أستهلال :
أذا كان القرأن هو كلام الله ، فهذه الأحجية يترتب عليها ما يلي ، فبما أن المسيح عقائديا هو كلمة الله حسب المعتقدات المسيحية والأسلامية ، فبالنتيجة أذن .. ” أن القران هو كلام المسيح ” ، وهذا المستحيل بعينه ، والدليل على ذلك النصوص الأنجيلية التي تؤرخ حياة المسيح ، سيرة وفعلا وقولا وحكما ومواعظا و.. ، والتي تخالف وتناقض عقيدة القرأن ، وهذا ما سنتطرق أليه في المحور الثالث الوارد بهذا البحث المختصر .
المقدمة :
في هذا الموضوع ، سأعتمد المحاور التالية ، المحور الأول – القرأن كلام الله ، حسب المعتقد الأسلامي ، ونقلت ما جاء بهذا الصدد وفق بعض المراجع الأسلامية ، المحور الثاني – المسيح كلمة الله وفق ما جاء في النصوص المسيحية والأسلامية ، المحور الثالث – ويضم قراءتي الخاصة للموضوع ، ثم خاتمة للبحث .
المحور الأول :
حسب المعتقد الأسلامي ، أن القرأن هو كلام الله ، ولا يأتيه التحريف أو الشك أو الخطأ أو.. ، لأنه محفوظ من قبل الله نفسه ، وقد جاء في موقعي / مركز الفتوى و الأسلام سؤال وجواب – أجمالا ونقل بتصرف ، الأتي حول هذا الموضوع : (( وأما كون القرآن كلام الله حقًّا فهذا مما لا شك ولا ريب فيه ، وإن الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على ذلك كثيرة جدًّا ، منها : 1- أن الله تعالى تحدَّى الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن فعجزوا قال الله تعالى : ” قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظهيرا {الإسراء:88} ” ، وقال أيضًا : ” أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {هود:13} ” ، وقال سبحانه : ” وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {البقرة:23} ” . 2- أن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ كتابه عن التحريف والتبديل والزيادة والنقصان ، فقال عزَّ من قائل : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ / سورة الحجر . ” 3- أن البشر مهما أوتوا من العلم والفهم وقوة الإدراك ، فلا بد أن يقع منهم الخطأ والسهو والنسيان ، قال عزَّ من قائل : ” أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كثيرا {النساء:82} ” ، وقال أيضًا : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ {فصلت : 41 ، 42} ” . 4- بلوغ القرآن الغاية في البلاغة من أوله إلى آخره بلا تفاوت ، حتى في ذكره للأحكام والحدود ؛ مما يدل على أنه ليس بكلام البشر . 5- الإعجاز الباهر الذي اشتمل عليه القرآن في أمر التشريع . 6- إخبار القرآن بأمور غيبية لا يمكن للعقل أن يستقل بإدراكها ، 7- ما حكاه القرآن عن أخبار الأمم الماضية وتفاصيل ما حصل لهم مما لم يكن الوقوف عليه لولا ذِكره في القرآن … )) ، هذا ملخص ما ورد في هذين الموقعين بهذا الخصوص !! ، وسوف لن أناقشها ولن أحاججها لأن هذا ليس موضوعنا الذي نحن بصدده .
