23 ديسمبر، 2024 12:10 ص

 أرأيت “يا هذا” كيف ينفع “الزيدي” الأبيض ليوم “عكاشة” الأسود

 أرأيت “يا هذا” كيف ينفع “الزيدي” الأبيض ليوم “عكاشة” الأسود

قليلة هي القنوات الّتي تخرج عن طورها في بعض الأحيان وبحسب النبض العام أو الخاص , والعام دائما ما يتدخّل في الخاص فيؤجّجه من داخله, وهذا الّذي يحصل لمن يجتاز “النصّ” وعادةً ما يتفاعل المشاهد مع من يخرج عن النص خاصّةً مع من يكون ذو ثقافة ووعي ويعرف عن ماذا يتحدّث لذلك وإن تحدّث بحرقة فمن قلبه , والإنسان بلا قلب لا حياة في حديثه مهما استعمل من عبارات طنّانة ومنمّقة فحتماً ستكون متملّقة لذا فستكون ليست بذي فاعليّة وقد تعوّدت الآذان على المتملّقين فتستغرب كلام غيرهم وإن كان واقع حال , فمتحدّثون من هذا الطراز الخاصّ “المتمرّد” وردوا على طريق الاعلام العربي أو العالمي , ومن الممكن يكون أشهرهم عندنا برأيي “حمدي قنديل” عرفناه عن قرب من خلال برنامجه “رئيس التحرير” ثمّ  “قلم رصاص” وقد طورد هذا الإعلامي مع برنامجه من قبل رئيس مصر الأسبق محمّد حسني .. “ديودونيه” لن يكون آخر الصحفيين الغربيين الاحرار يُعتقل فقد اعتقل قبله اعلاميّون غربيّون متمرّدون قسم منهم نقل إلى أتون حروب كمراسل حربي فقتل , فالّذي يفرح حقّاً أنّك تسمع نقداً لاذعاً , فالعمليّة أشبه بفرح جمهور يشاهد فلم لعصابة تسرق بنكاً , فقلوب المشاهدين عادةً ما تكون مع سُرّاق البنك لا مع “البوليس” أو الشرطة , وهذا أمر ظروفه النفسيّة معروفة وإن كانت بحاجة لتحليل أعمق , فكذلك الصحفي “المتمرّد” يُعجب دائماً حتّى الأميرات يهمن بالمتمرّد ك”روبن هود” مثلاً , أمّا “خالف تُعرف” هذه فعادةً ما يلجأ إليها من يريد موضوعاً مثيراً ليس شرطاً نقداً موضوعيّاً جريئاً ,
وذلك ما يعمل عليه الاعلام الغربي وبجميع توجّهاته اليوم فنجد أشهر من يطبّل للّذين يطلبون الإثارة لأجل الإثارة فقط , وهو السائد حاليّاً ومنذ سقوط دولة “الشيوعيّة” تحديداً , فلذلك لا نجد اليوم في الاعلام العالمي فرقاً يُذكر بين دعاية لبضاعة تجاريّة ما وما وبين دعاية لناخب أو دعاية لمنافس على كرسيّ حكم , ووسط هذا الخضمّ من الغيبوبة النقديّة الاعلاميّة اللاذعة تجد لمن يتبنّا موقعاً منها بسبب اختراق ظرفي معيّن كما حصل مع الربيع العربي مساحة انتشار واسعة جدّاً والسبب ندرة مثل هذه الأصوات  ولذلك اشتهر توفيق عكاشة “لسباحته ضدّ التيّار” نوعاً ما في ظروف خدمته بحكومة غير مستقرّة يدعوا لتثبيتها فيجد منها دعماً وبين خصوم لا يألون تفجيره بانتحاري بأيّة لحظة , وجمهور العراق من بين المتابعين له بشغف بعد أن تركوا الإيقاع الاعلامي الحكومي الرتيب والكاذب والمملّ بفضائيّاته الحزبيّة والسلطويّة والمناهزة على الثلاثين فضائيّة تقريباً , لذلك انتشرت “رزالة” عكاشة الناشفة واللاذعة للعراقيين كالنار في الهشيم أراد بها إيقاظهم من مهانتهم والإذلال اليومي الّذي يتعرّضون له من قبل الثلاثي ـ الأحزاب الدينيّة وإيران وأميركا ـ وهي حقيقة لكنّها مستفزّة لمباشرتها الفجّة الّتي ساقها عكاشة “صلياً” كالرصاص دون أن يرفّ له جفن .. لكنّ الرجل وللأمانة قالها وسط سياق عام لا بإقحام لكنّ هذا لربّما لا يمنع أن تكون لترسّبات نفسيّة معيّنة ضدّ العراقيين في داخله أو ضدّ العراق دخلاً فيها ولو بكمّيّة