23 ديسمبر، 2024 9:08 ص

أرى الله بقلبي .. دون تركيبة مذهبية..!!

أرى الله بقلبي .. دون تركيبة مذهبية..!!

بمرور الوقت على عملية اسقاط النظام في العراق تغير كل شيء ،  واصبحت لنا منابر خطابية تدعو لقتل بعضنا البعض على اساس العرق والدين  والمذهب ، ما أقوله بأسف كان بيننا  من هذا ينتظر هذا اليوم لينتقم من جاره لأنه على غير مذهبه أو دينه ، حتى تحول معالم الوطن الى حاضنة لأفكار انتقامية وثأرية لم نعيش  زمنها  ولا أحداثها بل وصلتنا عبر  كتب ومجلدات ضخمة هيئتها اصحابها لذات الغرض….
ولهذا نجد ان ما يحدث في بغداد من قتل وتدمير وتخريب  لا يمكن استثناءه من هذه القاعدة الفكرية التي جلبتها تلك المجلدات والكتب ، حكومتنا خرجت من اطارها لتكون جزءا من المعادلة نفسها  ، بل و ماكنتها  القوية  التي تروج لإلهاء الناس بها  خصوصا حين تعتمد في مشوراتها على اصحاب العمائم لتتخذ اجراءا معينا  ضد الارهاب ، وتمارس العنف ,  بل وحتى القتل للتغطية على افعالها وانتكاساتها الامنية والادارية والخدمية ..
لست شيعيا ولا سنيا ولا أؤمن بهما كمذهبين عرفتهما  انهما شوها صورة الاسلام ، كل طرف بما قدر عليه ، لذا فاني اجد في نفسي صعوبة ان اعلن انتمائي بانني شيعي أو سني ، ولكن   امارس عباداتي على ضوء ما أؤمن به وما شرعها الله في كتابه الكريم ، مقررا ان لا أدخل جامعا ولا حسينية ولا مسجدا ،اعبد الله مخلصا ومؤمنا له ولدينه الذي ختم به كل الاديان في اي بقعة طاهرة خالية من النفاق والرياء ، والنقوش الاندلسية والمغربية ، وأعرف الله  كما عرفني به الرسول الكريم باحاديثه النبوية الشريفة التي أضاءت لي من خلالها  صورة الله كاملة دون ان يلمح من بعيد أو قريب  لأية تركيبة مذهبية ، بحيث ارى الله  بقلبي واشعر برحمته  ، وأشعر بعظمته اينما توجهت ، وكلما عزمت على أمر توكلت عليه ، فهو العظيم الذي يراني بعظيم قدرته ، وأنا أشعر به  ، وانه قريب مني ومن مناجاتي ، و العزيز الذي يعز من يشاء بلمحة بصر، والجبار الذي يقهر جبابرة الارض وطغاتها متى ما يشاء بسلطانه  ، والمتكبر الذي قطع دابر المتكبرين عني مرات ومرات كلما دعوته في محنة اصابني دون موعد …
في طفولتي وانا تلميذ في مرحلة الابتدائية ، احببت ابو بكر وعمر وعثمان وعلى رضوان الله تعالى عليهم اجمعين  ، و  احببت  الحسن والحسين حبا جما ولا زلت ، ولكن لم اطلب منهم شيئا حتى قيام الساعة ، ولن ادعوهم لمساعدتي لاجتاز حبل الصراط ، لانهم لا يقدرون على ذلك ، فالحكم والفصل بيده  القهار ، ومن ثم حبل نجاتي هي  حقيبة أعمالي التي احملها معي فعلى ضوئها سيتم ثوابي وعقابي ، ففيها سلة حسناتي وسيئاتي ، فلا يفيدني العشرة المبشرة بالجنة  ،ولا الاثنا عشرية ، وأعتقد ان هذه هي خطيئتي الكبرى في نظر الذين ملاؤا الدنيا بضجيجهم واجتهاداتهم التي صنعوها على مبدأ الربح والخسارة ……
اذن ، ربما يخالفني البعض الراي في ان التجارة بالدين والمذاهب ورموزهما هي تجارة رابحة في وطن مثل العراق  لكثرة ما فيه من قبور للائمة والصحابة ، وكما في السعودية  ومصر التي تدعي بعض مشايخها بوجود رأس الامام الحسين هناك ، ولا نعلم  كيف وصل الى هناك ..؟؟ ، وبأية طريقة ..؟؟ ومن هم أولئك الذين  عمدوا قبل اربعة عشر قرنا ان يزرعوا في قلوبنا هذا الشك القاتل حول صدق وجود رفات هذا الرجل الجليل في كربلاء ..؟؟
