23 ديسمبر، 2024 10:37 ص

أروع لقاء لي جمعني مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب!!

أروع لقاء لي جمعني مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب!!

كان يوم الإثنين ، الثامن من تشرين الاول 2018 ، ربما العلامة الفارقة في حياتي ، وهو يشكل حدثا تاريخيا غاية في الأهمية ، كان فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، قد جاء الى العراق ، للإطلاع على معالم هذا البلد التاريخية ودوره في الحضارة الانسانية، وكيف كان العراق أول بلد أرسى معالم الحضارة والرقي والتمدن، وهو بلد المعارف والعلوم وبلد الفلسفة والأخلاق والمثل العليا، وهو أول بلد عرف الكتابة والتدوين على أرض المعمورة!!

أجل ..كنت والرئيس الامريكي لوحدينا ، على أعلى بقعة من أرض العراق ، وفي معلم تاريخي وأثري لم أره من قبل، وهو يتطلع بشغف ، قلما إهتم به رئيس كبير ، بحجم رئيس الولايات المتحدة ، وقد جاء من أقصى الارض، لا ليتفاوض مع ساسة او ينوي تشكيل حكومة عراقية، كونه لايعرف من هم من يريدون التربع على عرش العراق، ولا يعطي لهم أهمية ، وبخاصة أنهم لم يعطوا من وقتهم في يوم ما، اهتماما لمكانة بلدهم ، ولا لدورها الحضاري العظيم عبر التاريخ!!

كان جل إهتمام الرئيس ترامب ومغزى جولته وانا واقف معه ، نغوص في أعماق علوم الأقدمين ، ممن كانت لهم إسهامات فاعلة في التاريخ الانساني في العراق ، وكانت إشراقاتهم وعطائهم الفلسفي والمعرفي محل اهتمام العالم أجمع، ممن يقدرون مكانة العراق وشموخه الحضاري!!

كنت والرئيس الامريكي واقفين على قلعة من قلاع العراق ، وكنا في إستعراض لتراث وفلسفة إبن رشد ومؤلفاته على وجه التحديد ، وكان الرجل يدقق في كل حرف وكلمة كتبها إبن رشد، مرة أنا من أقرأ وفي أخرى هو من يقرأ ، وكأنه يعرف قراءة التاريخ بتمعن ويدقق في معنى كل فلسفة وحكمة ، وقد بقينا لساعات طوال ، نتمحص في دلالات مؤلفات الفيلسوف العربي إبن رشد ، ونطلع على مخطوطاته وقد كانت كبيرة الحجم ، وكأنها خطت منذ أول عهود التاريخ قبل الميلاد ، لقدم تلك المخطوطات وتعرض بعضها الى التآكل بفعل تأثيرات الزمن، لكنه كان في غاية السرور والتمعن والتمحيص ، وتحديدا كانت كل المناقشات تتركز على مؤلفات إبن رشد دون غيره، ولا أعرف السبب حتى الان، لكن بمجرد أن يأتي رئيس أمريكي الى العراق ويزور قلعة تاريخية عريقة ويطلع على معالمها التاريخية وعلوم فلاسفتها ، فهو إنجاز كبير لايقدر بثمن!!

وقد كنت شخصيا ، ومنذ أكثر من ثلاثة عقود ، مهتما بتوجهات كبار مخططي السياسة الامريكية وراسمي معالم نهضتها وانطلاقتها في أوج صعود الولايات المتحدة وتربعها على عرش العالم، وكنت أطلع بالتفصيل عن كل ما كتبه مستشاري الامن القومي الامريكي (كيسنجر) و (بريجنسكي) واللذين تحولا فيما بعد الى وزراء خارجية في بلدهم ، وهما من أعدهما أكبر مخططين بارعين ، رسما معالم السياسة الامريكية ووضعا لها ستراتيجياتها منذ السبعينات والثمانينات ، وهما أي كيسنجر وبريجنسكي ، يعدان أفضل منظرين لسياسة أمريكا وفلاسفتها العظام، وقد كانت لهما رؤى فلسفية وفكرية وضعت الأساس لصورة العملاق الذي تحكم في مقدرات العالم ، ورسما معالم ستراتيجيات ومستقبل دول ومنظومات دولية ، وكيف يكون بمقدور الولايات المتحدة أن يبقى لها دور الريادة والسيطرة على مركز ثقل العالم ، حتى بضمنها دوله الكبرى، وكان لهما ما أرادا، وقد كانت مهمتي كصحفي واعلامي خبر دروب السياسة وغاص في أعماق توجهاتها، منذ أيام الرئيس ريغان التعريف بما يكتبانه ويؤلفانه وهما (كيسنجر وبريجنسكي) ومن بعدهما (غوندليزا رايز) ومفهوم (الفوضى الخلاقة) وكذلك مادلين أولبرايت ولو بدرجة أقل، في عهدي بوش الأب والإبن ، وما يرسمونه من خطط وستراتيجيات ، كي أضعها لدى المهتمين بصنع القرار في العراق على مدى ثلاثة عقود، كانت من أكثر عهود العراق تقدما وازدهارا ومكانة،وقد حفظت ملامح توجهات الرجلين (كيسنجر وبريجنسكي) ومؤلفاتهما ، عن ظهر قلب ، وكتبت عنهما مقالات بحثية مطولة موجودة على محرك الانترنيت (الغوغل) وقد أوفيتهما حقهما من الإهتمام قبل سنوات، تحت عنوان : (قراءة في ستراتيجيات كبار منظري السياسة الامريكية) و(كيسنجر راسم معالم السترايجيات الامريكية ونظريات التوازن) ومقالات تقترب من تلك العناوين وهي موثقة لدي الان، وأشرت فيها كذلك الى إختفاء منظري السياسة الامريكية بعد كل من كيسنجر وبريجنسكي ، ولم يعد للفكر ورسم معالم الستراتيجيات دورا يذكر في السياسة الأمريكية الحالية!!

