في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن تطور مسار العلاقات التركيه –السعودية ،في ضوء الأزمة القطرية – الخليجية ، وتأثير هذا التطور على مسار العلاقات التركية – السعودية ، في ظل المسار التصاعدي والتصعيدي للأزمة القطرية – الخليجية ،وخصوصاً في ظل موقف الجانب التركي الذي ينشر قوات تركية في قطر ،وحديث الرئيس التركي اردوغان علناً عن وقوف تركيا إلى جانب قطر بهذه الأزمة خلال زيارته لقطر وللقوات التركية الموجودة بها قبل ايام، ومن هنا يمكن قراءة أن هذه الملفات بمجملها ستضع مسار التقارب السعودي -التركي تحديداً على صفيح ساخن، فبعد ان أتضح خلال العاميين الماضيين لجميع المتابعين أن مسار العلاقات التركية- السعودية قد تطور بشكل ملحوظ وخصوصاً بعد قيام الرئيس التركي أردوغان بعدة زيارات للرياض رد عليها السعوديون بزيارات اخرى لأنقرة، والواضح أن هذه الزيارات قد ساهمت إلى حد ما بتحريك المياه الراكده بين العاصمتين، وساهمت إلى حد ما ببناء جسور التقارب بين البلدين، ولكن بالتزامن مع كل هذا وذاك فقد شكل الموقف التركي الاخير الداعم لقطر، حالة من الشكوك حول طبيعة وشكل هذا التقارب المستقبلي لهذه العلاقات بين أنقرة والرياض.
وهنا بالتحديد يقرأ بعض المتابعين ان التقارب بين أنقرة والرياض للأن لم تكتمل معالمه بعد، ولم تعلم بعد ماهي المده الزمنية المتوقعة لاستمراره ؟، والسبب يتلخص بوجود تجارب تاريخية “فاشلة” لكلا النظامين بعلاقات التقارب فيما بينهما فقد سبق ان لامست حالة التقارب بين “النظامين” حدودآ استراتيجية في التقارب “بمطلع عام 2011 تزامناً مع انطلاق ما يسمى بـ ” الربيع العربي “، وقد كانت حينها توصف من قبل مؤيدي الدولتين بأنها انموذجاً اقليمياً نظراً لـ حالة التقارب تلك وقد اعتقد البعض انها قد تؤسس لحلف اقليمي جديد، ثم انهار كل ما تحقق على هذا الطريق مع أول خلاف دار حول الملف المصري، وانفتاح شهية كلا البلدين للسيطرة على البلد الجريح، وهذا ما أفرز حينها حالة من الاستقطاب وفجر خلافات حول مصر والشرعية للنظام القديم “مرسي “وشرعية النظام الجديد”السيسي “، بين البلدين، واليوم ،يبدو واضحاً أن تداعيات اصطفاف تركيا إلى جانب قطر قد لا تمحى بسهولة، هذا الملف بالتحديد قد يحمل تطورات دراماتيكية بالعلاقة بين الرياض وانقرة، وهذا بطبيعته ما يخشى منه كلا “النظامين “حالياً بخصوص حالة التقارب الاخيرة، فالخشيه ان يتكرر سيناريو خلاف التجارب السابقة، لذلك نرئ الآن حالة من الشكوك المتبادلة بين الجانيين حول طبيعة هذا التقارب وأطره المستقبلية، فالوقائع التاريخية تقول ان السياسات التركية -السعودية تحمل العديد من نقاط التناقض وعدم التقارب.
وهنا وفي ذات السياق، فلا يمكن للنظام “التركي” في طبيعة الحال، أن يتبع نهج أقليمي جديد يؤسس لحاله اقليمية جديدة يكون عنوانها “تحالفات الطوائف الاسلامية” كما يريدها النظام السعودي، فالنظام التركي بالنهاية هو نظام براغماتي، ويتعامل مع الكثير من أزمات المنطقة حالياً على مبدئ الشريك الذي لايريد ان يخسر احدآ، وهذه الحقائق المذكوره سابقاً لايمكن لأي شخص متابع لسياسة النظام التركي في الاقليم مؤخرآ بشكل عام أن ينكرها، فهذه الحقائق بمجملها قد تكون هي الانتكاسة الأولى لمشروع الحلف السعودي -التركي، فالأتراك لايمكنهم بأي حال من الاحول ان يكونوا شركاء للسعوديين، بمقابل تخليهم عن براغماتيتهم النفعية من القطريين أقتصادياً و سياسياً، وهذا ما ظهر واضحاً وجلياً من خلال الدعم التركي اللامحدود لقطر اخيراً .
الأترك بدورهم لايريدوا أن يذهبوا بعيداً بملف فتح صراع مفتوح مع السعوديين ، مع أنهم يعلمون أن السعوديين بهذه المرحلة يعانون من أزمة أقليمية خانقة وحربهم السياسية والإعلامية على قطر قد تكون صدى حقيقي لهذه الأزمات وقد ترتد نتائج هذه الحرب بشكل سلبي على السعوديين، ويعلم النظام البراغماتي التركي جيداً ان مادفع السعوديون للتقارب مع الاتراك بمراحل سابقة هو مصلحة مرحلية قد تنهار بأي فترة زمنية مقبلة، فتحالفات المصالح المرحلية هي تحالفات غير دائمة.
ختاماً،يمكن القول إنه وعلى الرغم من الاصطفاف التركي الواضح للجميع بجانب القطريين، ومع كل هذا فما زال السعوديون يتمسكون ويناورون بدعم الورقة التركية لهم وحتى وان كان هذا الدعم إعلامياً، المهم بنظر الدوائر الرسمية السعودية هو أيصال رسائل هذا الدعم للداخل السعودي لأظهار حجم قوة الدعم الاقليمي والدولي للسعودية ، وبذات الاطار فمازالت هناك خشية سعودية من ان تدفع براغماتية النظام التركي إلى ممارسة سياسة مزدوجه لاتخدم الأهداف والأجندات التي يحملها النظام السعودي الجديد، وما تحمله هذه الاهداف والأجندة من متغيرات خطرة ومغامرات ومقامرات جديدة قد تقلب الطاولة على الجميع بالمنطقة كل المنطقة، ومن هنا سننتظر القادم من الايام وما يحمله من متغيرات جديدة بالمنطقة، لنستوضح التطورات المستقبلية لطبيعة العلاقات التركية -السعودية المستقبلية، وتأثير هذه العلاقات سواء أكانت ايجابية ام سلبية على مسار ملفات المنطقة بمجموعها .