صدور أوامر قبض بحق وزير الداخلية السابق جواد البولاني ووكيل الوزارة أحمد الخفاجي وآخرين متهمين في قضية أجهزة كشف المتفجرات المزيّفة , قد أعاد إلى الواجهة أخطر قضية فساد واجهت المجتمع العراقي بعد سقوط النظام الديكتاتوري المجرم في العراق , فتداعيات هذه القضية لا زالت تتفاعل رسميا وشعبيا وإعلاميا , بالرغم من كل الجهود التي تقوم بها حكومة السيد المالكي من أجل طمطمة هذه القضية وإغلاق التحقيق فيها .
وقد حاولت الحكومة من قبل غلق هذه القضية من خلال تقديم اللواء جهاد الجابري ككبش فداء والحكم عليه بالسجن لأربع سنوات , إلا أنّ الحكم الذي أصدره القضاء البريطاني بحبس جيمس ماكورميك عشر سنوات قد أثار الراي العام العراقي وهيّج مشاعر الناس وغضبهم لآلاف الضحايا الأبرياء من العراقيين الذين قضوا بسبب هذه الأجهزة المزيّفة .
والجميع يتذّكر ردّة فعل الحكومة العراقية بعد قرار الحكم الذي أصدره القضاء البريطاني بحق جيمس ماكورميك , حيث أوعز رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلّحة بإقامة دعوى قضائية ضد الشركات والأشخاص المتورطين في قضية الأجهزة المزعومة , وتشكيل غرفة عمليات لمتابعة الملف مع القضاء العراقي بأمر من الوكيل الأقدم للوزارة عدنان الأسدي .
وفي حينها قلنا إنّ توجيه رئيس الوزراء في إقامة هذه الدعوى , لا قيمة له على الإطلاق ويندرج تحت عنوان امتصاص غضب الناس , كما إنّ توجيه الأوامر لطاقم وزارة الداخلية الحالي والمتهم أصلا بهذه الجريمة , بتشكيل غرفة للعمليات لمتابعة تطورات هذه القضية مع القضاء العراقي هو استهتار وإمعان في الضحك على عقول العراقيين وتجاوز على دماء آلاف الضحايا الأبرياء من الشعب العراقي .
فأوامر القبض بحق البولاني والخفاجي والتحقيق معهم في هذه الجريمة البشعة قد فتح الأبواب لمعرفة كل خفايا وملابسات هذه الجريمة , خصوصا فيما يتعلق بدور بعض الأسماء المهمة في هذه القضية والقريبة جدا من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلّحة , وجلّ ما نخشاه أن تقوم الحكومة بتسهيل هروب البولاني والخفاجي كما سهّلت هروب المجرم طارق الهاشمي , من أجل اسدال الستار على أخطر قضية فساد واجهت المجتمع العراقي , فربط خيوط هذه الجريمة وكشف ملابساتها لا يمكن أن يتمّ في حالة هروب البولاني والخفاجي , أنا شخصيا لا استبعد هذا السيناريو وربما قد تمّ تهريبهما خارج العراق .