المحور الثاني :
المسيح كلمة الله حسب المعتقد الأسلامي : فقد جاء في lkalema.net/alahwahedfisalos/1×36.ht
(( يشهد القرآن بكل وضوح أن المسيح هو كلمة الله . يتضح ذلك مما يلي : 1_سورة النساء آية 171: ” إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته . 2_سورة آل عمران آية 39: ( إن الله يبشرك بيحيى / أي يوحنا المعمدان ، ( … مصدقاً بكلمة من الله ) . 3- وقد فسر الإمام أبو السعود ذلك بقوله ( مصدقاً بكلمة الله أي بعيسى عليه السلام … إذ قيل إنه أول من آمن به وصدق بأنه كلمة الله وروح منه . 4- وقال السدى : لقيت أم يحيى أم عيسى فقالت يا مريم أشعرت بحبلى ، فقالت مريم وأنا أيضاً حبلى ، قالت ( أم يحيى ) إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك فذلك قوله تعالى ( مصدقاً بكلمة من الله ) . ( تفسير أبى السعود محمد بن محمد العمادي ص 233 ) . 5_ سورة آل عمران آيه 45 ” إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم ” ولعلك تلاحظ إشارته إلى الكلمة ” بضمير مذكر في قوله بكلمة منه اسمه ” ولم يقل “بكلمة منه اسمها “. أليس في ذلك دلالة واضحة على أنه لا يقصد بها مجرد كلمة عادية بل إن كلمة الله الذي لا تنفصل عنه قد تجلى في جسد المسيح وهذا ما يؤكده أحد علماء المسلمين وهو : 6- الشيخ محي الدين العربي ، إذ قال : الكلمة هي الله متجلياً وهي عين الذات الإلهية لا غيرها . ( كتاب فصوص الحكم الجزء الثاني صفحة 35 ) . وقال أيضاً ” الكلمة هي اللاهوت ” / صفحة 13 . )) .. أما في موقع ” أتباع المرسلين ” فقد جاء التالي / نقل بتصرف (( فقد لقب إبراهيم خليل الله ، وموسى كليم الله ، أما المسيح فافضل من كل هؤلاء…إنه الكلمة لا الكليم . يؤمن المسلمون أن القرى كلمة الله مسطور فى معانى ويؤمن المسيحيون أن المسيح كلمة الله متجسدا فى بشريتنا والمسيح هو الوحيد الذى لقب باسم كلمة الله فى الأنجيل والقرآن . لذا فموسى كلم الله فما لأذن ، وسمع صوته ذاته فى عوسجة تحترق ، وأخبر بنى إسرائيل بما سمع وبما رأى . ومحمد كان يخبر شعبه بما يأتيه من الله عن طريق جبريل ، أما المسيح فنطق من ذاته ، لا عن طريق جبريل كمحمد ولا بما سمعه كموسى . لكن ليس المسيح كلمة الله لأنه نطق بكلمة الله أو لأنه خلق بمنطوق كن من الله. إنما المسيح كلمة الله لأنه عقل الله الناطق ونطق الله العاقل . وكعدم انفصال العقل عن صاحبه وكان أرتباط المسيح بالله الآب فى وحدة ثالوثية ” وهؤلاء الثلاثة هم واحد” (1يو5: 7). يرى القرى فى السيد المسيح أنه ( كلمة الله وروح منه ) . )) .
** المسيح كلمة الله حسب المعتقد المسيحي : أعتقد أن أنجيل يوحنا يعطينا ملخصا ونتيجة لكل تساؤلاتنا ، فالأية التالية ، هي الجواب ( فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ الله .أنجيل يوحنا 1:1 ) ، أما في موقع www.thegrace.com/magazine/issue01/a_quira.htm – نقل بتصرف ، فيعطي شهادة يوحنا المعمدان / يحيى ، حول الموضوع .. (( في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله . هذا كان في البدء عند الله . كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان . فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس . والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه كان انسان مرسل من الله اسمه يوحنا . هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته . لم يكن هو النور بل ليشهد للنور . كان النور الحقيقي الذي ينير كل انسان آتيا الى العالم . كان في العالم وكوّن العالم به ولم يعرفه العالم . الى خاصته جاء وخاصته لم تقبله . واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه . الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله والكلمة صار جسدا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا . يوحنا شهد له ونادى قائلا هذا هو الذي قلت عنه ان الذي يأتي بعدي صار قدامي لانه كان قبلي . ومن ملئه نحن جميعا اخذنا . ونعمة فوق نعمة . لان الناموس بموسى اعطي . اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا . الله لم يره احد قط . الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر .. )) .
