السلعة او الخدمة يصبح سعرها أعلى باضطراد.
يتحسّر الناس عادة في مثل هذه الظروف على الماضي عندما كنت تشتري الكثير من الأشياء بالدينار، مثلاً.
يبدو ان السنوات فقدت الكثير من قيمتها مع تقدم الزمن وكأنها تتعرض لنوع قاسٍ من التضخم الزمني الذي يأكل من قيمة السنة والشهر والاسبوع!!
وهذه شكوى اسمعها من الجميع ، صغاراً وكباراً ..
الكل يصرخ قائلاً : هل يعقل اننا في نهاية السنة التي تبدو كأنها بدأت قبل شهر ؟
الشهر يمرق بسرعة البرق ، حتى أني لا اتذكر هل سددت الفواتير ام لا؟ ولأي شهر سددتُ ؟
الاسبوع ينتهي فور بدايته !!
اما اليوم، فليست له اي قيمة “شرائية” على الاطلاق مثل العملة من فئة الربع دينار !!
ما الذي يجري في العالم وفي عموم الحياة؟
الكاتب الانكليزي كولن ولسن تطرق الى هذه الظاهرة في

كتابه الجميل المعنون : عودة نحو البداية، ولكنه ربطها بتقدم عمر الانسان حيث تضيق دائرة الدهشة والانبهار لدى الفرد ويشعر بأنه يعرف معظم او كل الاشياء وتصبح حياته رتيبةً وتكراراً لأمور يعرفها وليست فيها مفاجئة وانبهار.
في زمننا الحالي لاتقتصر المعاناة على الكبار فقط، بل ان الصغار يشعرون بانهم يعيشون في زمن فيه تضخم يأكل من قيمة الزمن.
هل اصبحت الحياة رتيبة وليس فيها جديد ؟
ام اصبحت متعبة أكثر وتستنزف وترهق الجميع؟
أنا لدي الرغبة الصادقة في اعادة احتساب سنوات عمري لإزالة أثر التضخم !!
لازالة أثر ذلك التضخم اللعين سوف اخصم سنوات عمري المحسوبة على الورق حسب تاريخ الميلاد .
معامل الخصم( كما في خصم الاوراق المالية)أقدّره ب: ٣٠%. اي ان كل سنة سوف تحتسب حوالي ثمانية اشهر فقط!!
سوف أخفض عمري النظري بنسبة ٣٠% فقط.
بعض الناس الذين اعرفهم وقضوا معظم حياتهم في بؤس ، يحتاجون ان نخصم اعمارهم بنسبة ٧٠%..(الذي يبلغ عمره النظري خمسين سنة، يصبح بعد الخصم ١٥ سنة حقيقية فقط).
في عام ١٩٩٠ ذهبنا أنا وعائلتي، الى شمال العراق في سفرة لمدة ثلاثة ايام بسيارتنا الخاصة.
كان معنا صديق وعائلته ايضاً، وقمنا بجولات جميلة الى

مناطق مختلفة في اربيل واقضيتها وقراها.
كنا نخرج في بداية الصباح ولانعود إلّا ليلاً.
في طريق العودة سألتني ابنتي : كم يوماً قضينا في الشمال؟
وعندما قلت لها اننا قضينا ثلاثة أيام، صاحت باستغراب : ثلاثة ايام فقط مع كل هذه المتعة ؟
لماذا اذن تمضي الايام الثلاثة في البيت بطرفة عين؟
قلت لها:
ان ذلك يعود الى تنوع الفعاليات والاكتشافات الجديدة لمناطق ومناظر واشياء لم نشاهدها سابقاً.
عندما نستعرض نشاطات اليوم فإنها تشكّل قائمة طويلة ، لذلك يبدو اليوم طويلاً جداً.
في البيت تصبح الحياة بنفس رتابة حياة قيصر روسيا الاخير التي عكستها يومياته، التي يكتب فيها عن فعالياته في اغلب الايام قائلاً :
نهضتُ من الفراش ، افطرتُ ، تمشيت في الحديقة، شعرت بالجوع، أكلت ، شعرت بالتعب ، نمت ، جلست في الصالون ، شعرت بالجوع، تناولت الطعام الخ…
لذلك تعتبر تلك اليوميات من اكبر الأدلّة على الخواء الروحي لذلك القيصر المسكين.