مثلما إنقلب علينا النفط من نعمة يفترض أن نكون بسببها أغنى دولة في العالم ، إنقلب إلى نقمة وخراب وضياع وجوع وحروب وتهديد يومي بتقسيمنا إلى أقاليم وكانتونات يتقاسمها الأمريكيون والسعوديون والإيرانيون والأتراك والروس فيما بينهم .. العراق كان يمتلك الإحتياطي الثاني من النفط في العالم والآن أصبح الأول بعد فقدانه لحصته التصديرية تنفيذا لقرارات مجلس الأمن الظالمة بعد غزو الكويت .. مخزونات العراق البترولية من النفط الخام في العراق على وفق آخر إحصائية أعدتها منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك تبلغ ( ٢٥٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ ) خمسة وعشرون ترليون ( مليون مليون ) برميل في الآبار المسجلة فقط ! ومن المحتمل زيادة المخزون إلى ضعف هذا الرقم في العقدين القابلين لوجود آلاف الآبار غير المفتوحة والمثبتة خرائطيا فقط.. بمعنى بسيط تتمكن أي دولة أن تبني وتعمر مئة دولة بحجم العراق(مع مواطنيها طبعا ) بعائدات هذه المخزونات
ثم ماذا ! سنبقى هكذا حتى لو أنزل الله ملائكة تحكمنا .. في المقابل أنعم الله على الأنبار وأهلها بثروات تحولت إلى وباء وبلاء مثلما تحولت نعمة النفط على العراقيين إلى جحيم .. لدينا أكثر من ثلث مساحة العراق وإنتهى الأمر بأهل الأنبار في المخيمات ونازحين ومهجرين ومتنقلين في بلدهم وكأنهم من كوكب آخر .. ضاقت علينا الأرض وحتى السماء بما رحبت لأن أهلنا في الأنبار لا يستمعون لأحد .. الآن ضاع كل شيء .. حقل عكاز سيء الصيت تقاسمه اللصوص قبل إستخراج لتر غاز منه ، معامل سمنت الفلوجة وكبيسة تساوت مع الأرض ومعمل سمنت القائم يسيطر عليه العدو الداعشي وأكيد مصيره كشقيقيه .. معمل الفوسفات أحيل على التقاعد.. سكة حديد بغداد – القائم – عكاشات لم يبق منها إلا بضع أمتار صالحة لسير القطارات .. محافظات العراق جميعا إفتتحت مطارات والأنبار أول مطار إفتتحته الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط كان في الحبانية لا يوجد الآن فيها مطار مدني واحد .. مصفى كي ثري متوقف .. سد حديثة يعاني من مشاكل .. الطريق السريع غير صالح لسير العجلات .. المنافذ الحدودية بين العراق ودول الجوار متوقفة .. مدننا مدمرة .. ما الذي تبقى !
ثروات هائلة تركها أهلنا الكرام غير مبالين بما سيلحق بنا عن قريب من ضياع كامل .. شامل .. ثروات لا تعد ولا تحصى لم ينتبه إليها أحد ومنها وفي مقدمتها ملايين أشجار النخيل الممتدة لمسافة تزيد على ( ٥٠٠ ) كم على جانبي الفرات تبدأ من الفلوجة وتصل إلى القائم .. أنواع متنوعة من التمور كالمريم والخضراوي والحمراوي والسلطاني والبريم والتبازر والإبراهيمي وسعادة وقنطار والأشرسي والساير والجبجبان والبربن وحلوة الجبل والزاهدي والرطب والخستة والمدجول والحصاب والبلح والداجري والمكتوم وعشرات الأنواع .. بعضها نادر جدا لم تستثمر بشكل علمي اقتصادي صحيح .. نعم أوافق رأي من يعترض محملا المسؤولية على ظروف المحافظة وعدم إهتمام السلطات المسؤولة عن هذا الموضوع .. لكن الآن الفرصة قائمة لإعادة الحياة لثروة تعادل النفط فالنخيل لا يدر التمر فقط بل له إستخدامات أخرى كالعلف وإصلاح التربة والوقود والعلاجات الطبية و الصناعية ومكافحة التلوث البيئي وزيادة المساحات الخضراء والتقليل من العواصف الترابية والكثير من الإستخدامات الأخرى والمتوافقة مع التطور العلمي .. لأهلنا في الأنبار السلام والإنتباه إلى نعمة من نعم الله تعود علينا بخير وفير ..
بسم الله الرحمن الرحيم
(( وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكما ومن النخل من طلعها قنوان دانية ))..
ولله .. الأمر