وقد تمنيت خلال وجودي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اللقاء المطول الذي جمعني معه في العراق هذا اليوم، وفي أروع مكان أثري ، لا ادري أين هو بالضبط ، تمنيت لو أن الدكتور طه جزاع الاستاذ بعلم الفلسفة وصديق العمر لو كان معي في تلك الجولة المهمة والتاريخية ، ليشرح للرئيس الامريكي ترامب فلسفة إبن رشد ، ومختصرا عن مؤلفاته ، وكيف كان تأثيره في الفكر الانساني، وهو الذي قدم خدمة كبيرة لأوربا ولعموم الغرب ، في التطور الذي شهدته عندما نهلت من فكره وفلسفته الكثير، لكن الدكتور طه جزاع مهتم هو والصحفي والكاتب المخضرم الاستاذ زيد الحلي هذه الايام، بتعقب أخبار مطاعم (الباقلاء بالدهن) و(كباب أربيل) والقيام بجولات نهرية ، أكثر من اهتمامه بشؤون الفلسفة، التي يبدو أنه قد هجر عالمها ، لأن الزمن كما يقول قد ودع الفلسفة وفلاسفتها، الى غير رجعة!!

وأود أن أحيطكم علما بأن كل تلك الجولة ولقاء القمة الذي جمعني مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب في الثامن عشر من تشرين الاول من عام 2018 كانت (حلما ورديا) على كل حال ، لكنها قد تكون من أجمل وأروع (أحلام العمر) على الاطلاق..وقد كللت مسيرتي بالعطاء وما يسر الخاطر ، وما يشعر النفس انها ستبقى في الأعالي بعون الله، ونحمد الله ان لقاءنا كان (شخصيا) وليس مخططا له ، ولا يرتبط بسياسة ولا بمصلحة ذاتية ، ولم أطلب منه تحقيق أي شيء شخصي على الإطلاق، كما لم أكن أعرف لماذا كانت الجولة تقتصر (تحديدا) على إرث العالم والفيلسوف العربي (إبن رشد) ، لكنه كان (حلما) ، لابد وان مكانة العراق واهله وتاريخه ستكون محل إهتمام الرجل، وقد يسهم في إعادة الحياة الى هذا البلد ، بعد إن دخله الأمريكان (محتلين) مع بعض ممن إرتضى أن تكون (العمالة) هي الطريق الأسلم للحصول على (مغانم شخصية) وهم في أغلبهم كانوا (نكرات) بل لم يسمع الرئيس الامريكي الحالي(ترامب) أو من سبقه أي شيء عن (هؤلاء)، وقد أوصل الامريكان أحوال العراق ،بسبب هؤلاء ،الى ما لايستحقه من مكانة ومنازل عبر التاريخ!!