المحور الثالث / قراءتي الخاصة :
بالرغم من كون أن ” المسيح هو كلمة الله ” حسب النصوص المسيحية والأسلامية ، والمفروض أن يكون هو العقل الناطق لله تعالى ، وهو أيضا / أي المسيح ” كلمة الله لأنه عقل الله الناطق ونطق الله العاقل . وكعدم انفصال العقل عن صاحبه ” ، فكان من الطبيعي أن يكون المسيح كلمة الله في القرأن أيضا ، ولكن المسيح كطريق وحياة وممارسة ونهج وسيرة ، تختلف بل على طرفي نقيض مع القرأن نصا وعقيدة وفكرا وفعلا ، لأسباب كثيرة منها: أولا – هناك الموعظة على الجبل / من أنجيل متى الأصحاح الخامس ، أرى انها تلخص بشكل أو بأخر ، المسيح فكرا وعقيدة ، التي لا تلتقي مع العقائد الأسلامية ، نصوصا وسنة وأحاديث ، فمن الموقع التالي أنقل فقراتا مختارة منها www.marnarsay.com/Salawat/mawitha.html : الموعظة على الجبل (( 1لَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ ، فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ . 2 فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً : 3 « طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ . 4 طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ . 5 طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ . 6 طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. 7 طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. 8 طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ . 9 طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَم ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ. 10 طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11 طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ . 12 اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا ، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُم . «)) . ثانيا – في أنجيل متى ، يسرد لنا أية تستوجب الوقوف عندها وهي ( أما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشرير ، بل من لطمك على خدك الأيمن ، فأعرض له الآخر . ومن أراد أن يحاكمك ليأخذ قميصك فاترك له رداءك أيضاً ومن سخرك أن تسير معه ميلاً واحداً فسر معه ميلين ( متى 5 :37 -41) ، وهي أيضا تعطي مؤشرات سلمية لا عنفية بعيدة عن الانتقام والتوحش ، والأية بها كما كبيرا وهائلا من التسامح يكاد أن يكون معدوما في عصرنا الحالي ، ولكن هذه هي المسيحية في فكر وسيرة المسيح ، وأذا قورنت مثلا بالأية التالية من سورة البقرة ( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ /191 ) ، نلاحظ تباعدا فكريا لا يمكن وصفه في الفعل والقول والوعيد ، وبالرغم مما قيل من قبل الكثير من المفسرين في تفسير هاتين الأيتين مسيحيا وأسلاميا ، ولكني في هذا لبحث أنظر فقط الى التباين المتناقض في النبع الفكري للأيتين ! . ثالثا – يوجد بعضا من النصوص ، بينة واضحة لا تقبل النقاش أو التفسير والأجتهاد ، والتي تؤكد أن القران ليس من كلام الله ، أي كلمة الله ” المسيح ” ، فمن موقع الحياة – التجريبي ، أنقل التالي: ( يروى أن جماعة متعصبة من الكتبة قبضوا على امرأة متلبسة بخطيئة ، فأحضروها إلى المسيح عليه السلام ليروا حكمه عليها ، وكان في حكم الشريعة يجب رجمها ، لكن المسيح قال لهم : «من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر» ، وعندما خرجوا وبقي يسوع قال لها: «أما أدانك أحد» ، فقالت : «لا يا سيد»، فقال لها: «ولا أنا أدينك ، اذهبي بسلام ولا تخطئي أيضاً». ) ، ولكن النص القراني يذهب الى منحى أخر في معالجة هذه القضية ! ، وفق الأية التالية : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ / سورة النور: 2 ) ، فهل يعقل أن يكون كلمة الله / المسيح ، هو الذي صاغ النص القرأني المتباين فكرا مع ما يؤمن به المسيح فعلا وحقيقة ، ومع ما وعظ به وعلم بموجبه المسيح لتلاميذه !! .
