لم يحسب لهذا اليوم عندما فتح الحدود امام الالاف من الأرهابيين العابرين الى سوريا لأسقاط النظام فيها و لم يتوقع ان تطول الحرب في سوريا كل هذه السنين لا بل ان تمسك القوات الحكومية السورية زمام المبادرة من جديد و تنتقل من مرحلة الدفاع و الأنكفاء الى مرحلة الهجوم و التقدم بعد ان نقلت و رحلت جميع المسلحين المعارضين الى الشريط الحدودي مع تركيا و الذي اصبح المكان الأخير المتبقي للمجاميع المسلحة المختلفة الأنتماءآت و الأتجاهات الا ان خطرها الحقيقي على الحكم التركي هو اكبر من ذلك الذي قد تشكله على الحكومة السورية و الجيش السوري .
هؤلآء المسلحين و الذين تدعم اغلبهم حكومة الأخوان المسلمين التركية لن يكون امامهم اما الأستسلام للقوات الحكومية السورية و مواجهة المحاكم و العقوبات او الأستفادة من عفو ما قد تصدره الحكومة السورية او القتال حتى آخر عنصر من عناصرها اما المهرب الآخر في حالة الضغط القوي من جانب الجيش السوري هو الأنسحاب بأتجاه العمق التركي و هنا يكمن الخوف و الهلع التركي من هذه المجاميع ان هي فكرت في الأنسحاب الى داخل الأراضي التركية و التي لا يأمن من مكرها و غدرها حتى الجانب التركي حين تتحول الى عدو شرس دموي و الأمثلة كثيرة في تحول تلك المجاميع المسلحة و انقلابها ليس فقط على مموليها بل حتى على صانعيها كما حدث حين انقلب تنظيم ( القاعدة ) على امريكا و هاجم المدن الأمريكية .
العملية العسكرية التركية الأخيرة في الشمال السوري و استهدافها لقوات ( سوريا الديمقراطية ) جاءت بعد الفشل الذريع الذي حل بالمشروع التركي- الخليجي في اسقاط الحكم السوري من خلال الزج بكل المنظمات الأرهابية و المعتدلة المعادية للحكومة السورية في ميدان المعركة و مدها بكل انواع الدعم و المساندة حيث اصبحت تركيا الممر الآمن و المستقر الأثير لتلك المجموعات التي تدفقت على الأراضي السورية حيث كانت حكومة ( الأخوان المسلمين ) التركية تمني النفس في سقوط النظام السوري في الهيمنة من جديد على الدولة السورية و جعلها ولاية تابعة للدولة التركية .
اما الفشل الذريع الآخر كان في عدم احتواء او انهاء الفصائل الأرهابية المتواجدة في محافظة ( ادلب ) السورية و بالأخص ذلك الفصيل القوي و المتمرس في العقيدة و القتال ( جبهة النصرة ) و قد يكون هناك امر ما خفي في احتفاظ الحكومة التركية بورقة ( جبهة النصرة ) و ابرازاها وقت الحاجة اليها و مع كل هذا التخبط في السياسة التركية قد بات واضحآ في عشوائية المواقف الأرتجالية و بدا الضعف جليآ حين اعترفت الحكومة التركية و هي التي كانت تصر و بقوة على عدم شرعية الحكم السوري و اخيرآ حين كانت واحدة من الحجج للهجوم على ( قسد ) في انها لا تخضع للحكومة السورية المركزية و بتعبير آخر ( الشرعية ) في دمشق .
لم يكن للحكم التركي ان يخرج من الصراع السوري ( بخفي حنين ) كما يقول المثل العربي أي خالية الوفاض و لم تجني من ذلك التدخل الفظ في الشأن السوري سوى انهيار الوضع الأقتصادي و تدهور سعر العملة التركية و انحدارها الى مستويات كبيرة من التدني و ما يشكل ذلك الوضع الأقتصادي السيئ على البنية الأجتماعية من تأثير سلبي كما كان للحرب السورية الأثر السيئ على علاقات دول العالم مع تركيا بأعتباران الحدود مع سوريا كانت المعبر الرئيسي و بعلم اجهزة الأمن التركية و بتسهيلات منها في عبور الأرهابيين القادمين من مختلف اصقاع الأرض الى القتال في سوريا .
رأس ( قسد ) في مقابل رأس ( النصرة ) قد تكون هي الصفقة التي لا بأس بها للحكومة التركية و هي افضل من لا شيئ و اذا كان و لابد من انهاء الوضع الغير طبيعي في محافظة ( ادلب ) السورية و كان ذلك بأرادة قوية من ( روسيا ) الداعم المهم للحكومة السورية في صراعها مع المجاميع المسلحة فأن على ( روسيا ) تقديم المقابل لذلك و مع الأنسحاب السريع و المريب للحليف الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية في مشهد يوحي ان هناك اتفاقات سرية و صفقات سياسية بعيدة عن الأعين و الأعلام و تحاك فصولها وراء الأبواب الموصدة و بذلك تكون الحكومة التركية قد امنت من ( الخطر ) الكردي المزعوم و في الوقت عينه تخلصت من الأحراج الذي يشكله تنظيم ( النصرة ) في فسح المجال امام القوات السورية و الروسية للقضاء على ذلك التنظيم الأرهابي .
مثل كل الحكومات الفاشية كانت حكومة ( الأخوان المسلمين ) التركية تخلق الحروب و تصنع الصراعات فبعد ان اججت الصراع في سوريا من خلال الدعم المتواصل للفصائل المسلحة المناوئة للحكم السوري و لم تكتف بذلك ان تدخلت و بشكل مباشر في الحرب الدائرة حاليآ على الشعب الكردي و اجتياح الأراضي السورية و قبلها كان التدخل العسكري المباشر في الأراضي العراقية بحجة مطاردة مقاتلي ( حزب العمال الكردستاني ) و مثلها كانت العلاقات المتوترة مع جمهورية أرمينيا و كذلك كانت العلاقات التركية العربية عمومآ متشنجة و غير ودية خصوصآ مع مصر و السعودية و مع العديد من الدول القريبة و حتى البعيدة عنها كانت العلاقات معها ليست على ما يرام و السبب هي العدوانية التي هي القاسم المشترك للحكومات الفاشية و من ابرزها حكومة ( الأخوان المسلمين ) الفاشية في تركيا .