منذ ابتكار المصباح على يد العالم توماس أديسون، وحصوله على برائتي اختراع للمصباح سنة 1879 م، ولنظام توزيع الكهرباء بعده بعام واحد والأخير عامل أساسي للاستفادة من اختراع المصباح الكهربائي وليؤسس إديسون شركة إديسون للإضاءة كأول محطة طاقة كهربائية مملوكة من قبل مستثمر في بيرل ستريت، نيويورك.
أصبحت الطاقة الكهربائية شريان الحياة الثالث الذي يوفر العيش للبشر بعد الماء والهواء.. ويكمن فيه سر تطور الدول والصناعة والزراعة، فالجميع يعتمد على الطاقة الكهربائية، في الحروب.. أول ما يستهدف بالضربات الجوية، هي محطات انتاج الطاقة الكهربائية ومراكز الاتصالات، كونها تشل عمل اي منظومة، فلا يوجد نظام او عمل خارج دائرة الكهرباء.
دخل العراق حروبا متعددة لكن أسوئها كانت حرب الخليج الثانية عام 1991م، حيث استطاع الطيران الأمريكي وحلفاءه، من تدمير محطات الكهرباء والمراكز الحيوية، حتى أنهارت البنى التحتية للعراق، ولم تبقى سوى هياكل تتداعى من شدة الألم، سقوط نظام البعث سنة 2003م، حيث كان مقدار انتاج الطاقة الكهربائية لا يغطي سوى 20% من الحاجة الفعلية للاستهلاك.
أمريكا التي قصفت محطات الكهرباء وحاصرت العراق لعشر سنوات، بالتالي فهي تعرف جيداً ماذا يحتاج وكيف سيكون الوضع، لكنها أبت إلا أن تؤسس للفاشلين والفاسدين، وترسم خطة لمعاناة العراقيين بمنحنى سائب الطرف، لن تغلقه إلا عندما هي تقرر ذلك.
تصريح السفير الألماني في العراق وأشار بأصابع الاتهام لأمريكا وعرقلتها لحل مشكلة الطاقة الكهربائية، وجعلها ورقة ضغط سياسية تلعب بها، وتمرر مخططاتها ومشاريعها الثقافية والاقتصادية، كيفما تشاء ومتى تريد من خلالها..
علق مواطن ساذج على تصريح السفير قائلا بأنه إذا كان تدهور الطاقة الكهربائية بسبب أمريكا فلماذا لا نرى الصناعة والمعامل تعمل.. فقال وبلهجته العراقية “هسه الكهرباء مؤامرة امريكية… بس ليش ما عدنه معمل مال” نعل” نلبسهن هم مؤامرة؟ ”
هذا المسكين لا يدري ان السبب بسيط؛ فالكهرباء الأهلية في العراق مكلفة وتشغيل المعامل تحتاج الى كهرباء أو وقود لتشغيل مولدات صغيرة وهذا سيجعل من البضاعة أغلى باضعاف عن ما يستورد، فلا يستطيع المنتج المحلي المنافسة.. فستصبح تكلفة” النعال” تتضاعف ويصبح اعلى سعرا من طبق البيتزا المستورد..
قطع شريان الكهرباء ألقى بظلاله على كل شيء في الوطن، حتى أخلاق الناس ونسبة الغضب والشجار والغليان ترتفع مع درجات حرارة تتجاوز نصف درجة الغليان، فالناتج هو معيشة ضنكا ترافقها تعاسة وضجر ويأس ونكد وكل ما يعكر الحياة، وهذا هو نتاج من يخضع لأمريكا ويضع يده في يدها، وينتظر خيرا من مجرمين وسفاكي دماء وقاتلين..
بداية الحل ربما هو إجبار أمريكا على سحب يدها عن ملف الكهرباء وجعله بيد العراقيين متحررا عن أي ضغوط خارجية.. والاستثمار في قطاع الطاقة ومنح القطاع الخاص فرصة.
كلنا يعلم أن جزءا كبير من هيمنة الوزارة على مقدرات البلد وهدر مليارات الدولارات، يعود لصفقات فاسدة تخدم جهات سياسية تسعى لهدم العراق.. ومع كل مرحلة وتحول هناك ثمن يدفع، وها نحن ندفع ثمنا غاليا جداً.. لكن لن يستمر هكذا، فكل شيء سيتغير وغدا أجمل.