7 أبريل، 2024 2:51 ص
Search
Close this search box.

أدب وإعلام وثقافة الفضيلة لمواجهة الرذيلة

Facebook
Twitter
LinkedIn

ايها الرحمانيون عظم الله اجوركم بفقد المربي والداعية”عصام الشيخلي”
رجل سمعت به وسمعت عنه كثيرا الا أنني لا أعرفه شخصيا ولم التقه يوما- مع شديد الاسف – غادرنا اليوم بعيد صلاة الفجر من جراء اصابته بوباء كورونا الى رب رحيم بعد ايام قضاها على فراش المرض – ونحسبه من شهداء الوباء بإذنه تعالى – واذا بعشرات الصفحات العراقية المحترمة على مواقع ومنصات التواصل والاتصال تنعاه وتؤبنه وتثني عليه خيرا وتشهد له بعلو الهمة والصلاح والتقوى وحسن الخلق وبأنه من خيرة الدعاة والمربين،ولايخفى على عاقل بأن تلكم الشهادات الطيبة من اناس نحسبهم على خير ولا نزكي على الله احدا ،لهي بمثابة بشارة عاجلة وغير آجلة للفقيد ولذويه بحسن الخاتمة، مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لاينطق عن الهوى”أيُّما مُسْلِمٍ شَهِدَ له أرْبَعَةٌ بخَيْرٍ أدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ”،حتى تبلورت لدي صورة متكاملة الاركان عن الرجل رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته بأنه واحد ممن يحلو لي تسميتهم بـ”الدعاة الرحمانيين “وهؤلاء من صفاتهم بمجملهم واقول ما سأقوله عن تجارب شخصية مع بعض هؤلاء ونقلا عن تجارب ثقات مع أمثالهم ..اقول ما سأقوله لأني قد عاهدت نفسي بأن اتناول الظاهرة الحسنة ككل حينما انبري بتأبين داعية أو مصلح أو صالح أو حافظ للقرآن الكريم أو عالم جليل من العلماء الاعلام ، وذلك لتشجيع الاخرين على ان يكونوا امثالهم ويسيروا على خطاهم وينتهجوا نهجهم ويحذوا حذوهم ، اقول ان من صفات ” الدعاة الرحمانيين”الاتي :
– اذا غاب الخطيب المفوه لأمر طارئ ألم به أوكل احدهم-اعني احد الدعاة الرحمانيين – لينوب عنه بإلقاء خطبة الجمعة بدلا منه فألقاها على افضل ما يرام حسبة لله .
– اذا غاب المؤذن لأمر مستعجل دهمه اناب”احدهم “فرفع الأذان بأجمل صوت وأروع أداء وعلى احسن مايرام حسبة لله .
– اذا غاب خادم المسجد لعذر ما،اناب”احدهم” ليؤدي واجبه في تنظيف المسجد وتنظيم شؤونه على اكمل وجه من غير كلل ولا ملل ولاتكبر حسبة لله .
– اذا غاب قارئ القرآن لظرف ما عن المسجد انتدب احدهم ليحل محله فأجاد تلاوة القرآن الكريم بأصولها وإدغامها وإقلابها وإخفائها واظهارها ووقفها ومدها وابتدائها وقلقلتها ومن غير لحن وبصوت رخيم وشجي يثير الاعجاب حسبة لله .
– اذا اقيمت دورات تعليم وتحفيظ القرآن الكريم الصيفية في عموم المساجد وجدت أحدهم يتقدم الصفوف من أول الدورة وحتى نهايتها طيلة العطلة الصيفية،اما معلما،واما مشجعا،وإما مشرفا،واما متوليا مهمة توزيع الهدايا العينية والمادية بين المشاركين، وفي كثير من الاحيان يتولى أحدهم تلكم المهام كلها دفعة واحدة طيلة فترة الدورة وبالتناوب حسبة لله .
– اذا انتخى الخيرون من يتولى ترتيب وتوزيع الحصص التموينية والسلال الرمضانية كذلك المساعدات المادية والعينية بين الارامل والايتام والفقراء والمساكين ،وجدت احدهم سباقا في ذلكم العمل الخيري بكل تفاصيله وبكل همة ونشاط حسبة لله تعالى .
– اذا نزح النازحون لأي سبب كان وجدت احدهم يتقدم الصفوف لمد يد العون لهم وبذل الجهد للتكفل بكل ما يحتاجونه من ماء وطعام ودواء وفراش ووقود وحث الناس على تقديم ما يتسنى لهم من المعونات للنازحين حسبة لله .
– اذا عقد الخيرون العزم على توزيع لحوم الاضاحي بين المعوزين في عيد الاضحى المبارك، وجدت أحدهم هناك يمارس عمله بكل جد واخلاص حسبة لله تعالى .
– اذا حضرت صلاة الجمعة والعيدين وجدتهم يتقدمون الصفوف ولاشك .
-اذا اذن لصلاة الجماعة بدءا من الفجر وحتى العشاء فستجد أحدهم وقد اسرع الى المسجد قبل الجميع تاركا كل ما بين يديه من عمل وكأنه حمامة مسجد ليصلي في الصف الاول .
-اذا غاب الامام في الصلاة لسبب ما تولى أحدهم امامة المصلين من دون عجز ولا كسل بأبهى صورة وبكل تواضع حسبة لله .
– اذا مات احد ما من ابناء المنطقة وجدته من اوائل المعزين ..واذا ما زف احد ابناء المنطقة تراه اول المهنئين ،واذا ما مرض احد ابناء المنطقة وجدته من اوائل عواده وزواره للاطمئنان على صحته واحواله ..اذا تخاصم جاران ،اختلف صديقان ،تشاجر زوجان ،تقاطع شقيقان،وجدته في مقدمة المصلحين،اذا جاع فقير شاهدته من أوائل المطعمين، اذا ُظلم مظلوم أمام ناظريه الفيته من أوائل الناصرين،اذا استدان جار لحاجة ماسة وجدته من أوائل المقرضين ومن ثم الممهلين لحين ميسرة، ومن ثم عن دينه من المتنازلين ولقرضه الحسن من الواضعين، خلاصة الكلام انهم مع المستضعفين والحق رقيقون كالنسمة،ومع الباطل لاتهدأ لهم عزيمة ولا تلين لهم شكيمة ولاتفتر لهم همة .
-الدعاة الرحمانيون يعيش احدهم حياته كلها ..كلها .. من الصبا وحتى المشيب ولو بلغ من العمر عتيا وهو يدعو الى سبيل ربه على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة ولا يتوانى عن ذلك قيد انملة قط ،فتراه ينصح ويوجه ويُعلم ويُتعلم ويأمر بمعروف وينهى عن منكر ويوزع البطاقات والكراسات والمطويات والبوسترات والاشرطة والسيديات الدعوية والبسمة تعلو محياه وبطريقة تثير الاعجاب لمدة قد تصل الى 50 أو 60 أو 70 عاما وبلاتوقف اذا ما امد الله تعالى بعمره ولو كان يمشي لكبر سنه على عكاز، ولو كان يتنقل على كرسي متحرك بفعل عوادي الزمن ، ولو كان يتحرك بصعوبة بتأثير الكبر وسطوة المرض ، ولو صار جدا طاعنا في السن لأحفاد ..هؤلاء الاخفياء الاتقياء الانقياء ، قامة وقيمة لايبحثون عن سمعة ولاشهرة ، يعملون بصمت من غير مراء ولا رياء ولامن ولا اذى ولسان حالهم يردد” وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ “،وحري بالجميع بأن يحذو حذوهم في كل زمان ومكان لاسيما في -زمكاننا – المعاش حاليا،هؤلاء وكما كان يصفهم عبد الحميد كشك بأنهم طلبة نجباء في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ..هؤلاء وكما وصفهم الشيخ الفقيد عصام الشيخلي نفسه بأنهم ” أهل الرجاء”انهم امتداد لمدرسة دعوية ارسى دعائمها رئيس رابطة علماء العراق الشيخ أمجد الزهاوي ،والشيخ محمد محمود الصواف، والشيخ محمود غريب المصري ،ايام كان اماما وخطيبا في جامع البنية وسط بغداد الحبيبة ..هؤلاء لهم افئدة رقيقة ، وقلوب رحيمة ،وتواضع جم ،وهمة ونشاط وارادة عجيبة لاتلين في السراء وفي الضراء ، هؤلاء لايجاملون باطلا ولا مبطلا ولا يتملقونه ابدا وفي احلك الظروف ..هؤلاء لن تراهم طوال حياتهم طالت ام قصرت، الا ” اشداء على الباطل ..رحماء بينهم في الحق ..ركعا سجدا في مساجدهم ومنازلهم وبين اهليهم بعد اداء ما عليهم من واجبات ” هؤلاء يقومون الليل ويصومون النهار لايفترون …يبرون أباءهم وامهاتهم ولا يعقون ، هؤلاء يكرمون ازواجهم ولايهينون ، هؤلاء يحسنون تربية ابنائهم ولا يضيعون، هؤلاء يصلون الارحام ولا يتقاطعون ، هؤلاء يعاهدون ولايغدرون ، يواعدون ويوفون ولا يخلفون ، يتحدثون فيصدقون ولايكذبون ، يؤتمنون فيؤدون ولايخونون ، هؤلاء يكرمون الضيف ويتصدقون ولو كان بهم خصاصة ولايبخلون ، هؤلاء يقتصدون في الفقر والغنى ولايتغيرون ..هؤلاء لايغمضون أعينهم عن باطل قط ولايتغاضون ،هؤلاء لايصبرون على فاسد ومفسد ومفسدة ولا يتغافلون الا وتراهم قد شمروا عن ساعد الجد يحدوهم أمل وحسن ظن بربهم بأنهم سيغيرون ويصلحون ولجماح الباطل سيكبحون ،هؤلاء ميزتهم الحكمة والحلم والتواضع وخفض الجناح والاناة والرفق واللين في كل وقت وحين ..هؤلاء يذكرون الله تعالى قياما وقعودا وعلى جنوبهم في العشي والابكار،هؤلاء لن ترى شفاههم الا وهي متمتمة تلهج بذكر وتسبيح وتهليل وتكبير وحمد الخالق المنعم الجبار، وبالصلاة على رسول الحق وحبيب الخلق المصطفى المختار ، هؤلاء يقولون الحق ولو على انفسهم ولايخشون في الحق لومة لائم ..هؤلاء يهتمون بأمر المسلمين، يفرحون لفرحهم ويحزنون لحزنهم ويتابعون اخبارهم ويدعون بظهر الغيب لهم أولا بأول في أرجاء المعمورة ولايتجاهلون ،عن مأساة أشقائهم حول العالم لايذهلون ولايغفلون ،هؤلاء يحجون ويصومون ويزكون ولأحوال اخوانهم على الدوام وبكل الظروف يتفقدون، للفتن والأضغان والأحقاد لايثيرون ، ما أرق قلوبهم ، ما أصبح وجوههم ،ما أجمل سمتهم ،ما أعجب تواضعهم ، ما أروع رحمتهم ، ما أعذب حديثهم ،ما أدهش صنيعهم،ما أنقى سريرتهم ،ما أمتع مجالسهم ،ما اوسع صدورهم، كل الناس تسعد لرؤيتهم ،وكل الناس تحزن لفراقهم ،وانا لفراقك يا “شيخ عصام الشيخلي ” لمحزونون ولا نقول الا ما يرضي ربنا ،ولاحول ولاقوة الا بالله،وانا لله وانا اليه راجعون .اودعناكم اغاتي

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب