23 ديسمبر، 2024 8:48 ص

أخطاء منهجية في مواجهة ” داعش “

أخطاء منهجية في مواجهة ” داعش “

هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا أيمانا مع أيمانهم وللله جنود السماوات وألآرض وكان الله عليما حكيما -4- الفتح –

لم تكن داعش بقوتها دخلت الموصل , وأنما بسبب أخطاء منهجية أرتكبها من واجهها دون أن يعد لذلك عدة تحسن معرفة المخلصين في صفوفه مثلما تحسن أستعمال القوة وتكنولوجيا التقنيات والمعلومات وتحسن التنظيم والتدريب الذي أنفق عليه المليارات دون نتائج ملموسة , وحتى بعد أن حدث الذي حدث وهو فضيحة بكل المقاييس ألآخلاقية والعسكرية جعلت الشعب العراقي مكشوفا بضعفه أمام العالم .

واليوم تعاد ألآخطاء وتتكرر بأنفراد غير مبرر بعد أن أصبح الحشد الشعبي التطوعي هو ألآخر يصطدم بخيبة أمل لما رأه ميدانيا , فكثرة أعداد الشهداء مبكرا وكثرة الجرحى مع تلكأ ميداني ومراوحة تذكرنا بحرب الفلوجة  كشف عن أهمال وكسل وعدم خبرة مع سوء نوايا يمثلها من يقوم بسرقة العتاد ومسدسات الجرحى والشهداء وبيعها في السوق السوداء التي أصبحت رائجة , وعندما قمنا بأيصال هذه المعلومة الى الجهات المعنية لم نستلم جوابا ولم نلمس موقفا ينم عن حرص لتلافي ألآخطاء .

