الى الان اتذكر تلك الايام التي شن فيها اخوتنا من ابناء المذهب والوطن حملتهم الاعلامية الشعبية التشويهية ضد التيار الصدري عموما والسيد مقتدى الصدر خصوصا، والتي لم تجد في طريق انتشارها اي صعوبة او عائق، خصوصا مع توافر عوامل النشر والدعاية من خلال سيطرة الحزب الحاكم على المال والاعلام ووجود الارضية الخصبة لزرع بذرات التسقيط متمثلة بالمساحة الواسعة والكم الهائل من سذج القوم ووعاظ السلطان.
فتوزعت حينها ادوار التسقيط والتشويش بشكل مرتب ومُمنهج، فقسم رفع شعار العمالة لدول الخليج وتركيا، وقسم رفع شعار إضعاف المذهب، وقسم صنّـفنا على البعث المقبور، واخر مثلنا بالقاعدة، وكلام كثير من هذا القبيل تشمئز منه انوف الخيرين والموضوعيين والعقلاء.
حتى وصل حال البعض الى ان مثّـلَ اقليم كردستان بحاضنة الكيان الصهيوني وبوابته الى بلاد الرافدين، وقال ان ذهابكم فيه اعانة لاسرائيل.
وكم حاولنا التوضيح والتلميح والتصحيح لتلك الافكار المدفوعة الثمن والسطحية، الا ان كل كلامنا لم يجد اذانا صاغية، من تلك العقول المنخورة الهزيلة، تصوروا حتى وصل امر الاعتراض من اقرب المقربين، لا بل من اضيق الدوائر التي تحيط بالسيد مقتدى الصدر.
ولكن في النهاية شاءت حكمة الله وارادته ان تضع الامور في موضعها الصحيح، ولو بعد حين، وصنع من يتهمنا بتلك التهم نفس ما صنعنا، بل وزيادة.
فتلك قوافل المصلين من رجال دين وسياسة وشيوخ عشائر ومثقفين تحضر في نفس المسجد الذي صلينا فيه بالامس خلف اخوتنا السنة.
وهذه كابينة الدولة الحكومية باجمعها تحط رحالها في تل ابيب، عفوا في اقليم كردستان، من كبير الحزب الحاكم حتى اخر وزير في حكومته المحاصصاتية.
وشاهدنا وسائل الاعلام التي كانت ترمي علينا كيل تهمها كيف امتلأت بالتصريحات الودية والدستورية والقانونية والاخوية، بل كل كلمة فيها طابع من الترحيب والاخوة، الى اخره من المواقف المؤيدة لهذه الخطوة المتأخرة.
ولابد هنا من تكرار ما كتبته قبل يوم، من اننا مع كل خطوة يقوم بها اي فرد في هذا البلد تخدم الشعب وتصب في صالحه، من دون النظر الى عنوانه وتوجّهه وحزبه وانتماءه، مادامت تخدم العراق واهله.
وختاما ادعو من هذا المنبر الاعلامي ومن باب النصح، كل السذج الى ابدال عقولهم والنأي بالنفس عن كل القناعات الموروثة التي هي كقناعات عبدة الاصنام، والتريث بالحكم على الاخرين من دون علم او فهم، لان تكرار وقوفهم بوجه اصحاب المواقف الوطنية سيؤخر نهوض وازدهار البلد وتقدمه.
وكذلك اقول لوعاظ السلاطين، ان اقبح سيرة يجدها القارئ على مر التاريخ هي سيرة وعاظ السلاطين، او كما يحب ان يسميهم اهلنا في العراق بـ (اللوگيه)، فنصيحتي لهم هي: كفاكم سفسطة وذر للرماد في العيون من اجل كسب رخيص حرام، لانكم تعلمون جيدا ان التاريخ لن يرحم قلما كتب مدحا لظالم، والله قبل ذلك فوقكم شهيد.