وهنا لابد من أن أعرض لكم جوانب مهمة ومختصرة عن الفيلسوف إبن رشد، لتتكون لكم نبذة ، عما انجزه الرجل من علوم وما وضعه من فلسفات، ودوره في تطور أوربا ، من خلال العرض القصير التالي:

نبذة تعريفية بإبن رشد من الـ (ويكيبيديا ):

هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد (520 هـ- 595 هـ) يسميه الأوروبيون Averroes واشتهر باسم ابن رشد الحفي ، مواليد 14 إبريل نيسان 1126م، قرطبة – توفي 10 ديسمبر 1198كانون الاول م، مراكش) هو فيلسوف وطبيب وفقيه وقاضي وفلكي وفيزيائي عربي مسلم أندلسي. نشأ في أسرة من أكثر الأسر وجاهة في الأندلس والتي عرفت بالمذهب المالكي، حفظ موطأ مالك، وديوان المتنبي. ودرس الفقه على المذهب المالكي والعقيدة على المذهب الأشعري.ويعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام. دافع عن الفلسفة وصحح للعلماء وفلاسفة سابقين له كابن سينا والفارابي فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو. قدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين فعينه طبيباً له ثم قاضياً في قرطبة. تولّى ابن رشد منصب القضاء في أشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، تعرض ابن رشد في آخر حياته لمحنة حيث اتهمه علماء الأندلس والمعارضون له بالكفر والإلحاد ثم أبعده أبو يوسف يعقوب إلى مراكش وتوفي فيها (1198 م).

فلسفة ابن رشد في الاخلاق

انطلق ابن رشد في آرائه الأخلاقية من مذهبَي أرسطو وأفلاطون، فقد اتفق مع أفلاطون أن الفضائل الأساسية الأربع هي (الحكمة والعفة والشجاعة والعدالة)، لكنه اختلف عنه بتأكيده أن فضيلتي العفة والعدالة عامتان لكافة أجزاء الدولة (الحكماء والحراس والصناع)، وهذه الفضائل كلها توجد من أجل السعادة النظرية، التي هي المعرفة العلمية الفلسفية، المقصورة على “الخاصة”. وقد قَصَرَ الخلود على عقل البشرية الجمعي الذي يغتني ويتطور من جيل إلى آخر. وقد كان لهذا القول الأخير دورٌ كبير في تطور الفكر المتحرِّر في أوروبا في العصرين الوسيط والحديث. وأكد ابن رشد على أن الفضيلة لا تتم إلا في المجتمع، وشدَّد على دور التربية الخلقية، وقد بسط ابن رشد أهم آرائه الأخلاقية من خلال شروحه على الأخلاق إلى نيقوماخوس لأرسطو وجوامع السياسة لأفلاطون.. وأناط بالمرأة دورًا حاسمًا في رسم ملامح الأجيال القادمة، فألحَّ على ضرورة إصلاح دورها الاجتماعي في إنجاب الأطفال والخدمة المنزلية. وقد قال بعض الباحثين” : «”لقد تساءل الفيلسوف ابن رشد في القرن الثاني عشر الميلادي وهو يعاين انطفاء آخر أنوار الحضارة العربية التي سمت في الشرق الأوسط وأسبانيا إلى ذرى شاهقة عما إذا لم يكن هذا الانحطاط يرجع حزئياً على الأقل إلى الوضع الذي حبست فيه المرأة، وإلى انتباذها خارج الحياة الاجتماعية.”.»

مؤلفاته:

كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه.

كتاب مناهج الأدلة، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية في الأصول.

كتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية. وقد أكد فيه ابن رشد على أهمية التفكير التحليلي كشرط أساسي لتفسير القرآن الكريم، وذلك على النقيض من اللاهوت الأشعري التقليدي، حيث كان يتم التركيز بدرجة أقل على التفكير التحليلي وبدرجة أكثر على المعرفة الواسعة من مصادر أخرى غير القرآن على سبيل المثال الحديث الشريف.

كتاب تهافت التهافت الذي كان رد ابن رشد على الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة، كتاب الكليات ، كتاب “الحيوان”، كتاب “المسائل” في الحكمة، كتاب “جوامع كتب أرسطاطاليس” في الطبيعيات والإلهيات، كتاب “شرح أرجوزة ابن سينا” في الطب.

وقد كتب جورج سارتون أبو تاريخ العلوم ما يلي:

«”ترجع عظمة ابن رشد إلى الضجة الهائلة التي أحدثها في عقول الرجال لعدة قرون. وقد يصل تاريخ الرشدية إلى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، وهي فترة من أربعة قرون تستحق أن يطلق عليها العصور الوسطى، حيث أنها كانت تعد بمثابة مرحلة انتقالية حقيقية بين الأساليب القديمة والحديثة.”.»

هذه نبذة مختصرة عن ابن رشد الفيلسوف والعلامة العربي في مختلف علوم الطب والفيزياء والفلك وغيرها من العلوم المهمة..وياله من منازل كبيرة ، لم تقدرها الاجيال الحديثة حق تقدير!!