19 ديسمبر، 2024 1:08 ص

أربعونَ عاماً على قيامة إيران

أربعونَ عاماً على قيامة إيران

قُمرَة كاميرا Qumrah Camera بصريّات أوَّل علّامة المُسلِم الموسوعيّ أبُ عليّ الحَسَن بن الحسن بن الهيثم البصري (وُلِدَ في أوَّل حاضِرَة في الإسلام البصرَة (354- 430هـ 965- 1040م) إسهاماته في الرّياضيّات والفيزياء وعلم الفلك والهندسة وطب العُيون والفلسفة العِلميَّة والإدراك والعُلوم عامَّة بتجاربه أجراها بالنهج العِلمي، وله العديد مِن المُؤلّفات والمُكتشفات العِلميّة التي أكّدها العِلم الحديث.

مصطلح «كاميرا» في اللُّغات الأُورُبيَّة مِن العربيَّة «qumrah» (بالعربية قُمرَة) تعني المكان المُظلم المُغلق، ترجمة لـ”الغرفة المُظلمة” التي استخدمها ابن الهيثم في تجاربه البصرية التي دخلت اللُّغات الأجنبية بمعنى (غرفة) بالتحريف الآتي Camera وظلَّت قيد الاستخدام بهذا المَعنى على مَدى قرون حتى اختراع قُمرَة التصوير فشاع استخدامها لوصف الآلة المعروفة يُعرّفها المُنظّر الاميركي Gerald Prince المولود في الاسكندريَّة بمصر في 7 تشرين الثاني 1942م بأنها زاوية مساقط حُمولَة الضَّوء للرُّؤية. والرّائيّ الرّاويّ اتباعاً أو إبداعاً، أداة مُتلقي الرُّؤية، بتوصيف الفيلسوف الوجوديّ الظّاهراتيّ الحِسّيّ الفرنسيّ Maurice Merleau-Ponty الذي وُلِد في غال فرنسا Rochefort في 14 آذار قبل عَقد وقَرن عام 1908م وتُوفي في مِثلِ هذه الأيّام الرَّبيعيَّة 4 أيار 1961م.

د. فاضل عوّاد، مولود بغداد عام 1942م خرّيج الجّامعة المُستنصريَّة- أدب عربيّ، أوَّل مُطرب يُرشّح لانتخابات البرلمان العِراقيّ الشَّهر المُقبل ضِمن قائِمة نائِب رئيس الجُّمهوريَّة د. أياد علّاوي، كلاهُما غادَر العِراق، عوّاد هاجرَ في العَقد الأخير للقَرن الماضي بحثاً عن فرصة عمل هروباً من ظروف الحصار الاقتصادي آنذاك، والمُضايقات التي تعرَّض لها من عدي، النجل الأكبر للمخلوع صدّام، حيثُ حصل على عقد عمل في ليبيا أُستاذاً للُّغة العربيَّة والتقى المخلوع القذافي ليعزف له مُنفردَاً على آلَةِ العُود ويستجيب لطَلَبه بأن يُغني له اُغنيته التي اشتهرَ بها (لا خبَر). يقول:

“ليست لديَّ حملة انتخابيَّة واسعة، حملتي تقتصر على المُقرَّبين، وتعليق بعض الصُّور في بغداد، أظن أن جُمهوري العِراق كُلّه، ليسَ لَديَّ أيّ منحى طائفي، فأُمّي مِن أُصول شيعيَّة ووالدي مِن أُصول سنيَّة. كان المُعوَّل أن نعود إلى العِراق مرفوعيّ الرَّأس بعد زوال نظام صدّام، لكن انظر حال الفنانين الأليم اليوم، ذات مرَّة فكرت وزارَة الثقافة في تكريمنا، وكُلّ ما حصلنا عليه 500$ دولار، ذلك شيء غير لائق، الفنانة زهرة الرُّبيعي شملها التكريم وقتها، وكانت مُصابة بمرض السَّرطان، وليس لمبلغ التكريم أيّ قيمة في عمليَّة العلاج، إن كتب لي النجاح سأدافع بقوَّة عن هذا الشَّريحة المُبدعة والمظلومة”. ويؤكّد أنه كره السّياسة واعتزلها مُنذ ستينات القرن الماضي أيّام الصّراع الدّامي بين القوميّين والشُّيوعيّين والناصريّين، “وإذ أعود هذه المرَّة فلأنني أرغب في الدّفاع عن المظلومين وليس حُبّاً بالسّياسة”.