قليلة تكفي فقط للتحفيز .. باعتقادي , إن صحّت بعض “من نيّة مبيّتة” لديه فبسب ما صرّح به السيّد “الفقي” مستشار حسني مبارك حين وصف الشعب العراقي في حلقة من حلقاته الفضائيّة بأنّه “أشجع شعوب الأرض” , وكان وصف الفقي يطلقه باندهاش واضح ونتاج معايشة عن قرب للشعب العراقي ممّا أسكت الكثير من الأصوات العربيّة الاعلاميّة أو حتّى الكثير من الأصوات الشعبيّة العربيّة بعد أن ظنّ الجميع أنّ شعب العراق أجبن شعوب الأرض لسكوته المهين عن الاحتلال وخنوعه لحكومات طهران المنصّبة على رقابهم بعد أن منعت أميركا الفضائيّات من نقل أخبار المقاومة العراقيّة الّتي هزمت أميركا ما سبّب ما يعانيه الغرب منها اليوم من أزمات مصيريّة وصعود دول لحجمها الدولي المفقود , ولعلّ أكثر ما هزّ العالم , وهو برأيي الأبرز شجاعةً على مستوى العصر الحديث , هي الضربة القاتلة بحذاء من النوع المميت الّتي وجّهها الإعلامي العراقي منتظر الزيدي لرئيس أقوى دولة شهدها الجنس البشري فتركت أثراً عميقاً لدى شعوب الأرض قاطبةً أوّلاً , وثانياً أسكتت تلك الضربة الهائلة الحجم والمدوّية وإلى الأبد الأفواه المغرضة القائلة بعدم وطنيّة “شيعة” العراق وأخرستها بعد أن ظنّ الجميع أنّ المقاومة العراقيّة البطلة الّتي هزمت أميركا وجعلها تلوذ بالفرار محصورة في المناطق “السنّيّة” فقط .. لكنّنا في الوقت نفسه لا يمنعنا كلّ ذلك من الدفاع عن أنفسنا كعراقيين ضدّ الاتّهام الموجع “الموقظ” ,
إذاً فبماذا سنجيب السيّد الدكتور عكاشة , هل سنجيبه ب “عادة الانتخابات” الّتي أصبحت كذلك في العراق حين ينتخب العراقيّون نفس الوجوه مع كلّ دورة رغم ادّعائهم “بورطة انتخابهم السابقة” لهم بعدما تقع الفاس بالرأس , نجدها لم تقع ولا يحزنون , فسرعان ما يذهب نفس الشعب زرافات ووحداناً ثانيةً وثالثة ودون اكتراث وكأنّهم في يوم المحشر لدخول الجنّة فينتخبون نفس الوجوه الاجراميّة الّتي أوقعت الفأس برؤوسهم وكأنّهم يدعونهم للمزيد من السرقات “وكأنّهم يريدون تكملة فلم لعصابة من السرّاق تسرق بنكاً ويطاردهم البوليس” وحتّى وإن تغيّرت الوجوه في دورة أخرى فسينتخبون من سار على خطاهم من أبطال فلم جدد وكأنّ هذا “الصندوق” زيارته من موجبات الإيمان وكأنّه ركن جديد من أركان الإسلام , يدارون , نعم الشعب يداري ويصدّق أيّ من يزيح عنه مهمّة التفكير فيفكّر بدلاً عنه أو يتحمّل أعباء الالتزام الأخلاقي بدلاً عنه ولا نريد توصيف هؤلاء الناخبون بوصف موجع أكثر! فهم ؛ مصداقاً للآية الكريمة “فنبذوه وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون” .. الشعب العراقي , وكما شخّص ذلك الدكتور محمّد الورد بأنّه ليس هو هذا شعب العراق , كان شعباً عراقيّاً خالصاً ولغاية 250 سنة , بعدها لم يبق إلاّ القليل منه اليوم , لقد طغت عليه الهجرات المكثّفة والمتتالية من الريف والبداوة  إلى المدن .. نعم أعتقد كلام الورد يحمل مصداقيّة , ليس العيب في الهجرات برأيي , لكن بكمّيّة الهجرات من وإلى المدن بما لم تعد المدن العراقيّة وبغداد تلحق استيعابها لهجرة كي تلحق على أخرى , بل تلاحق الهجرات بكثافة تأثيرها كان على العكس هي من أثّرت على العاصمة والمدن فحدث ما حدث كان أبرز علاماتها ضعف في الوطنيّة والنزوع للطائفيّة باستجابةً سريعة لها ومن أوّل “إشارة”.