16 أبريل، 2024 5:53 ص
Search
Close this search box.

أرواح تستثعر الفراغ وتصبو إلى العمل الفني في مسرحية ” شلال في تورنتو “

Facebook
Twitter
LinkedIn

من ديترويت الجريمة والفزع والخوف ،وفي ظل تدهور الاقتصاد الامريكي الذي أصبح عائقاً في كل الأحوال ،وحتى نبحث عن نقطة ضوء نسترخي فيها ، أخترت  وبرفقة زوجتي السفر الى مدينة  ” كتشنر ” الكندية ، لمشاهدة العرض المسرحي ، الذي قدمته فرقة المسرح العربي ضمن يوم اللاجئ ، الذي تنظمه عدة جهات رسمية منها منظمات مجتمع مدني ، ومؤسسات  حكومية كندية ،  حيث قدمت العديد من الفقرات الفنية، واللقاءات المحاضرات التي تخص هذا اليوم للحديث  عنه ، كي لا ينسى المواطن الكندي الذي يعيش على أراضيها  مهما طال به الزمن .  وفرقة المسرح العربي في” كتشنر واترلو ” جاء تأسيسها كضرورة لتلبية حاجات المجتمع الثقافية  ويعد تأسيسها من قبل تجمع الثقافات المتعددة الذي تأسس عام 2004 باكورة لجهود مختلفة ،بإدارة فنية من الفنان الكندي المبدع اللبناني الاصل ” مجدي أبو مطر ” الذي قدم العديد من العروض المسرحية وباللغة الإنكليزية  في منفاه  الإغترابي ، ونالت  إستحسان الجمهور الكندي والعربي  ، وهذا ما تفقده الرأسمالية الامريكية في مدننا  العاجة بالخوف والضجيج الموسيقي الصاخب ، فكل شيء  خاضع للغة الارقام  والضرائب والاموال الطائلة مما تجد صعوبة التنفس في طرح إعمال مسرحية  تعزز الحركة المسرحية الإغترابية،  وتخدم  العلاقات بين إبناء الجاليات المختلفة  نحو  إقامة لقاء إنساني بلغة جمالية ، ووحدة فنية من  خلال وعي وإدراك تلك الاختلافات والتعامل معها ، بالاعتراف والاحترام ،بالرغم من وجود العديد من الطاقات الفنية والمسرحية ، عكس الحكومة الكندية التي تعزز هكذا أنشطة فنية  مهمة ، يقول د. جبار حسين صبري ” هذه الاشارة تأتي من داخل الذات ، من عمق الذات ، من رغبة انفصام الذات ، ولاننا شعوب منقسمة بنفسها على نفسها ، نبحث عن ترنيمة الصنوج التي توقظ شراهة وأضراس الحروب فينا ، وهي معجزة الزمان كله ، المعجزة التي تحمل كل سلب الانسان على هذا، الكوكب الجريح به ، كل هذه الإشارات بإعتقادي كانت موجودة في العرض المسرحي الذي قاما بكتابته فنانان عراقيان مغتربان وهما الفنان  المبدع ” داخل البحراني ” والفنانة المتألقة : فلة الأورفلي ” حتى جاءت إسقاط الفكرة المسرحية على الحالة العراقية الواضحة من أسم عنوان المسرحية ” شلال في تورنتو ” حيث تناولت موضوعة المهاجرين العراقيين وتحديداً الى كندا ،وذلك من خلال تسليط الضوء على طبيعة سلوك ونظرة المهاجرين من بلد يعاني من شتى المشاكل وغياب الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي الى بلد مستقر ويتسم بالتقدم والرقي ، كل ذلك جاء من خلال  مواقف  كوميدية ، تبعث على الضحك المستمر، ومتداخلة في بعض المشاهد التراجدية التي ابكت العديد من الحاضرين الذين عاشوا مشاكل هذا الوطن الجريج ، مما طالبونا بوضع مصالح الوطن فوق كل شيء ، وكأنني أجد في هذا النص المكتوب باللهجة الشعبية الريفية العراقية وهم أهل الجنوب ، الذين هاجروا وسجنوا كما بقية الشرائح الاجتماعية الأخرى ، ومنهم  بطل العرض الفنان المطارد ” داخل البحراني ” في سبيل إيصال رسالته التي حملها معه حتى يوصلها الى الضمير العالمي بإعتبار كندا نقطة إلتقاء الكثير  من مهاجري العالم ،وبالتالي انها الذات التي تحمل على ظهرها قرابين المعزوفات الخطرة والتي باطلاقها سوف تنزف دماً دافقاً يسيل ويجرف كل زهرة نضرة من بساتين الحياة النازكة ، وترسيخاً لقيم الحروب كما قال الدكتور جبار حسين صبري في ” مسرحية حروب التي قدمتها الفرقة الوطنية العراقية ومن اخراج المبدع ” ابراهيم حنون ” صيف العام الماضي  ، إتسم نص مسرحية ( شلال في تورنتو ) بالتماسك على صعيد البناء الدرامي وطريقة إيصال الفكرة التي إختزلت فصولا ً طويلا ً من المأساة العراقية عبر عقود من الزمن لتكون المحطة الإغترابية فصلها الحالي ليبدأ صراع من نوع آخر ، وعلى الرغم من إستخدام اللهجة الشعبية إلا أن النص حمل مضامينا ً عميقة وجميلة لم تفقد فعاليتها الدرامية ونسجت الشخصيات على نحو متناغم تمازجت خلاله عناصر كوميديا الموقف مع شذرات تراجيدية من وحي المأساة العراقية وقد تميز أداء جميع الممثلين الذي قاموا بأداء شخصيات العرض المذكور ، ومن اللافت في هذا العرض تفوق النص الأدبي بوصفه الإطار الفكري الذي يقود لبناء رؤية بصرية قادرة على إستنباط معان جديدة تكتشفها الذائقة الاخراجية الحساسة ، حيث لم يواز الإخراج بآلياته وإشتغالاته من حمله النص ، وبقيت المعالجة البصرية عاجزة إلى حد ما  عن تفعيل مشهدية عالية من شأنها توظيف شفرات العرض من خلال إنتاج لغة بصرية ذات طاقة قادرة على خلق فضاءات تأويل الخطاب المسرحي المذكور ، وقد يكون أحد أسباب نجاح هذا العرض هو أداء الممثل وتماسك النص ، الأمر الذي أبقى على وجود التفاعل قائما ً من قبل الجمهور الذي كان حاضرا َ ولم يقتصر الجمهور على الجاليات العربية بل حضرت شرائح أخرى من المجتمع الكندي حيث دأب فريق العرض على إيجاد عنصر الترجمة من خلال وجود شاشة في أعلى خشبة المسرح الأمر الذي ساعد في فهم فكرة العرض من قبل الناطقين باللغةالإنجليزية . بقي أن نشكر كادر العمل المسرحي الفنانة ” فلة الاورفلي ” الفنان ” داخل البحراني ” الفنانة ” كارولين كوفينسون ،والفنان ” ناصر السماك ” والفنان “عاصم العوسج ” والفنان ” عمر شعبان “

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب