18 نوفمبر، 2024 1:22 ص
Search
Close this search box.

أربعينية الإمام الحسين(ع) في التاريخ والرواية

أربعينية الإمام الحسين(ع) في التاريخ والرواية

كان جابر بن عبد الله الأنصاري (رض) ـ من صحابة رسول الله (ص) ـ أوّل من زار قبر الإمام الحسين (ع) بعد مرور أربعين يوماً من استشهاده الأليم.

يقول عَطا(رحمه الله) مولى جابر الأنصاري(رض): كنت مع جابر بن عبد الله الأنصاري يوم العشرين من صفر، فلمَّا وصلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها، ولبس قميصاً كان معه طاهراً، ثم قال لي: أمعكَ من الطيب يا عَطا؟، قلت: معي سُعد، فجعل منه على رأسه وسائر جسده، ثم مشى حافياً حتّى وقف عند رأس الحسين(ع)، وكبَّر ثلاثاً، ثم خرَّ مغشياً عليه، فلمّا أفاق سَمعتُه يقول: السلام عليكم يا آلَ الله{ بحار الأنوار98/ 329 }

عند رجوع موكب السبايا من الشام إلى المدينة المنوّرة، وصلوا إلى مفترق طريق، أحدهما يؤدّي إلى العراق، والآخر إلى الحجاز، فقالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء …
فوصلوا يوم العشرين من صفر ـ أي يوم الأربعين ـ إلى كربلاء، فزاروا قبر الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه، وأقاموا مأتم العزاء، وبقوا على تلك الحال أيّاماً.

بينما كان الصحابي الجليل جابر الأنصاري(رض) ومولاه عطا ومن معهما(رحمهم الله) يزورون الحسين (ع) إذ بسواد قد طلع عليهم من ناحية الشام، فقال جابر لعبده: انطلق إلى هذا السواد وآتِنا بخبره، فإن كانوا من أصحاب عُمَر بن سعد فارجع إلينا، لعلَّنا نلجأ إلى ملجأ، وإن كان زين العابدين(ع) فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى.
مضى العبد، فما أسرع أنْ رجع وهو يقول: يا جابر، قم واستقبل حرم رسول الله (ص)..هذا زين العابدين قد جاء بعمَّاته وأخواته.
فقام جابر يمشي حافي القدمين، مكشوف الرأس، إلى أن دنا من الإمام زين العابدين، فقال(ع) له: أنْتَ جابر؟، قال: نعم يا ابن رسول الله، فقال الإمام (ع): يا جابر هاهُنا واللهِ قـُتلت رجالُنا، وذ ُبحِت أطفالُنا، وسُبيَت نساؤنا، وحُرقَت خِيامُنا {لواعج الأشجان: 241}

وهنالك عدة روايات تؤكد أهمية زيارة الأربعين ، على لسان الرسول(ص) وأئمة آل البيت (ع) ومنها:
1ـ قال رسول الله(ص): إنّ موسى بن عمران سأل ربّه زيارة قبر الحسين بن علي، فزاره في سبعين ألف من الملائكة {مناقب آل أبي طالب3/ 272}
2ـ قال الإمام الباقر(ع) : مروا شيعتنا بزيارة الحسين، فإنّ زيارته تدفع الهدم والحرق والغرق، وأكل السبع، وزيارته مفترضة على من أقر له بالإمامة من الله{مناقب آل أبي طالب3/ 272}
3ـ قال الإمام الصادق (ع): وليس من ملك ولا نبي في السماوات إلاّ وهم يسألون الله أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين(ع) .. ففوج ينزل وفوج يعرج {الكافي: 588}
4ـ قال الإمام الصادق(ع): وكَّلَ الله بقبر الحسين أربعة آلاف ملكاً شعثاً غبراً يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفاً بحقّه، شيّعوه حتّى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة وعشياً، وإذا مات شهدوا جنازته، واستغفروا له إلى يوم القيامة {مناقب آل أبي طالب3/ 272}
5ـ قال الإمام الكاظم(ع) : من زار قبر الحسين عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر {مناقب آل أبي طالب3/ 272}
6ـ قال الإمام العسكري (ع): عَلاماتُ المؤمن خمس: صلاةُ إِحدى وخمسين، وزيارةُ الأربعين، والتخَتّم في اليمين، وتعفير الجَبين، والجهر بـ(بِسْم اللهِ الرحمن الرحيم){بحار الأنوار: 98/ 329}
عليه ؛ فالمسلمون الشيعة في العالم يحيون هذه الذكرى الأليمة على قلوبهم ، ويعبّرون عن أسفهم الشديد لعدم بلوغهم شرف نصرته في نهضته التصحيحية الإصلاحية المباركة ضد السلطة الأموية التي انحرفت عن المنهج الرسالي القويم لله تعالى ورسوله الأعظم(ص).
ما أحرانا ـ نحن المسلمين ـ أن نجعل من هذه المناسبة المقدسة فرصة لتصحيح وإصلاح التوجهات الإسلامية التي انقلبت على الله تعالى ورسوله الكريم(ص)بقوله تعالى :
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ،أ َفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ،وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا،وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144ـ آل عمران)
 وهكذا تنبأ الوحي الأمين(ع)مخبراً نبي الله محمد(ص) بأن الأمة الإسلامية ستنقلب على العهد الذي وصّى به الله تعالى على لسان نبيه الكريم(ص) بأنَ الإمامة امتداد إلهي للأديان السماوية ، فالله تعالى الخبير البصير ، لا يمكن أن يترك حبل القياد في الأمّة على غاربها ، كي تتلاطم الآراء والسنن والتفاسير القرآنية في ما يستجد من الأحكام الشرعية الدينية والدنيوية ، دون أن يخلف في الأمّة وريثاً موضوعياً للرسالات، فكانت خطبة الوداع .. وكانت بيعة الغدير ، إلا أنَّ الأمّة الإسلامية اختارت شورى الأمّة على شورى الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم(ص) ، فترنحت تحت نير الشبهات،وغرقت في أتون الفرقة والانقسامات التي أفرزت عبر التاريخ أشكالاً من العنف والضغينة والحقد،امتدت إلى أقدس المقدسات الإنسانية والدينية،ومنها ذبح الطفل الرضيع عبد الله بن الحسين(ع) وذبح أبيه الحسين بن فاطمة الزهراء(ع) بضعة نبيهم المصطفى خاتم الأنبياء(ص) ، وانتهالك حرمة آل بيت النبي محمد (ص) في العاشر من محرم الحرام عام 61 هج .. قبل أربعين يوماً من ذكرى زيارة الأربعين الخالدة عام 61هج ولازالت ، فإليها تخطو الخطى ، ويشد الرحال، وعليها تذرف العيون الموالية دماً لا دموع، لأنها كعبة النهوض والتحدي الخالد .. كربلاء المقدسة!
السلام على الحسين .. السلام على أخوة الحسين .. السلام على أبناء الحسين .. السلام على أنصار الحسين .. السلام على محيي ذكرى أربعينية الإمام الحسين منذ عام 61 هج إلى يوم القيامة ؛؛؛

أحدث المقالات