25 نوفمبر، 2024 8:56 ص
Search
Close this search box.

أخلاق الضباع

خرج فتيان في صيد لهم فأثارو ضبعا فنفرت ومرت فأتبعوها فلجئت الى بيت رجل فخرج اليهم بالسيف مسلولا.
فقالوا له يا عبد الله
لم تمنعنا صيدنا فقال استجارت بي فخلوا بينها وبينكم
فنظر اليها فاذا هي مهزولة مضروبة فجعل يسقيها اللبن صبوحا ومقيلا حتى سمنت وحسنت حالا فبينما هو ذات يوم راقد عدت عليه فشقت بطنه وشربت دمه.
فقال ابن عم له:
ومن يصنع المعروف في غير اهله.. يلاق الذي لاقى مجير ام عامر
اعد لها ولما استجارت بقربه ..مع الامن ألبان اللقاح الدرائر
فأشبعها حتى اذا ما تمكنت.. فرته بأنياب لها وأظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من.. يوجه معروفا الى غير شاكر
في الحكايات الشعبية تسمى الضباع( بأم عامر) لترمز عن خسة ونذالة هذا الحيوان . يوصف الضبع بأنه حيوان مفترس، يخرج للبحث عن طعامه لوحده ،يفضل دوما أن يقتات على الجيف، وبقايا الحيوانات الاخرى ،يتميز بقوة فكيه التي تمكنه من سحق عظام فريسته.
الضباع من الحيوانات المعروفة بكرهها للإنسان،
يلتهم فريسته وهي ما تزال حيا لجعلها تعاني وتتألم أكثر ، عكس الاسد الذي يقتل فريسته قبل ألتهامها.صوته القبيح المنفر جدا شديد الازعاج بشكل مقزز، لا يعوي الا مع قدوم الليل مما يجعل صوته مرعبا ومخيفا. مولع بنبش القبور والتهام الجثث. الكثير من الناس لا تتردد اذا ما وصفت ببعض اسماء الحيوانات كالاسد الذي يرمز لقوة الشخصية،والنمر والفهد يرمزان للسرعه ،الا ان الاغلب ينفرون حين تصفهم بالضباع ،لما يتصف به هذا الحيوان من صفات الدناءة والسلوك الخسيس. مما يؤسف له إن الكثير من الناس اصبح ضبع في سلوكه وتصرفاته.ابتداء بأكل لحوم الناس بالباطل بالغيبة والبهتان والافتراء والكذب عليهم ، قبح الاصوات ممثلا بنشر الاكاذيب والتضليل والتسقيط، اذ تشبه هذه الاعمال بقبح صوت الضبع ونفور من يستمع له .يقتات البعض على موائد الفاسدين واللصوص ،كالضباع تعتاش على الجيفة وبقايا فضلات ما أصطاده الاخرون من سرقات من قوت الناس وحقوقهم.يتواجد حملة اخلاق الضباع في كل مكان خاصة وسائل التواصل الاجتماعي ،كأدعياء للحقوق ونشر الحريات والدفاع عن الكرامة ،حيث يعطيك من طرف اللسان حلاوة ،لكنة يخبئ تحت فكية انياب مفترسة لينتهز الفرصة ليثبتها في جسدك .أن عملية كشف هولاء تظهر في الابتلاءات والفتن ، اذا تكون مواقفهم في منتهى الانانية والخبث والتفكير بمصالحهم فقط ،لا يهمهم إلا ملئ بطونهم حتى لو كان على حساب دماء الناس وحياتهم ،كالضباع تعتاش على حياة الاخرين .تتحد هذه الضباع البشرية مع كل خفافيش الظلام لتحويل كل ما هو جيد وجميل الى خراب ودمار لنشر كل الوان البؤس والياس وإنعدام الامل بين الناس، وقتل روح الخير بزرع الشكوك وبث الفتن .يجيدون صناعة الحرائق وخلق الازمات لاتجد لهولاء الضباع اي موقف ينم عن شرف أو بطولة .تجدهم امام الكاميرات في المؤتمرات داخل الفنادق الفخمة يجيدون خداع الناس وتضليلهم ،لكن مستحيل ان تجدهم قريبين من الناس البسطاء وحياتهم، بل الادهى يبخسون شجاعة الاخرين ونبلهم، لانهم يمثلون خطر عليهم اذا يكشفون جبنهم ودناءتهم . الضباع البشرية من صفاتها الجشع والطمع ،لاتحركهم سوى المصالح الفئوية. التلون وعدم الثبات على موقف ديدنهم ، كل يوم مع جهه كل موسم مع تيار أو كتله او حزب .حين يختلف هولاء يقوم كل الطرفين بإتهام الاخر وتخوينه وكشف أسراره، لانها ضباع لا تجيد العمل المشترك ولا يهمها سوى ان تفترس أكبر قدر ممكن من أجل مصلحتها . الضباع البشرية تحتاج لصياد ماهر يجيد كشف هولاء وتعريتهم .حتى يسلم الناس والمجتمع من شروروهم وخبثهم .

ومضة:
لا شئ اسوء من خيانة القلم ، فالرصاص الغادر
قد يقتل أفرادآ بينما القلم الخائن قد يقتل أممآ.

تشي جيفارا

أحدث المقالات

أحدث المقالات