حزب الدعوة من الاحزاب التي خدمتها الظروف اذ توفر له مظلة مرجعية ( محمد باقر الصدر ) مما اكسبه شعبية بين الشباب المتدين مما سهل له التغلغل بين صفوفهم وعندما اختلف الشهيد الصدر مع حلفاء الامس (القوميين والبعثيين ) ضد الشيوعيين فتوى (الحكيم) الخاصة بتكفير الشيوعيين واوصله هذا الاختلاف الى الاستشهاد في سجون البعث فورث حزب الدعوة ثمار استشهاده بعد ان وضعه الخلاف في خانة المعارضة للبعثيين ولم تطارد حكومة البعث حزب الدعوة تحت ذريعة حزب معارض وانما كانت الملاحقة تتم تحت ذريعة عمالته لايران والقت الجهات الامنية للسلطة القبض على كل من تشم منه رائحة المعارضة ورفض حكم حزب البعث تحت ذريعة انتماؤهم للدعوة واميلآت السجون بكثيرين ممن لاعلاقة لهم تنظيما او تعاطف مع الدعوة في حين هرب اغلب اعضاء حزب الدعوة باتجاه ايران او سوريا وبعد قيام الحرب بين العراق وايران قامت الحكومة الايرانية بتشكيل (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق ) من الهاربين اليها من مطاردة نظام البعث وبرئاسة ايرانية وجعل حزب الدعوة عضوا فيه بدلا من زعامته وهي طريقة للتحجيم ادت وبذكاء ايراني الى تشرذم الدعوة وغادر ابرز الاعضاء فيه الى سوريا وبريطانيا وفي المنافي الجديدة اقام الدعوة علاقات مختلفة عن تلك التي كانت في ايران خصوصا مع امريكا وبريطانيا واطراف المعارضة العراقية الاخرى (الاكراد والسنة ) وبعض المنشقين عن النظام في بغداد وعلى طول هذه الفترة كانت رومانسية حزب الدعوة كحزب معارض ارتبط بمحمد باقر الصدر تعشعش في رؤوس العامة حتى اسقطت امريكا نظام صدام واحتلت العراق واقامت فيها حكومة صورية ( مجلس الحكم ) من الاحزاب التي اتت بهم من المنافي فكان للدعوة فيها حصة الاسد والرئاسة الاولى لها وسارت الرياح بما تشتهي سفن الدعوة فسيطر الحزب على الجمعية التأسيسية وكتب الدستور مع اخرين وفازوا برئاسة الحكومة في اول انتخابات تشريعية واستمروا بحكم العراق لثلاث دورات تشريعية وطوال هذه الفترة لم يسجل لهم منجز يذكرهم به النخب بل كانت المآسي هي الصفة اللازمة لحكمهم فقد اضاعوا ثلث العراق في الدورة التشريعية الثانية وتفشى الارهاب والفساد الاداري والمحسوبية وضياع المال العام وتلاشي الخدمات وتصاعد ارقام العاطلين عن العمل والاحتجاجات وفي الدورة الاخيرة قام التحالف الدولي بقيادة امريكا بطرد (داعش ) بمساعدة الجيش والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية ويقينا لولا طيران التحالف لن يستطيع الجيش والحشد انجاز تلك المهمة والانعطاف الكبير للحزب في مسيرة الحكم حدث ابان التحالفات للانتخابات في ربيع 2018 اذ انشق الحزب على نفسه بسبب تعنت امينه العام ورفض رئيس الحكومة الانصياع لقيادته مما سهل مهمة الاطراف الاخرى التي تسعى لانهاء سيطرة الدعوة على سدة رئاسة الحكومة وكانت امريكا الراغبة بحصول العبادي على ولاية ثانية تراقب بحذر حتى وصلت الى قناعة تامة بنضوب حزب الدعوة وانحدار شعبيته الى ابعد حد لكنه لازال يمسك ببعض الخيوط فأوهمته بقوته عندما سمحت بوصول حليفه الى رئاسة البرلمان ثم جعلت منه متفرجا على انتخاب رئيس جمهورية غير مرشح حليف لها ليكلف برئاسة الحكومة ابغض الشركاء اليها وبذا وقعت امريكا شهادة وفاة سياسية لحزب الدعوة وشيعه البرلمان ليدفنه الشعب في الايام القادمة.