23 ديسمبر، 2024 7:57 ص

أدوات الحكام البشرية

أدوات الحكام البشرية

في الماضي البعيد و كذلك الحاضر ، ثمة اسئلة تدور في ذهن كل كائن حي من البشر كيفية الهيمنة اللا محدودة التي يتمتع بها الملوك و السلاطين في السابق مستمرة حتى الواقع الحالي . منذ سلط الله سليمان حاكما على الارض يركب الريح و كان يعرف لغة الحيوان و الطير و حتى النمل وله من الجن جيش جرار و خدم يبنون له قصورا من القوارير ، لكنه لم يك يستغني عن الهدهد الذي يتجسس له عن حقائق و خفايا ما يدور في غفلة عنه ، قصة بلقيس التي تبنى الهدهد الكشف عنها و جمع لسليمان كل المعلومات الاستخباراتية عن مملكتها و ما يدور في حنايا قصرها و خدمها و حشمها و خيولها و لربما جواريها ايضا .
هذا في الماضي البعيد، اما في الحاضر، إذن لا بد لأي حاكم او ملك او امبراطور مهما علا شأنه و سلطانه ان يستعين بالهداهد البشرية لتمكينه من بسط سلطته و تثبيتها و تريسخ اسسها في البلاد ليتحول بعد ذلك الى مارد جبار و ديكتاتور عصره و فلتة زمانه .

الواقع ان الشعب العراقي يعرف ذلك جيدا و يدرك تماما تلك الحقيقة التي عانى منها ابناء العراق لفترات من الازمنة المتعاقبة و السلطات المتوالية على حكم العراق و التسلط على شعبه ، فإن كان لسليمان هدهد واحد فإن للسلطات المتعاقبة على العراق الآف الهداهد.

صدام حسين :
يعيش محصناً في قصوره الممتدة و المسورة بالاسوار العالية و الحرس الذي لا ينام ، يأكل لحم الغزال ، يشرب ارقى انواع الخمور المصنوعة خصيصا له في اسكوتلندا ، يدخن السيكار الكوبي الذي صنع خصيصا له تحت اشراف صديقه فيدل كاسترو ، و كتب اسمه على كل سيكار من تلك .

لكن صدام يعرف من هو متخلف عن الخدمة العسكرية ( افرار ) في اقصى قرية من قرى الجبايش ، و يعرف من شتمه في جلسة اصدقاء خاصة في اهوار العراق ، و تصله تقارير عن ايرادات اي تاجر من تجار الشورجة ، و أي شجار عائلي بين زوجين . فهو العارف عن اي حدث يدور في مدرسة او جامعة او دائرة او معمل او حتى عزيمة عشاء في منزل شخص ما اذا ما دار الحديث عن الحكومة الانفرادية لصدام . من يوصل تلك المعلومات ؟ المخابرات ؟ هم من الشعب العراقي . الأمن ؟ هم عراقيون ايضا . الانصار و المؤيدون لحزب البعث الذين يسهرون الليالي الطوال في حراسة فرقة او شعبة حزبية و بيوتهم عرضة للصوص اللحم البشري .

إدن لم يك الخلل في صدام وحده بل ان الخلل فينا نحن العراقييون .
كلنا يتذكر ذلك الاب الذي قتل ابنه لأنه لم يلتحق للجيش المحارب مع ايران ذلك الوقت ، و كيف استقبله صدام في لقاء تلفزيوني و ربث على ظهره و قال له كلمته المشهورة ( عفية ) . حين ادارت كاميرا التلفاز عدستها كان صدام قد قتل ذلك الاب اللوكي قائلا له ” و الله لم يفعل ما فعلت إلا ابن الزنا ” و قصة تلك الزوجة التي وشت بزوجها لإغلاقه جهاز التلفاز حين كان صدام يخطب بعد ان بصق على الشاشة . و غيرها الكثير من السوالف و الاحداث التي يعرفها العراقيين ربما اكثر مني .
في حي شعبي مسح سائق تكسي زجاج سيارته بجريدة فيها صورة صدام فقتله جاره .

اليوم اصبح الجميع يتهمون من يكتب او يقول حرفا بانه بعثي ، ، كان البعثيون يتهمون من ينبس ببنت شفة على انه من حزب الدعوة ، و بين تلك و هذه تدور مطحنة الشعب العراقي فيما بينهم لخدمة الجبروت و المتسلطين على رقابهم …