والجهات المسؤولة عن ألآخطاء المنهجية هي عسكرية وقد أفتضح أمرها بحادث دخول داعش الى الموصل , وأمنية نتيجة ضعف ألآستخبارات بل أنعدامها في حالات هروب السجناء المتكرر والفاضح وتغلغل سيارات ألآنتحاريين في بغداد وبقية المدن مع أنتشار العبوات وسهولة حركة رجال ألآحزمة الناسفة وحركة العبور عبر الحدود التي ظهر قسم منها مفتوحا أمام العصابات ألآرهابية التكفيرية , والجهة الثانية المسؤولة عن ألآخطاء المنهجية هي أحزاب المنطقة الغربية التي كانت تنادي بمنع دخول الجيش الى المدن وهو نداء يمثل خيانة مبطنة للوطن كان من نتائجها ماحدث في الموصل وتكريت وكركوك وبعض مناطق ديالى , وتشترك مع أحزاب المنطقة الغربية بعض أحزاب السلطة التي كان خطابها ملتبسا يميل الى الشخصانية والعائلية على حساب الوطن نتيجة قبولها لمقولة تهميش السنة تلك المقولة التي تنتمي لصناعة الفتنة بمفهوم ” الطوق النظيف ” لدكشيني ونتنياهو عام 1998 ومفهوم الشرق ألآوسط الجديد لكونداليسا رايز ومفهوم الفوضى الخلاقة الذي يجمع أفكار كيسنجر في السبعينات الى أفكارحرب الثمان سنوات التي شنت ضد الجمهورية ألآسلامية في أيران الى أفكار  جورج بوش ألآب في التسعينا ثم جورج بوش ألآبن بعد أحداث ” 11″ أيلول عام 2001 م وسجن غوانتينامو الذي أصبح مختبرا أستثماريا للتحكم بألآرهاب وتوزيعه  ثم حرب غزو العراق وتحول سجن بوكا الى مدرسة لتخريج ألآرهابيين التكفيريين ومنهم المدعو ” أبراهيم عواد الملقب بأبي بكر البغدادي ” الذي منح نفسه لقب خليفة المسلمين مستغلا خطأ فقهيا  تاريخيا في مفهوم الخلافة والولاية تبناه غير المشمولين بمفهوم ” أولي ألآمر , وغير الراسخين في العلم , وغير أهل الذكر وهم المحددة صفاتهم في القرأن الكريم , والمحدد عددهم في السنة النبوية الشريفة ” الخلفاء من بعدي أثنا عشر كلهم من قريش ” والمشار الى مواقف من كان حاضرا منهم مع النبي “ص” وهم ألآمام علي عليه السلام الذي قال عنه رسول الله “ص” في فتح حصن خيبر سأعطي الراية غدا الى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار ” رواه البخاري ومسلم عن قتيبة بن سعيد عن يعقوب عن عبد الرحمن ألآسكندراني عن أبي حازم قال أخبرني سعد بن سهل قال قال رسول الله “ص” الحديث , وهذا كله منقول من كتاب دلائل النبوة للآمام أبي بكر البيهقي , فماذا يقول الذين يحلو لهم اليوم التمنطق بالفتوى وهم ليسوا مفتين مما جعل تجاوزهم على الفتوى بابا لتجاوز أصحاب ألآهواء والنزعات الشخصية والعقد النفسية من أيام نافع بن ألآزرق زعيم الخوارج الى محمد بن عبد الوهاب الطالب الذي لم يكمل دراسته الدينية عندما وقع تحت تأثير الجاسوس البريطاني ” همفر ” الذي أنتحل شخصية رجل دين تركي يقيم في البصرة وراح يلقي بالشبهات أمام الطالب الصغير محمد بن عبد الوهاب الذي تعرض الى عملية غسيل دماغ أدت الى أنحرافه مثلما ينحرف اليوم شباب صغار السن فينخرطوا في صفوف التكفيريين دون علم ودراية مما يجعلهم يؤدون أدوارا تفرح ألآعداء والخصوم وتؤلم قلوب الغيارى والمخلصين مثل قطع الرقاب وأغتصاب النساء وسلب ألآموال وتخريب الممتلكات وتهديم ألآضرحة والمقامات وأخرها هدم مقام النبي يونس والنبي شيت ودانيال في الموصل وتهجير المسيحيين وهدم كنائسهم وقتل أتباع أهل البيت عليهم السلام وطرد ألآكراد من الموصل , ومن المسؤولين عن ألآخطاء المنهجية لمواجهة ألآرهاب التكفيري الذي أصبحت داعش تمثله هو شبكة ألآعلام العراقية لعدم قيامها بدور أعلامي مميز في مواجهة ألآرهاب وتعرية شعاراته وفضح أعماله وممارساته بأدلة معرفية موثقة من القرأن الكريم  والسنة النبوية الشريفة المنقولة بروايات مجمع عليها عند المسلمين في الصدر ألآول والثاني والثالث تسند مهمتها لآهل ألآختصاص والتعمق في الفكر ألآسلامي من المعروفين بوزنهم الثقافي , أن ألآعلام في مثل الحالة التي نمر بها يحتل الصدارة في التأثير على مشاعر الناس سايكولوجيا , لذلك لايعطى ألآ للنخبة من العارفين بالجيوسياسية أقتصادية وتاريخها المتداخل في حضارات ألآمم , وشبكة ألآعلام العراقي لم يكن لها حضورا مؤثرا يوم كانت مايسمى بساحات ألآعتصام في المنطقة الغربية تحظى بمديا أعلامية مضللة واسعة ألآنتشار يصحبها وسائل ألآتصال ألآجتماعي ومعها خليط من التلوث الثقافي الذي أصاب شرائح أنصاف المثقفين ومراهقي السياسة في منطقتنا والذين أصبحوا يطلون من على فضائيات التحريض والفتنة مثلما يطلون من على بعض المواقع التي أصبحت الكتابة فيها بدون قيود ولا ضوابط فعمت الفوضى والخاسر هو الوطن وألآنسان .

وعندما تصاعد ألآرهاب التكفيري في الفلوجة والرمادي وجدنا شبكة ألآعلام العراقي تمارس خطأ ليس منهجيا فقط وأنما هو خطأ عقائدي من خلال الشعار الذي ظهر على شاشة فضائية العراقية يوميا وهو يقول :” بكم ننتصر ” مع صورة العسكري العراقي , وكان المفروض أن يكون الشعار : ” بعون الله سننتصر ” لآن النصر في المفهوم ألآسلامي هو من الله وما البشر ووسائل الحرب ألآ وسيلة , وألارهاب التكفيري وعصاباته هي ألتقاطية في ثقافتها غوغائية في دعايتها سطحية في شعاراتها وفي طريقة تفكيرها لذلك كان المفروض بشبكة ألآعلام العراقي أن تتجنب مثل تلك ألآخطاء الثقافية حتى لاتعطي للعصابات ألآرهابية فرصة للدعاية المغرضة التي تشكل غسيل دماغ لمحدودي الثقافة وناقصي المعلومات وقاصري القدرة على ربط المفاهيم بالواقع .