رابعا – أما الأية التالية ، من سورة التوبة ، ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ / 29 ) ، فهذه الأية تخلق مساحة موعلة من الجدل ، فكيف لكلمة الله / المسيح ، أن يجعل من أتباعه الموصوفون بالكفر ، أن يدفعوا الجزية ، مقهورون ذليلون و محتقرون !! ، هذه أشكالية أخرى تستحق التفكير العقلاني بين الكلمة والقرأن ! . خامسا – أما النص القرأني الذي يؤكد على ( إن الدين عند الله الإسلام ) ، فهو يخلق عدة أشكاليات ألغائية للأخر ! فقد جاء في موقع / صيد الفوائد ، الأتي (( فإن الإسلام هو الدين الحق الذي يطلبه الله من عباده ولا يقبل منهم سواه ؛ إذ ما عداه من الدين باطل وضلال كما قال الله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) وقال : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) وهذا من حقائق الدين الواضحة الجلية التي يؤمن بها كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. )) ، وسائل يسأل ما هو موقف كلمة الله / المسيح ، الذي جاء بالمسيحية ! الذي ألغي دينه عقائدا وفكرا وطقوسا حسب النص القرأني ، ومن جهة أخرى ، كيف للمسيح / كلمة لله ، أن يقرر على ألغاء نفسه بنفسه !! . سادسا – عندما يكون العقل الناطق لله / المسيح ، أن ينطق بموضوع ، فأرى أن يمثل عقلانية الناطق بأسم الله نفسه ، وأرى عامة ، هناك خلاف عقائدي بين القرأن وعقل الله / المسيح ، وهذا الموضوع واسع جدا ، وأنا سأختار موضوعا محددا يتعلق بالمرأة ، وأرى في طرحه كنموذج يكرز في أختلاف الفكر والنهج والعقيدة بين القرأن وكلمة الله / المسيح ، ففي سورة النساء ، تشير الى تعدد الزوجات / وطأ النساء ، بشكل مطلق ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا / ( 3 ، وبعد ذلك أية أخرى تشير الى الطلاق ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بأحسان / سورة البقرة: 229 ) ، إلى قوله : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ / سورة البقرة:230 ) ، بينما كلمة الله / المسيح ، في هذه العقيدة ، لا يوجد في نهجه ، لا تعدد للزوجات ولا طلاق ، وهذا موضح في الآية (مت 18:18: ” كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ قد تم ربطه ( قبلاً ) فِي السَّمَاءِ وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ قد تم حله ( قبلاً ) فِي السَّمَاءِ” ) ، ويجيب المسيح حول موضوع الطلاق بما يلي ( إنجيل متى 19: 8 قَالَ لَهُمْ : «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا ) ، لأجله أرى ، أستحالة كون المسيح كلمة الله أن يكون هو الكلام المثبت في القرأن !! .
الخاتمة :
أخيرا ، اذا كان المسيح وهو كلمة الله ، وعقل الله الناطق ، بكل فكره وكلامه ، لا يتفق سيرة ونهجا وعقائدا مع النص القراني ، أذن القرأن من أي كلمة لله كتب أو أوحي به !! ، ويجيب أخر ، من الممكن أن يكون كلام الله هو المنقول من ” جبريل ” ، وهنا نجيب ، هل لله كلمتين أي ” المسيح وجبريل ” ، أو لدى الله كلمة واحدة وهي المسيح فقط ، الذي قال عنه النص القرأني في سورة النساء آية 171: ” إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ” ، فالقرأن لم يقل ” أحد كلمتيه ” / أي المسيح وجبريل ، بل قال ” كلمته ” أي المسيح فقط ، وهنا نحن أيضا أمام أشكالية كبرى ، بل كارثية ، وهي كيف أن القرأن كلام الله !! وفكر نصوصه وتفسيرها لا ينطبق على فكر وحياة وفعل المسيح الذي هو كلمة الله !! وهو عقل الله الناطق ، الذي كان من المفروض أن يسطر به القرأن ، وهنا تأخذنا التساؤلات الى البداية مرة أخرى ، والى نفس السؤال والجواب التقليدي ، الحاضر دائما في الذهن ، أذا ألغيت كل هذه الأحتمالات والتساؤلات والافتراضات والنظريات ، فمن أي كلام كتب القرأن !!! .
3