آدم سميث ( 1723- 1790) فيلسوف أخلاقي وعالم اقتصاد اسكتلندي. يُعدّ مؤسس علم الاقتصاد الكلاسيكي ومن رواد الاقتصاد السياسي. اشتهر بكتابيه الكلاسيكيين: «نظرية المشاعر الأخلاقية»، وكتاب «بحث في طبيعة ثروة الأمم وأسبابها». وهو من أهم آثاره، وأول عمل يتناول الاقتصاد الحديث وقد اشتهر اختصارًا، باسم «ثروة الأمم».
جاءته دعوة من أحد أصدقائه المسلمين لزيارة إحدى العواصم العربية الكبرى في شهر رمضان الكريم، فاغتنم آدم الفرصة ولبّى الدعوة، وحجز أول تذكرة سفر متاحة من مطار غلاسكو، وفي أثناء تحليق الطائرة، تبادر إلى ذهنه هذا التساؤل: “لمَ لا أغتنم الفرصة لملاحظة سلوك الأفراد في هذا المجتمع الغريب عني؟ ربما سيساعدني ذلك على إثراء نظريّتي ببعض الرؤى الجديدة”.
بمجرد وصوله إلى المطار، اكتشف أنّ حقيبة سفره قد تعرضت للخدش وبعض التلف، فذهب لإيداع شكوى لدى المصلحة المختصة في المطار من أجل الحصول على تعويض، فوجد نفسه يتنقل من مكتب إلى آخر والكل يجيبه: “ليس هنا، اذهب إلى المكتب الفلاني”، فينصاع لأمرهم متسائلاً في قرارة نفسه: “أليس من المفترَض أن العمل يُقسم حسب التخصص؟”، إلى أن وصل إلى المسؤول وأجابه بعبارة لم يسمعها قط في حياته: “ننظُر في طلبك بعد العيد إن شاء الله”!
كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحاً عندما كان في الطريق من المطار إلى بيت صديقه، فلاحظ شيئاً بدى له جيداً سألَ عنه سائقَ التاكسي والتفاؤل يعلو مُحيّاه :
“ما هذا الهدوء الذي يعمّ الشوارع؟ يبدو أنّ الكل مختبئ يعمل داخل المصانع أو في الإدارات”، فتبسّم السائق ضاحكاً وأجابه بأن الناس نيام، فاستغرب آدم.
وقال: “لكن هذا سيؤدي إلى اختلال في التنمية الاقتصادية ما دام عنصر المُنتجين لا يؤدي وظيفته”.
ليلاحظ بعد فترة وجيزة طابوراً طويلاً عريضاً أمام المخبز، ويشرح له السائق أنّ الأفراد هنا ينتظرون ساعات طويلة من أجل شراء منتجات غذائية سيهدرونها في الغالب؛ كأن يشتري ربّ عائلة مكوّنة من 5 أفراد خبزاً يكفي لإطعام سكان قرية اسكتلندية كاملة.
وقال: “هذا مستحيل لأنه يتنافى مع نظريّتي التي تنص على أنّ قرارات الأفراد تُتخذ بناء على اعتبارات منطقية لتقييم الفوائد المحتملة دون التأثُر بالدوافع غير الواعية أو بالتقاليد أو بتأثيرات البيئة المحيطة، يعني أنّه لتنفيذ أي عمل يجب أن تتفوق المكافأة على التكلفة”.
لكنه سرعان ما أعاد النظر في “الاختيار العقلاني” بمجرد رؤية مائدة الإفطار التي أعدّها له مستضيفه، وأيقن أنّ نظريته غير مجدية، وتخلى عنها وراح يستمتع بما لذ وطاب من ألوان الطعام. ()