لو استرجعنا التاريخ، واستعرضنا تاريخ عدد من الانبياء صلوات الله عليهم اجمعين سنجد ان لكل نبي انصار او حواريون يؤمنون به ويدافعون عن رسالته ويدعون الناس لنصرته فمنهم من يتمسك بما امن به ومنهم من ينقلب، ولعلنا لو استوقفنا قليلا عند قصة نبي الله موسى عليه السلام مع اصحابه سنجده سلام الله عليه ذهب الى ميقات ربه واستخلف على شعب بني إسرائيل أخاه هارون فلما استكمل الميقات ثلاثين ليلة أمره الله أن يمسك عشراً أخرى فصارت أربعين ليلة فلما أتم الميقات أعطاه ربه التوراة، لكنه حينما رجع لقومه فوجئ بان السامري صاغ لهم عجلاً وهم يرقصون حوله ويفرحون ( فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ) أي ان موسى نسى ربه عندنا وذهب يطلبه ولكن الله هنا (يقصدون العجل) وتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ولما رأى ما هم عليه من عبادة العجل ومعه الألواح المتضمنة التوراة ألقاها ثم أقبل عليهم فعنفهم ووبخهم.
وكذلك الحال لو استوقفنا عند قصة ولادة نبي الله عيسى عليه السلام سنجد بأن مريم عليها السلام تركت قومها وبعد أربعين يوما حملت بابنها عيسى عليه السلام وعادت إلى الناس وانها كانت مأمورة بأن لا تكلم احدا ذلك اليوم وانما سيجعل الله عيسى يتكلم ليؤمن به قومها وفعلاً تكلم عيسى في المهد وكانت أول معجزة له وبعد ذلك ذهبت مريم إلى المعبد وقد سخر منها رهبان المعابد وكذلك قومها الا زكريا آمن بقصتها وأيدها اذ اتهمها الرهبان وقومها بأنها صارت امرأة فاسقة وأنها لمست رجلاً غريباً من دون زواج.
ولعلنا في القصتين اعلاه نلمس وجود عامل مشترك بينهما يدور حول امد زماني مدته (اربعين يوما) ولعل في هذا الرقم اسرار لاندركها وكذلك في تلك المدة الزمنية امور لها متعلقات تخص نفسية الانسان مابين الثبات او التغير او ربما هي الفترة الزمنية الكافية لمرحلة التغيير والتحول في النفس البشرية اذ اشارت كتب التفسير ان خلقة الانسان تكتمل في اربعين يوما وهي المدة التي تتحول فيها النطفة الى علقة، وكذلك الحال ان البرنامج العملي للبناء الروحي والذي يقصد من خلاله الاخلاص لله تعالى يستكمل باربعين يوما وهذا ما اكده الحديث الشريف الوارد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): “من أخلص لله أربعين صباحاً جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه وانطق بها لسانه، وتشير الدراسات ان الانسان عندما يداوم على الاستغفار والصيام واكل الحلال اربعين يوما او مايطلق عليه (الأربعينيات) فانه تنفتح أمامه أبواب العالم الغيبي وتنكشف لديه أسرار وعجائب وغرائب، فيرى رؤيا الحق ويسمع ما لم يكن يسمعه ويرى ما لايراه الآخرون.
ولعلنا عند استذكار هذا الرقم يتبادر الى اذهاننا قضية الامام الحسين عليه السلام وزيارة الاربعين اذ انه بالرغم من الاوامر الصارمة التي فرضتها الحكومات الاموية والعباسية وما اعقبها لمنع زيارة قبر الامام الحسين عليه السلام خصوصا في ذكرى الاربعين فاننا لم نجد مؤرخ واحد يذكر لنا نجاح تلك الحكومات في صد محبيه عن زيارة قبره الشريف حتى في ظل تشديد ضريبة الزيارة بجباية اموال كبيرة والقتل وقطع الاعضاء وغيرها حتى وصل الحال ليومنا هذا الذي اصبحت الضريبة به القتل بشكل جماعي عن طريق سيارات مفخخة وعبوات ناسفة لكن هذا الامر لم يثني محبيه رغم مرور 1400 عاما بل زاد محبيه اصرار وتمسكا وتعلقا بزيارته فارتفع عدد الملهوفين والعاشقين لشم رحيق قبره الشريف يتضاعف عاما بعد عام حتى تجاوز العشرة بل العشرين مليونا معاهدين الله بعبارة (ابد والله يازهراء لن ننسى حسينا)