19 ديسمبر، 2024 3:12 ص

أربيل لم تستعر رأسا من احد .. أنه رأس الكوردي المحب للحرية والخلاص

أربيل لم تستعر رأسا من احد .. أنه رأس الكوردي المحب للحرية والخلاص

لم تزل بعض الاقلام ، ومن مختلف الاتجاهات والمتفقة فقط على الكورد ، تحاول الإساءة إلى جوهر القضية الكوردية والانجاز الكبير الذي حققه الشعب الكوردي في كوردستان ، عبر استجداء غضب الشارع العربي واستعدائه على الكورد بصورة خاصة ، وعلى عدالة قضيتهم بصورة عامة ، واللافت أن هذه الأقلام بعد تأسيس الادارة الكوردستانية اثر انتفاضة عام 1991 وقيام النظام الدكتاتوري السابق بسحب إدارته قد عادت تلك الأقلام إلى الإساءة الى الحركة التحررية الكوردية بعد التطور الهائل الذي باتت كوردستان تشهده ، وذلك عبر الكثير من المقالات منطلقة من نقطتين أساسيتين هما:

أولا: أن القضية الكوردية ، مسألة مزعومة ، مكررين الاسطوانة المشروخة المعروفة ، من أن ” كوردستان” ليست الا فكرة من إنتاج العقل “الصهيوني” وإسرائيل ، وأن الكورد مدعومون من قبل دولة إسرائيل. حتى أن احدهم قال قبل ايام في مقال متشنج ما معناه وبصورة ملتوية أن العقل الكوردي يحمل بذرة العقل الصهيوني او الإسرائيلي في بعض جوانب الوضع الكوردي.

وثانيا: وصل بعضهم إلى حالة من النزق العنصري الفاشي بحيث بات يشكك حتى في وجود الشعب الكوردي ويقول ذلك صراحة ، أو يقولها بطريقة غير مباشرة ، مرددا مزاعم مضحكة فقط للاستهانة بشعب كوردستان كالتي قالها المسعودي حول ” أن الكورد ينتمون إلى سلالة من الجن…!” او أنهم يوردون أسماء لأهم العشائر الكوردية ويرجعون أصولها “تأليفا وجهالة ” إلى عشائر عربية ، علما إن الترك والفرس يفعلون الشيء نفسه ، فيحتار الكوردي و لا يعرف أن اختار ما يقوله هؤلاء فأيهم يصدق!!

وفي مقال كتبه السيد وليد العبيدي عنونه ب”في رأس اربيل شيء من عقل اسرائيل” عرض فيه مسائل وخططاً سياسية تتشابه “حسب زعمه” مع العقلية الاسرائيلية وممارساتها في تعاملها مع القضية الفلسطينية ، وبعد ان كال ل”العراقية” ما كال..تفرغ لمقارعة الوضع الكوردي فقال من ضمن ما قال:

“ومن الجانب الكوردي لا أستطيع أن امنع نفسي من الاعتقاد بأن هناك خبراء إسرائيليين تجد توصياتهم ونصائحهم -خاصة بشأن العلاقة بين الإقليم والمركز- طريقها إلى التنفيذ”.

بالتأكيد هو لا يستطيع أن يمنع نفسه من ذلك ،,انا معجب لصراحته في أن يعبر عن قناعته المسبقة “!” ولكنه فقط منزعج أن يقع ذلك فقط في الوضع الكوردي ، لكنه لا يهم إذا كان الخبراء والجواسيس الاسرائيليون يجوبون بلاد العرب من “بغدان لتطوان” وأعلام النجمة السداسية ترفرف على بعض عواصمها ، وكبار رؤسائها يختلون بالمبعوثين الاسرائيليين ليتفاهموا معهم لمتطلبات الوصول السريع إلى يوم يوقع فيه رؤساء العرب فيه كلهم ورقة ضمانة الأمن التام لوجود اسرائيل وهو أمر سيقع حتما.

ان كل ما تريده اسرائيل هو ورقة سلام ، وهذه الورقة ليست عند الكورد ، وغبي من يعتقد أن الكورد يمكن أن يعطوا شيئا على هذا الطريق ، لكن يبدو أن هذه الورقة أصبحت في الطريق خصوصا بعد ان أكمل”الربيع العربي ..!”بعض أهدافه المهمة.

