18 ديسمبر، 2024 6:48 م

أريدُ حقي دون عناء

أريدُ حقي دون عناء

منذ بدأ الخليقة، يدور في ذهن الأنسان خيال واسع، وأُمنيات طويلة عريضة متمنياً تحقيقها، وأن يتمتع بها دون عناء، من أجل ان يعيش حياة حُرة كريمة خاليةً من الألآم والمتاعب التي تعتري الانسان في مشوار حياته الطويل ان ينال فيها على؛ حريته كرامته سعادته.
كل واحد منا يعيش في بلد معين، وجميع هذه البلدان لها نِظام خاص بها، في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية، وكيف تتم المعاملة بينها وبين مواطنيها في مسألة الحقوق والواجبات المتبادلة بين الفرد والدولة.. لنُلقي نظرة سريعة إلى دول العالم المتقدم، كيف تبدو العلاقة بين المواطن وحكومته، وما هي الأسُس التي وضعت في نجاح تجربتهم التي كانت قبل ذلك عبارة عن حروب دامية لعقود من الزمن، كان الأساس الرصين في بناء أوطانهم وإعادة الثقة في انفسهم هو الاخلاص لاوطانهم وحبهم لشعوبهم وبناء دولة المؤسسات التي لا تميز بين الرئيس والمرؤوس وبين عرق ولون، هذا هو سر نجاح تلك البلدان التي تفتقر لها الأنظمة العربية، لهذا تجد العلاقة جيدة، لان هدف الحكومات إسعاد مواطنيها عن طريق توفير مستلزمات الحياة بكل مفاصلها، لهذا لا توجد مشاكل داخلية او عناء في مجتمعاتهم بسبب الاخلاص والتفاني بالعمل والتعامل المبني على اساس الإنسانية.
عند ذهابي إلى السفارة الامريكية في بغداد للحصول على فيزا الدخول، كان عدد الذين يرومون الحصول على الفيزا يتعدى المأتين شخص، ادخلنا جميعاً الى قاعة جميلة ومرتبة جداً، تسعنا جميعاً، كانت مأثثة بمقاعد مريحة واجهزة تلفاز واجهزة تبريد وبجانب كل شخص عدد من المجلات والصحف والكُتب اشبه بفندق خمسة نجوم، جلسنا جميعاً دون تدافع او الوقوف في اجواء العراق الملتهبة، كل حسب تسلسه، يتم أستدعاء الحاضرين واحداً تلو الاخر دون التعدي على حقوق الاخرين، لاجراء المقابلة مع القنصل، تم حصول الاغلب على تأشيرة الدخول للولايات المتحدة.
كان الوقت حين شرع الموظفين المباشرة بانجاز العمل المناط بهم، عند الساعة الثامنة صباحاً، كان على شكل وجبتين كل وجبة يتم انجاز العمل المناط بها ساعتين فقط، عندما اقول ساعتين من الوقت لان اكثر من موظف موجود لتسهيل امور المراجعين دون كلل وملل مع ابتسامة عريضة تعلوا محياهم، كل واحد منا لم يستغرق اكثر من خمسة دقائق مع القنصل!
في بلادي الامر مختلف تماماً عما ذكر؛ لاحياة ولاكرامة للفرد في عدة جوانب، أبسط مستلزمات الحياة معدومة، فضلاً عن جوانب الحياة الأخرى؛ السكن والتعليم والصحة والماء والكهرباء وسوء المعاملة، مثال ذلك عند الذهاب لاصدار وثيقة رسمية تهان بطريقة مباشرة او غير مباشرة كالوقوف بطابور طويل وتحت اشعة الشمس تعصف بك الاتربة من كل جانب، اضافة إلى من يسرق منك حقك بالتعدي على التزامك ووقوفك بالطابور، يأتي من له علاقة بهذا الموظف وذاك ينجز له معاملته وانت واقف تراوح في مكانك، بالإضافة سوء التعامل من قِبل بعض الموظفين وكإنهم اصحاب فضل عليك!
اريدُ حقي في ان توفر لنا الحكومة ، حياة حُرة كريمة تُصان فيها الحُرمات والكرامة، اريد حقي في التعليم الجيد المبني على أسس رصينة متطورة، أريدُ حقي في الاهتمام بقطاع الصحة وتوفير الماء والكهرباء والسكن الكريم للأسرة، وضماناً أجتماعياً يحفظ هيبة ووقار المواطن، اريدُ في بلادي ان يكون القانون هو الفيصل حيث يتساوى الجميع أمامه دون تمييز، اريدُ حقي في صنع القرار لبلادي في رسم مستقبل الأجيال القادمة، اريد حقي في تشكيل دولة مؤسسات لا دولة محابات مبنية على التوافقات الحزبية الضيقة التي يكون ضحيتها الوطن والمواطن.