https://www.youtube.com/watch?v=pO9-OpUJqy4

مِهرجان القُمرَة QUMRAH FESTIVAL السّينمي في البصرة يكرم الفنانة الرائدة سيتا هاكوبيان


https://www.youtube.com/watch?v=4bQnbv6SR2Y

الأمرُ مُختلف في عِلاج (التَّؤامين السّياميّين) العِراق وإيران ليسَ فقط لجهة موقف إيران مِن نسخة « بعث » مِسخ احترقت في العِراق وأصل بقيَت في الشّام، وقد وصف نائب رئيس الجُّمهوريَّة، نوري المالكي، العلاقات الثقافيَّة الثنائيَّة بين بغداد وطهران بأنها علاقات عريقة وليست وليدة الآن، في حين شدَّد وزير الثقافة والارشاد الإيراني، عبّاس صالحي، على ضرورَة توطيد العلاقات الثقافيَّة التاريخيَّة بين البلدين الجّارين العِراق وإيران والحفاظ على التاريخ البينيّ المُشترك.. وفق زاوية رُؤية المبدأ الطّبي:

“ لكُلّ حال عِلاج يستوجبه Every case should be treated on its merits ”. راجع شهادةَ وزير خارجية فرنسا الأسبق لوران ديما Roland Dumas في مُقابلة تلفزيّة مع المحطة الفرنسيَّة (LCP)، لما جرى في سوريا مُنتصَف حزيران 2013م، قال: “ كُنتُ في بريطانيا لأعمال اُخرى قبل عامين مِن بَدء العُنف في سوريا. التقيت كبار المسؤولين البريطانيّين الذين اعترفوا أنهم يستعدون لشيء في سوريا… كان ذاك في بريطانيا وليس في أميركا. كانت بريطانيا تُنظم المُتمردين لغزو سوريا. طلبوا مِني إنْ رغبتُ المُشارَكة رُُغم أني لم أعد وزير الشّؤون الخارجيَّة،… بطبيعة الحال رفضتُ، وقلت أنا فرنسي لا مصلحة لي في هذا الشَّأن ”. ولقطة مُترجَمة إلى العربيَّة Former French Foreign Minister: The War against Syria was Planned Two years before “The Arab Spring”:

http://www.globalresearch.ca/former-french-foreign-minister-the-war-against-syria-was-planned-two-years-before-the-arab-spring/5339112

https://www.youtube.com/watch?v=qe98iMZXUPs

وخطاب السَّفير السُّوري د. بشار الجَّعفري في مجلس الأمن الدّولي في 12 نيسان 2017م:

