التفكير؛ يمثل إعمال العقل في مشكلة للتوصل إلى حلها، حيث تمكنه من التعامل معها بفعالية أكبر لتحقيق أهدافه وخططه ورغباته وغاياته.
إن للعقول مدارك وخفايا لا يدركها مفهوم ولا يسعها تفكير وان كان متطورا؛ لكن يمكن في حالة ارتقاء التفكير نصل إلى نتائج دقيقة، تعمل على انتفاضة العقل في تغيير الحياة، عن طريق الأسلوب أو المنهج المتبع للوصول إلى النتائج المختلفة في كل موضوع أو شأن من الشؤون، مما يعترض الإنسان في حياته، حيث تحتاج هذه المواضيع والشؤون من الإنسان إلى تفاعل حقيقي، للوصول إلى النتائج المرضية.
لابد من اختلاف طرق التفكير لدى الانسان خلال مراحل حياته، حيث يأتي هذا الاختلاف من اختلاف المؤثرات التي يتأثر بها، والأشخاص الذين يلتقيهم، والأفكار والعقائد التي يتفاعل معها، حيث تغير هذه الأمور كافة طرق التفكير، اما بشكل ايجابي أو بشكل سلبي.
يسعى الانسان إلى تطوير ذاته، وتطوير الذات يعتمد أساساً على تطوير الطريقة التي يفكر بها المرء، فتطوير طريقة التفكير يساعد بشكل كبير على تحسين النتائج التي يتوصل إليها، مما يؤدي إلى تطوير حياته، وسمو افكاره.
لابد من التوقف عند أسباب التفكير السلبي؛ لطرح ما هو مؤثر في ايدلوجية التفكير، وأهمها قلة الثقة بالنفس، والتربية الخاطئة حيث قيام بعض الآباء بعمل مقارنة بين أبنائهم وأبناء غيرهم حتى يوضحوا لأبنائهم مدى فشلهم في انجاز ما استطاع غيرهم انجازه وغيرها، والتي أدت بدمار اجيالا كاملة، مع التعرض لمواقف حزينة ومزعجة في الماضي واستمرارية التفكير الزائد بها، وقيام الفرد بتضخيم المشكلات والأمور والنظر إليها بأنها لا حل لها، والتفكير الدائم للانسان في كل ما ينقصه من مواطن الضعف التي يعاني منها، وعدم تفكيره في الإنجازات التي حصل عليها، والإمكانات المتوفرة لديه، ومداهنة التوتر الدائم، والقلق بشأن المستقبل، وشعور الفرد بأنه لن يقدر على تحقيق شيء، وتأثره بالمشكلات المحيطة به، وأيضاً المشكلات التي يعاني منها وطنه الذي يعيش فيه، ومقاربة الافراد الذين يفكرون بطريقة سلبية والتأثر بهم.
يؤثر التفكير بشكل رئيسي ودقيق في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وحتى الدينية وفي كافة تفاصيل الحياة الدقيقة، وبالتالي سيكون هو المنظم الأول لحركة الشعوب والمجتمعات على مر العصور.
لذا لابد من مراحل متتابعة لتنظيم التفكير، وإعطاء قدرة لعقل الانسان في التفكير وهي:
اولا: مرحلة الإعداد أو التحضير للفرد في هذه المرحلة في مواجهة المشكلة، فهي مرحلة جمع للمعلومات، وصياغة الأدوار، وتعيين نقاط الاهتمام الخاصة في المشكلة، والتنسيق والربط بين المتشابه والمختلف.
ثانيا: مرحلة الاحتضان وهي ترتيب العقل في التخلص من الأفكار والشوائب التي لا ترتبط بالمشكلة، وربط كافة المعلومات والخبرات المكتسبة المناسبة التي ترتبط بالمشكلة.
ثالثا: مرحلة الاجتهاد العقلي، فباستطاعة الأفكار، والاختراعات الاجتهادية الخروج دون أي مقدمات، أو إشارات، ليصدر العقل أفكارا متطورة تسهم في رقي عقل الانسان وحل مشكلته.
رابعا: مرحلة التحقيق؛ حيث اختبار الفكرة، وإعادة النظر بها، لمعرفة هل هي فكرة كاملة ومفيدة أو بحاجة إلى شيء من الترتيب والصقل.
وعليه؛ لابد للإنسان أن يعي عدم إمكانية وملائمة طريقة تفكيره الحالية للوصول إلى النتائج المرجوة، خاصة إذا كانت طريقة تفكيره متأثرة بما تطرحه المجتمعات المنغلقة في عقول أبنائها، ففهم العالم اليوم والتعاطي معه صار بحاجة إلى طريقة مغايرة تماماً في التفكير.
إن الثقافة والقراءة من مصادر مختلفة كالكتب، والمجلات، والصحف اليومية، ومواقع الإنترنت الرصينة، وشبكات التواصل الاجتماعي، فالتنويع في مصادر القراءة يساعد الإنسان بشكل كبير على زيادة وعيه وإمكانية تفكيره، ومن جانب اخر لابد من البعد عن التشاؤم قدر المستطاع، فالتشاؤم يحجب الانسان من التفكير المنطقي. اضافة الى استعمال العاطفة والعقل في مواضعهما الصحيحين، فبعض الأشخاص يخلطون بينهما مما يؤدي إلى التفريط او الافراط في التفكير.
عندما يتعلق الأمر بالآخرين، فيجب تمثل أحوالهم، ومعرفة مشروطياتهم؛ حتى يمكن التعامل معهم بالشكل الصحيح، فلا تجوز المسارعة في إصدار الأحكام على الآخرين دون معرفة خلفياتهم، ودوافعهم الحقيقية.
هناك العديد من البحوث التي تشير إلى أن من يخصصون الكثير من الوقت لتحليل المشكلة، ومعرفة عناصرها قبل البدء في حلها هم الأكثر إبداعاً ممن يسارعون في حل المشكلة.