لذا  فأقول ان ما نعانيه هنا في العراق هي تركيبة فكرية ليست من صنعنا ، ولكن اجبرنا على القبول بها و التعامل بمفرداتها كرها ، لان القائمين على الترويج لها في مجالسنا ومجاورنا يمتلكون القوة على ابادتنا ، اذا ما وقفنا بالأدلة والبراهين بالضد منهم ، ومن اسلاميتهم المذهبية التي تحرم السرقة على الصغار ، وتحللها للكبار ، وتجيز مصيبة زواج المتعة ، وتحلل كارثة المسيار..!! .فكم من سني وشيعي بارز مارس السرقة والسلب والنهب بعد عملية السقوط الى ان انتفخت جيوبهم الصغيرة والكبيرة بسحت الحرام ، وفضلوا ان يتوجوا ((بطولاتهم الايمانية)) بعبارة ((هذا من فضل ربي)) ..  وكم منهم وما اكثرهم يتمتعون بالمتعة والمسيار بل ويبحثون عنه في النهار بسيارات فخمة لا أقدر انا وغيري من ركوبها ..!!فالله لو لا خجلي من الخوض في التفاصيل لأعلنتها ثورة غاضبة على رجس الافعال التي يغطونها ببضعة شعيرات نتنة التي لا تدل الا سواد قلوبهم الغارقة في البحث  متع الدنيا  ومغرياتها التي تجبلها لهم رياح الكذب والنفاق والكلام الباطل ، ومردودات اعمالهم الربحية التي تدرها صفقات تجارية وهمية يشاركهم فيها الذين (آمنوا ولم يؤمنوا) ، والتي يصورونها لنا على انها شريعة من شرائع الله متجاهلين تماما ان الانسان العراقي المغلوب على امره ، و رغم بساطته مدرك تماما ان ما يجري منذ عشر سنوات ليس الا لعبة تجارية ذكية ملفوفة بدين المذاهب خصوصا حين وجدها محترفوها منذ قرون انها نافعة  وخير وسيلة لبلوغ الدرجات الدنيوية ومغرياتها التي تنحني لها الفقراء والبسطاء من عامة الناس دون ان يقفوا على حقيقة ما يمارسونه في مضاجع الخفاء والغلن….
لذا فان قراءتنا للفوضى الدينية والمذهبية السائدة توحي بان  العراق  مقبل على زلزال سياسي كبير ،  ربما يتحرك البعض  عكس الاتجاه ممن فضلوا النقاء الوطني على فتاوى المتاجرين بالدين والدنيا ،   رغم كل  العواقب الوخيمة لهذا التحرك ،
 تعددية الولاءات المذهبية  داخل هذه المنظومة العسكرية التي احترفت هي الاخر العمل تحت هذا الساتر المخيف زادت من حدة المخاوف ان يتحول بغداد الى بؤرة لتوترات طائفية ومذهبية جديدة التي  لا تدفع ضريبتها سوى المواطن العراقي البائس والتائه في وطنه الممزق منذ اكثر من عشر سنوات….
((قال لي صديق انه زار الهند مرات ومرات للوقوف على طبيعتها السحرية الخلابة ، والكلام لا يزال لهذا الصديق ، بعد زيارتي الثانية تركت ما كنت اهواه من جمال الطبيعة وما وهبه الله العلي القدير لهذا البلد من سهول وحبال ووديان ومرابع خضراء ، لان ما وجدته من حسن المعاشرة الهندية رغم تعددية طوائفها واديانها ومعتقداتها هي التي صرفت انظاري ، واقف بصمت على حجم العقلية الكبيرة التي وهب بها الله لمحرر بلاد الهند التي تتجاوز تعداد سكانها مليار شخص (مهاتما غاندي) ذلك العجوز الذي ما كان حجمه يتجاور (40) كلغم ، الا أنه استطاع ان ينتصر على ذاته البشرية وينقلب عليها من اجل وطنه المحتل والمستعبد من قبل بريطانيا ، ويوحد الاجناس والالوان والاطياف والاديان والمعتقدات من اجل كرامة الهند العليا في الحرية والعدالة والمساواة ، لم يكن مسلما ولكنه صلى في مساجد المسلمين وصام صيامهم دون خوف من كهنة دينه وطائفته  ،  ومارس كل الطقوس والعبادات حبا بأبناء وطنه الغارق في الجوع والحرمان ، ليؤكد لمليار بشر هندي ان الهند باديانها ومعتقداتها وميولها واتجاهاتها هي ملك لعموم الهند لا بد  من الحفاظ عليها لكي ننتصر على كل المخلفات التي يصنعها لنا الاستعمار، 
اذن هكذا كانت الوطنية في فكر هذا الرجل الذي ينحني له  الى الآن شعوب الارض قاطبة اكراما لوطنية صنعها هو بنفسه  لتكون أداته في التحرير وبناء الانسان الهندي ،
ولذلك حين أتأسف على بلد مثل العراق ، فان اسفي هو على حجم ما يتعرض له من استهانة  واهانة من (تجار) ركبوا مركب الدين والمذاهب السياسية ليمزقوا ما بقي له من كرامة …..