أربعون عاماً على صيفُ 1978م قامت الثورَة الإسلاميَّة الشَّعبيَّة الإيرانيَّة، وتُوفيّ عامذاك الفيلسوفُ المُستشرق الفرنسيُّ Henry Corbin (مولود عام 1903م) المُهتم بدراسة الإسلام الشّيعيّ وترجم وحقق وعلَّق على أُمّات الكُتب بهذا الاتجاه للسّهروردي وابن عربيّ وصدر الدِّين الشّيرازي، وابتدَعَ مُصطَلَح خاصّ بإسلام «الجُّمهوريَّة الإيرانيَّة» وَليدَة تلكُمُ الثورَة الَّتي انتصَرَت رَبيع العام التاليّ، تبعه في ذات الاهتمام المُنظّر الفيلسوف عالِم االجتماع الشُّيوعيّ الفرنسي Henri Lefebvre (1991-1901م) ومُواطنه رَجاء روجيه غارودي، الَّذي كان أيضاً شُيوعياً لكنه اعتنق الإسلام. فيما قامت لاحقاً الثورَةُ الشَّعبيَّة المصريَّة. رواية «جُمهوريَّة كأنَّ» للكاتب “ علاء الأسواني”، كانت عملاً سياسيَّاً خالصاً ناقش اندِلاعها وانحسارها السَّريع، ومسبباتها وتباين مواقف الشَّعب المصريّ مّنها، صدرَت رواية «جُمهوريَّة كأنَّ» عن دار الآداب لبنان في 522 صفحة قطع مُتوسط. الإمبراطورة فرح قرينة آخر مُلوك فارس بهلوي المخلوع بالثورَة دفين مصر، تلقت تعليماً فرنسيَّاً هجيناً انسَجَم وأمثال أحد رعاياها؛ داريوش شايغان Daryush Shayegan (2 شباط 1935-22 آذار 2018م) أوَّل مَن استخدم مُصطلح حوار الحضارات في مُؤتمر عُقد في عاصِمتها طهران قبل عام قيام الثورَة 1977م، أصدرَ عام 2012م كتاباً بالفرنسيَّة موسوم بعُنوان «الوَعي الهجين La Conscience métisse» حصل عام 2011م على الميدالية الفرانكوفونيَّة في الأكاديميَّة الفرنسيَّة، وكِتاب له آخر بالفرنسيَّ أيضاً عُنوانه L’Ame poétique persane. ووَضع مجموعة مِن المُؤلفات باللُّغة الفرنسيَّة، نُقل عدد مِنها إلى العربيَّة ثلاثة مِنها عن دار الساقي «النفس المبتورة: هاجس الغرب في مُجتمعاتنا» (1991)، «أوهام الهُويَّة» (1993)، «ما الثورة الدِّينيَّة؟ الحضارات الأصيلة في مُواجهة الحداثة» (2004) وكتاب عن دار الهادي «الأصنام الذهنيَّة والذاكرة الأزليَّة» (2007). فرح بهلوي مُنتصف سبعينات القَرن الماضي، دعته إلى الانضمام إلى «المركز الفلسفي الملكي» الذي كان حديث النشأة آنذاك، وكان يتولى تنسيق أعماله وأنشطته سيّد حسين ناصر، السّكرتير الخاصّ للإمبراطورَة فرح، والأكاديمي والباحث البارز في المذهب الشّيعي. كذلك كان من بين الشعراء الآخرين، الذين انضمّوا إلى المركز، بعض رجال الدِّين، الذين أصبح بعضهم لاحقاً من الشَّخصيّات القياديَّة في الثورَة، بينهم حُجَّة الإسلام مُرتضى مُطهري وأحمد فرديد، الذي كان مُؤمناً بفكر هايدجر، ووصل إلى مكانة بارزة في نظام الثورَة، مُصطلح «حوار الحضارات» اعتمده لاحقاً الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي. فضلاً عن استقطاب «فلاسفة» غير إيرانيين أيضاً إلى ذلك المشروع. ومايزال كِتاب شايغان السّياسي، الذي يحمل عُنوان «ما هي الثورَة الدِّينيَّة؟»، من الأعمال الاجتماعيَّة السّياسيَّة التي رصدت حالة الارباك التي هيمنت على الكثير مِن الدُّول ذات الأغلبيَّة المُسلمة في خضم محاولتها لتجاوز تحديات العالَم الصّناعي العصري، وما بعد الصّناعي، الذي لم تساهم في بنائه أو تكوينه؛ وقد حقق شايغان لاحقاً في هذا الموضوع في كل مِن «نظرَة مُشوَّشة» (1996)، و«فصام ثقافي: المُجتمعات الإسلاميَّة في مُواجهة الغرب» (1997) اللذين أثارا الكثير مِن الجَّدل في العالَم الإسلامي. في نهاية العَقد الأخير للقَرن الماضي، وبعد إدراك شايغان الثورة الإسلاميَّة، انضم إلى حركة «مُؤيدي الثقافة الغربيَّة» الفارسيَّة التي تمتد لقرنين، التي كانت ترى أن إيران لن تتقدم إلّا إذا تبنت قيم عصر النهضة وما نتج عنها من ديمقراطيَّة. أثمر ذلك كتابه «النور يأتي مِن الغرب» الذي نشر عامي 2003 و2015م. أغلقت الثورَةُ الجّامعات الإيرانيَّة لعامين مِن أجل «تطهيرها»، فوجد شايغان نفسه بين آلاف مِن الأساتذة والمُحاضرين الذين تم استبعادهم «لأنهم ليسوا مُسلمين بدرجة كافية». ورأت لجنة الثورة الثقافية، التي كان يرأسها جلال الدين فارسي، ومن أعضائها عبدالكريم سروش، الفيلسوف الإسلامي الذي تلقى تعليماً بريطانياً، ضرورة خضوع مَن تمَّ استبعادهم مِن الجّامعات إلى خطة إسلاميَّة لإعادة تأهيلهم وتعليمهم حتى يعودوا إلى التدريس في الجّامعة. في حين اختار الكثيرون المنفى مُفضلينه على الخطة، قرر البعض الآخر البقاء في إيران، لكن مع تجنب لفت الأنظار، كان شايغان مِنهم. المفارقة في دعم شايغان لـ«الثورَة الإسلاميَّة» لفترة قصيرة، وقوله إنَّ «آية الله الخميني، زعيم الثورَة المُناهضة للشّاه، ربما يكون (غاندي الإسلام)». تسببت رؤية الفيلسوف للثورَة في ابتعاد الكثير مِن أصدقائه عنه.

أحدث المقالات

أحدث المقالات