23 ديسمبر، 2024 9:18 ص

كلمة مألوفة عند كل سائق ، لكونها ظاهرة متفشية تحدث في جميع السيارات على الأطلاق ، وفي البلد الوحيد الذي يحيا جزافا خارج أطار الزمان والمكان ، وكأنه بالوعة منخفضة تهرع اليها كل الأوساخ والسموم التي تفرزها أوجار الذئاب ، التي تسمى كوكب الأرض.

كلمة أدوانس (أدڤــانس Advance) على العموم تعني (تقدم) ، وهو ليس كالتقدم البعيد المنال والمحرّم الذي يحلم به كل العراقيين ، ولكنه يعني ان أوان انفجار الوقود في حجرة احتراق محرك السيارة يأتي قبل الأوان ، وحتى قبل موعد وصول الشرارة الى شمعة القدح ، أي بمجرد انضغاط مزيج الوقود والهواء بسبب صعود (البستن) ، وعلى (البستن) إكمال طريقه للأعلى وهويواجه إنفجار الوقود قبل الأوان بسبب الإنخفاض الشديد في معيار جودة البنزين (رقم الأوكتان Octane No.) ، مما يسبب ضغطا شديدا على الصمامات وملحقاتها وهو ما يحدث عادة في محركات الديزل ، بسبب سوء وتردي نوعية الوقود الذي لا ندري من أين تأتي به وزارة النفط .

جميع السائقين يكرهون قرقعة الادوانس ، لعلمهم أن ذلك يدمّر المحرك ، فقد شاهدت عدة محركات BMW حديثة وقد تهشم رأس المحرك (الكَوَر) ، ومحور الحدبات والصمامات ومطارق الصمامات ، وحتى تكسّر حلقات البستن (الرنگات) ، وهذا يعني أحد شيئين ، أما (الألمان) حمير لا يتقنون صناعتهم وهذا بعيد لأنهم ملوك هذه الصناعة بالذات ، وأما أن الوقود ببساطة ، ليس بنزينا .

بين عامي 2003 و2005 أزداد سعر البنزين 25 ضعف ، يعني 2500% ! ، وبالتدريج لأمتصاص النقمة ، أعلنت وزارة النفط أن سعر لتر البنزين (المحسّن) سيكون 200 دينار ، وفي محطات لا تتعدى اصابع اليد الواحدة ، ووجدنا أنفسنا ندفع 450 دينار للتر الواحد عن طيب خاطر ، لأسوأ بنزين على وجه الأرض !.

ترى ماذا يقول مختصو السيطرة النوعية في وزارة النفط التي يجدر بها تطبيق أعلى المعايير في نوعية البنزين ؟ سيتهمونا بالتهويل والكذب ، ولكن ماذا عن صرخات المحركات المستغيثة في الشارع ؟ هل تكذب هي الأخرى؟ هل يعي هؤلاء خطورة ذلك ؟ ليضيفوا عبئا أخرا على كاهل المواطن ؟ فهم لا يأبهوا لحياته وهو بشر من لحم ودم ، فكيف يأبهوا لمجرد محركات من حديد ؟

هل يتعاطى البلد الذي يصدّر لنا هذه القنابل التي يسمونها بنزين محليا ؟ ، أم أنه مصنّع خصيصا على مقاس العراقيين المساكين لينضم الى جوقة (الجيَف) التي تدخل البلد ؟ .

في السابق ، كانت أجرة (تفويل) السيارة ذات 60 لتر بالبنزين العادي 1000 دينار فقط ، ودون (أدوانس) ، صارت الكلفة اليوم 25000 دينار ، أجرة ذلك السائل الذي يصيب السيارة بعسر الهضم ، وسائق تأكله الهموم من أخطار الطريق القاتلة ، والشوارع المتهالكة ، والزحامات والأختناقات بسبب السيطرات التي أثبتت عدم جدواها منذ زمن بعيد ، الزحامات التي تسبب هدر البنزين من جيب المواطن ، والبالغة مليون لتر في اليوم الواحد وفي بغداد فقط .

تتفاقم ظاهرة (الأدوانس) الكريهة بالطقس الحار خصوصا ، أما إذا (تجاسر) السائق ، وقام بتشغيل التبريد ، فحدّث ولا حرج ، وغالبا ما يقوم بإطفاءه بسبب تأثيره الواضح على أداء السيارة ، وسيُحرم من نعمة التبريد التي لا يجدها في منزله !.