_قرار تركي بالذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة في حزيران القادم.. بكل المقاييس أردوغان غير مجبر على هذا؟
_أهم ملاحظة بشأن هذا القرار..إن حكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان تعتبر من الآن حكومة تصريف أعمال، وسوف تقتصر أولوياتها على الاهتمام في الانتخابات..بمعنى..واضح سيكون الرئيس التركي مكبلا إزاء متطلبات حساسة تخص السياسة الخارجية فيما يتعلق بالصراع المحتدم في الشرق الأوسط!
_إيران تريد ممارسة دور الشرطي في الشرق الأوسط..لكن..طبيعة نظامها المؤدلج لايسمح بهذا الدور، لأنه يثير مشاكل ويزعز الاستقرار!
_اللعبة السياسية تقول..إن دور شرطي المنطقة محجوز لإسرائيل فقط، وأمريكا تمهد لها المنطقة من خلال مشروع تقسيمها!
وهنا يعلم الرئيس التركي أردوغان خطورة السيناريو القادم؟ وهذا السيناريو الخطير هو ذاته الذي وقف الأكراد عند حدهم وبما يشبه التخلي عنهم..لأن..أمريكا خططت لدور مهم يقوم فيه الأكراد ضمن مرحلة معينة،لكن الاكراد تعجلوا في موضوع الاستفتاء وكان من الممكن أن يؤدي إلى إفشال مخطط التقسيم. أما دور الأكراد سيبدأ ضمن الحرب المخطط لها مع باقي الجيوش العربية. وهذا كله لاينفصل عن قرار الرئيس التركي في الذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة في تركيا.
قبل أن نسأل لماذا اتخذ قرار الانتخابات..يجب أن نعرج قليلا على الواقع السياسي التركي في هذه المرحلة:
1. يمثل الأكراد والعلويين والعلمانيين معارضة لايستهان بها في تركيا.
2. ولو أخذنا بنظر الاعتبار..إن أردوغان في حملته الانتخابية السابقة لم يحقق فوز كبيرا بالمعنى الذي يسمح له أن يجازف..لأن.. أعلى مستوى حققه كان يتراوح 52 %.
3. لاننسى مكانة(غولن) في تركيا..فهو كيان موازي لحكم أردوغان لايستهان به، ولديه نفوذ كبير داخل وخارج تركيا..فهو رجل اقتصادي ناجح في عدة مجالات ويتمتع بدعم أمريكي وأوروبي.
4. يجب أن نقر بأن رغم شعبية أردوغان الكبيرة إسلاميا.. لكنه غير واضح تجاه المشاريع الأمريكية في المنطقة، وفي نفس الوقت تعاديه كل من السعودية والإمارات ومصر وإيران وحتى روسيا، على الرغم من العلاقة الوثيقة بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين..أي..بمعنى أن رصيده الدولي ضعيف!
السؤال كيف يجازف أردوغان في وضع تركيا تحت وطئة حملات انتخابية تسمح لدول معادية أن تتدخل بطرق كثيرة، لأن أقل مايمكن تصوره ستكون أوضاع تركيا الداخلية مهددة بفعاليات كثيرة؟
من خلال قرأة وتحليل ماذهب إليه الرئيس التركي..يتبين..بأننا أمام واقع دولي ومتغيرات كبرى تحيط بتركيا وتؤثر على سياستها. وإن أردوغان بذكائه وخبرته الفائقة أدرك تعقيد وخطر مايدور حوله خصوصا مايتعلق بسوريا والأزمة الخطيرة التي تعصف بالشرق الأوسط، وما قد تؤول إليه الأوضاع باحتمال نشوب حرب إقليمية على الأبواب! لذلك بادر أردوغان إلى اتخاذ قرار يعفيه من مواقف خطيرة ومحرجة قد يضطر أن يقحم تركيا فيها.
إذن إجمالا القرار التركي يؤكد حتمية الحرب القادمة..ولكنه..أربك كثيرا من سياسات المنطقة ويمكن أن نضعه في سياق مناورة سياسية كبيرة..لأن..بهذا القرار أردوغان وضع تركيا على الحياد ولايجوز له الحق قانونيا أن يتخذ قرارات كبيرة ومصيرية من ضمنها قرارات الحرب والتخطيط وغيرها..بمعنى..إن الرئيس التركي وضع سياجا منيعا أمام أي ضغوط يمكن أن تمارس على حكومته، انطلاقا من أن تركيا عضو في الحلف الأطلسي..وبهذا أصبح أردوغان عذره قانوني ولايستطيع تجاوز الدستور والقوانين التركية. من خلال هذه الخطوات الغير مسبوقة التي اتخذتها القيادة التركية..تعتبر استقالة مؤقتة لأردوغان عن سياسة المنطقة!
لكي نربط كل ماتقدم مع التصعيد الاسرائيلي الايراني؟
مما لاشك فيه أن التواجد الإيراني في المنطقة بات أمرا مرفوضا إقليميا وعالميا، حيث ترى امريكا واوربا أن الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط من الشواذ، وأردوغان حسبها بدقة وحكمة ولايريد التورط بالصراع القادم وقد اتخذ هذا القرار لكي يخرج من هذا المأزق الكبير وفق المعطيات الاتية:
أولا..أردوغان لديه علاقات وطيدة مع روسيا وقد يقع تحت طائلة ضغوط كبيرة.
ثانيا..أعلنت إيران على لسان جميع قياداتها..إنها..سترد على ضرب قواتها في مطار التيفور..وهي..الآن بموضع لايحسد عليه، في حالة عدم ردها، بعد أن صرح المرشد وحتى نصر الله في لبنان..إن.. الضربة لن تمر بدون رد مناسب!
ثالثا.. إن إسرائيل في حالة تأهب قصوى، وأي رد ايراني..سوف.. لن تقف الضربة عند حدود تقبلها إسرائيل وسوف ترد إسرائيل بقوة وتشعل المنطقة كلها.
في الحقيقة أن إسرائيل وأمريكا من استدرجوا إيران لغرض استنزافها في سوريا وتوظيفها ضد الإسلام السني..وقد أدت إيران وظيفتها بكل نجاح كمكنسة للسنة في سوريا، وبهذا لايريد نظام طهران الخروج من المعادلة خالي الوفاض بدون أن يقبض الثمن. وبصراحة موضوع الثمن طويل وعريض ويتصل بالملف العراقي..فالتعاون الإيراني كان يرقى لمستوى تحالف مع أمريكا.
أخيرا..سوف تتم تصفية كل أنقاض الفوضى التي حدثت في المنطقة..والحرب هي الكفيلة بتنظيف المنطقة وإعادة استقرارها….