ويستنتج الكاتب استنتاجات ” غريبة” في مزاعم تشابه أو تطابق المفاهيم الكوردية والاسرائيلية”! ” عند “الطرف الكوردي المهيمن على القرارالسياسي الكوردي في اربيل” ليقول:

“ويمكن الحديث دون وجل عن مفاهيم لإسرائيل باع طويل في صياغتها واستخدامها بخصوص علاقتها مع الطرف الفلسطيني والعربي تجد تطبيقاتها لدى الطرف الكوردي المهيمن على القرار السياسي في أربيل. والذي يعمل مقارنة بين ما يرد في الأدبيات الكوردية المتطرفة ولغة الإعلام والسياسة الإسرائيلية لا بد أن يعثر بمفارقات تثير الاهتمام. وأني لأعتقد أن دراسة مقارنة صغيرة بين المفاهيم والتعابير الإسرائيلية التي درج السياسيون وكذلك وسائط الإعلام في إسرائيل على استخدامها وما دخل منها إلى لغة الوسائط والخطاب الكوردي كفيلة بأن تكشف مؤشرات واضحة على هذا التأثر أو بالأحرى التغلغل”.

ويضرب مثالا بعبارة ” المناطق المتنازع عليها” إذ يعتبرها مفهوما استعاره الكورد من أسرائيل في حديثهم عن الأراضي الفلسطينية ، لكن حسب معلوماتي أن كثيرا من المسؤولين الحكوميين العراقيين أيضا يستعملون العبارة نفسها ،ثم ما الضير في استعمال مصطلحات أو مفاهيم إذا كانت تعني المعنى نفسه ، ولو كرأي شخصي بحت لست مقتنعا بمفهوم ” المناطق المتنازع عليها” بل أفضل عبارة ” المناطق المستقطعة من كوردستان” ، لانها اراض كوردستانية تاريخيا وجغرافيا وسكانيا ، وما كان على الكورد إدخال مصير أجزاء مهمة من الوطن الكوردي في جدل سياسي عقيم.

ثم يقول الكاتب:

“فلا أدري كيف يمكن أن تكون هناك أراض متنازع عليها في العراق وهو دولة واحدة فدرالية اختار العرب والكورد وبقية الأقوام العيش عليها بالشراكة وما تمتع منطقة كوردستان بخيرات الجنوب النفطية إلا تعبير عن استعداد العرب للعيش المشترك فهم يخرجون ما في جوف أرضهم من ثروة ليتقاسموها مع إخوتهم الكورد بطيبة خاطر فيواجهون بطلب “فيزا” لدخول كوردستان التي هي أرض عراقية حسب الدستور وباتفاق جميع الأطراف (لا أدري إن كان السيد مقتدى قد حصل على فيزا كوردية بسهولة).)

وبغض النظر عن فكره الشمولي ، لا بأس انه كلام جميل ، ولكن الكاتب نسي، أن لقضية الاختيار في الدولة الفيدرالية شروطاً ، فإذا أخل احد الطرفين بتلك الشروط ستكون هناك إجراءات ” دستورية” للنظر في أسباب الخلل ، وإذا لم تعالج حسب الدستور ، فلا يكون لأحد أن يملي شروطه وحسب مزاجه على الطرف الآخر وتحت أي عذر كان
والسؤال هنا هل أن الدستور كتب فقط كي يفسره احد اطراف حسب مصلحته ؟او انه دستور للبلاد كلها؟

أما مسألة “الفيزا” الكوردية التي أوردها الكاتب، فهي لا تحتاج إلى كثير من التعليق..لآن طريقة إثارتها مثيرة للشفقة أكثر منه إلى ..شيء أخر! ففي اربيل والمناطق الداخلة ضمن الحدود الحالية لإقليم كوردستان هناك بناء وأعمار وهدوء وحرية وسلام ، ولا اعتقد أن أحدا يجرؤ على تغيير هذا الواقع مهما قيل …وهذه التي يسميها الكاتب ب”الفيزا” هي اجراءات جد بسيطة ، تحمي الزائر إلى كوردستان قبل أن تحمي أهل كوردستان انفسهم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات