18 ديسمبر، 2024 7:10 م

أخيراً ..صار الرفيق دكتوراً صحفياً كبيراً ..!!

أخيراً ..صار الرفيق دكتوراً صحفياً كبيراً ..!!

كان أيام صدام بوقاً للنظام هو وعائلته ..يلبس الزيتوني يتباهي به ويرعب قلوب المناهضين للسلطة ويذهب به الى بغداد لغرض الدوام والدراسة ..!
بعد السقوط ..تلوّن ولبس جلداً آخر (فتخشخش) مع إحدى المليشيات الدينية النافذة ..فصار مناضلاً من الطراز الأول..ولإنه يحمل شهادة (ومتعلم) عينّوه مسؤولاً في قائم مقامية البلدة ..!وفي أول يوم من وظيفته جاء إلى المكان – ساحة فارغة في أطراف الحي – حيث بدأت أبني فيه غرفة من الطين وبقايا الطابوق العتيق لإطفالي وعيالي هرباً من جحيم الإيجار وضيق الحال وبعد أن رمى صاحب البيت أغراضي وسط الطريق بسبب تأخير الإيجار …. جاء ومعه شلة من الملثمين والمعممين وبأيديهم السلاح في سيارات البيك أب والشفروليت ..وأمرني أن أتوقف عن البناء فوراً وإلاّ يهدم الغرفة على رأسي ورؤوس أطفالي وعيالي .. علماً بإنه كان يعرف بإني كنت ملاحقاً ومطارداً من قبل أجهزة أمن ومخابرات النظام البائد ..!!
كان الجو ممطراً وبارداً ..وكان أطفالي يلوذون بالحائط كالعصافير الخائفة ..وهو يصرخ ويعربد ويهدد ويتوعد ..وجاء جماعة المليشيات ووجهوا البنادق إلى صدري ثم بدأوا بهدم الحائط بدعامة السيارات…..فتوقفت…وخنقتني العبرة ..وبكيت !!
ذهبت مضطراً إلى زعيم المليشيات في وسط المدينة وشكوت له الحال ..فبعث خلف (الدكتور الصحفي) وراح يوبخه ..فنظر (الدكتور) إليّ وهددني وتوعدني أمام زعيمه بكل صلافة ووقاحة (بسيطة آنه أعلمك )..ولكن زعيمه صرخ بوجهه ورد عليه قائلاً :
أخرس : نحن نصّبناك وجعلناك مسؤولاً ..فلاترفع صوتك في مقرّنا …!!
طبعاً هذا الموضوع حصل ولازال النظام البعثي لم يسقط بعد ..ولازالت الدبابات الأمريكية تجوب في شوارع المدينة وتربض على أبواب مؤسساتها الحكومية ..!!
على كل حال ..أكملت بناء الغرفة ..رغم تهديداته ووعيده ..وبعد أسابيع تركت البناء ورجعت إلى مدينتي التي هجّرني الأمن والبعثييون منها ظلماً وعدواناً بتهم شتى ..!!
ومنذ ذلك اليوم وهذا الدكتور الصحفي ..يتسلق المناصب ويتنّقل في المواقع الرسمية وشبه الرسمية كالصاروخ …رئيس تحرير جريدة حكومية ..ضابط مخابرات ..رئيس مؤسسة مدنية ….وأخيراً أصبح مدرساً وأستاذاً كبيراً في جامعة محترمة فيها قسم إعلام وصحافة معززاً مكرماً ..وهو دائماً يتحدث – في صفحته على الفيس وفي الصحف وأمام طلابه – عن نضاله الطويل ومواقفه الإنسانية والوطنية المشرفة ..!!ووالله ..ثم والله : سوف لم ولن أغفر له تلك اللحظات التي أرعب فيها أطفالي وأنزل الدمع من عيني وعيون بناتي وزوجتي مهما طار وصعد وتقلّب وتمّوه ولبس ألف جلد وجلد ..ومهما بدّل ألف قناع وقناع ..!!!!