لا نبالغ في قولنا وإعتقادنا: إن الجهات السياسية تسعى بكل ما بوسعها للنيل من صوت الناخب العراقي، لم تقتصر على الأفعال الظاهرة للعيان والتمثيل في الإخلاص والتفاني والتواضع، عمل ربما يبد كالمرأة ذات وجهين مختلفين تماماً، وتلك الأناقة السياسية قباحة فعلية، تعبر عن سوء نوايا تعطي الشكوك وتولي الناس منها فراراً وتملأ رعبا.
إعتقاد سائد إن السياسة لعبة قذرة، لا يمكن تصحيحه دون عمل ينطلق من أصل وجود المجتمعات البشرية والحاجة الفعلية التي وجدت لأجلها.
التنافس السياسي تنافس نبيل لتحقيق أهداف للمجتمع، تجمل في غاية واحدة، يدور محور العمل بمختلف المسميات حول برنامج، تتقارب في الغاية النهائية وتختلف الإطروحة، من طبيعة الزواية التي ينطق منها والفئة المستهدفة والأولويات حسب نوع المدركات وطبيعة الإحتكاك بالواقع، دائرة عملة التأسيس لمجتمع مسالم ديمقراطي، تختلف المسالك وتتخالف الإطروحات مع الشعارات وتنحرف النتائج عن المباديء، قد تتخذ من المواطن أداة وحطب لمعركة ضارية تقاذ بوجهين مختلفين ناعمة الظاهر مشوهة الداخل.
الكتل السياسية لم تقتصر جهداً للتحشيد والترويج طيلة فترة وجودها السياسي، الشباب شريحة اكبر وأدوات لإدارة حملاتها الأنتخابية، وما أن تنتهي حتى تبدأ الحملة الأخرى، لا تترد من الإستعانة بالخبرات العالمية المتخصصة والمال السياسي والمصلحة العامة، بغية نيل ميول المواطن، تتصاعد خلالها قرعات الطبول، تصم مسامع المواطن وتحجب الرؤية، تضرب الصعقات العالية الكثافة، وترسم الإنطباع النهائي المقيد لأفكار الرأي العام.مبالغ بملايين الدولارات تتدفق طيلة للضغط والتحشيد وشراء المصير، لم يُحسن إستخدامها بافعلها والنتائج المثمرة للمواطن، تنحرف عن مسار السياسة الخادمة.
الشباب أكثر الطبقات مرونة للكسب والتأثير؛ معظم المشكلات المجتمعية تبدأ منهم وتحل بهم، عصب الأمم وطاقاتها الكامنة، سلاح ذو حدين قد يستثمر للخير او يستغل للشر. تخضع طيلة هذه السنوات للضغوطات الإجتماعية والأمنية والإقتصادية، ما يجعلهم الأكثر تماس مع الواقع ونسبتهم تشكل أكثر من 60% من المجتمع ، والأكبر مشاركة في التصويت والتأثير على الرأي العام ، خلال تواجدهم في ساحات الأعمال وكثرة تناولهم للسياسة. دورات وإنفاق أموال كبيرة ووعود بالتعينات وفرص عمل حزبي وسكن ومشاريع خيرية مجمل ما يتم به كسب الشباب.
إستغلال هذه الشريحة الحيوية من الشباب يجعل الشعوب منقسمة على نفسها مشتتة الأهداف، غائبة المستقبل.
العراق من أكثر الشعوب وصفاً بوجود الشباب، عزوفهم عن الإنتخابات واحدة الأدوات الخطيرة على مستقبله، ناهيك عن تهالك متقدمي السن من الإهتمامات السياسية، والنأي بالنفس من قبل النخب والمثقفين عن دورهم المجتمعي، يجعل من المادة الإنتخابية تخضع للمغريات وشراء الذم، بعيد عن غاية نبيلة سياسية تبني الدولة بوسائل نبيلة، إذا كانت بالفعل ساعية لخدمة المجتمع.