ومن أخطاء شبكة ألآعلام العراقي في مواجهة ألآرهاب هو أعتمادها على من هم ليسوا من أهل الخبرة وألآختصاص في الفكر ألآسلامي ولم يتوقف بها ألآمر عند هذا التقصير وأنما راحت تقدم وجوها غير معروفة لحدث معروف بهويته مما فوتت على المواطن والمشاهد فرصة تقديم المنهج المعرفي الذي لايترك لداعش ومن معها أمكانية الرد المنطقي المقبول عند الناس , وشبكة ألآعلام العراقية من خلال الفضائية العراقية ضيعت فرصة المنازلة فكريا مثلما ضيعت فرصة المنازلة مهنيا فألآناشيد التي قدمها بعض الممثلين والمغنين لم تكن فكريا بمستوى المواجهة لآعتبارين أولهما المظهر وثانيهما المضمون , أما من حيث المضمون فلم يكن شهر رمضان المبارك يحظى بهيبة وأحترام يتناسب مع عظمته مثلما يتناسب مع مراعاة شعور الغالبية من المواطنين , فدعايات الحزورات والمسابقات ومن يقدمها لم تكن هي الصورة الثقافية التي تتناسب مع شهر رمضان ومع الحدث الذي جعل ألآرهاب التكفيري يتحكم بمصير المواطنين في الموصل , فمقدمو البرامج ليسوا أهلا للمهمة والضيوف خليط غير متجانس تنقصهم المعرفة بالحدث ومادته الثقافية  مما يجعلهم يلوكون كلمات غير مفهومة ويرددون خطابات تهجمية لاتعطي مضمونا مفيدا للمشاهد والمستمع , هذا فضلا عن أن بعض الوجوه هي غير مناسبة من وجهة نظر ألتزامية عقائدية , فلا يكفي مثلا أن يكون كل من درس العلوم السياسية جامعيا مؤهلا للخوض في حديث المواجهة مع ألآرهاب التكفيري عقائديا , ولا كل محلل سياسي علما بأننا نشكو من قلة تخصصية حقيقية في هذا المجال , فظاهرة ألآدعاء تغزو مجالات كثيرة حتى الحوزوية منها , لذلك أصبحنا مكشوفين أعلاميا بما لايتناسب وتاريخ العراق وعمق ثقافته التي أرتوت من عبق النبوة من أيام نوح عليه السلام وأبراهيم النبي صاحب الحنفية ألآولى وهو من سمانا بالمسلمين كما في النص القرأني الى يونس النبي الذي فجرت داعش مقامه في الموصل وقبله النبي شيت الذي لم يسلم مقامه من التفجير مرورا بأيوب وذي الكفل الذي نسج اليهود أساطيرا من أجل أستحواذهم على تعويضات مالية من العرب بلغت “45” مليارا  وحصة العراق منها في زعمهم الباطل ” 15″ مليارا من الدولارات ألآمريكية ؟

وأنكشافنا ألآعلامي يقابله أنكشافا أمنيا مريعا نرجوا أن لايدوم طويلا أما ألآنكشاف العسكري فهو حديث يعرفه الخبراء ولعل المماطلة ألآمريكية في الوفاء بتسديد حصة العراق من طائرات فانتوم المتعاقد عليها من تلك ألآسباب تضاف اليها عدم الوفاء ببرنامج تدريبي للضباط والجنود العراقيين كما كان متوقعا أننا خسرنا تدريب قواتنا مثلما خسرنا أيفاداتنا التي أصبحت هدرا للمال وفرصة لآعضاء مجالس المحافظات وأعضاء مجلس النواب لآنتهاز ألآيفادات بدون مبرر مهني أو أخلاقي , أننا بحاجة الى أعادة النظر بكل شيئ حتى لانخسر كل شيئ  , ولكننا نعول أن شاء الله كثيرا على الحشود الشعبية المتطوعة رغم الثغرات التي أكتشفت في بداية العمل نتيجة وجود عناصر فاسدة .

أن المخلصين من أبناء العراق في الجيش والشرطة وهم كثر وبأمكانهم أن شاء الله الشروع ببناء جيش وشرطة عقائدية من مادة الحشود المتطوعة لآن أصل وجود الدافع العقائدي عند المتطوعين هو معادلة أيجابية للتوازن ميدانيا وألاندفاع ذاتيا لمواجهة داعش بصلابة لم تعهدها داعش لدى بعض المتخاذلين مما أغرى داعش بأنتصارات وهمية كالتي حصلت في الموصل .

أن تدريب النساء على السلاح ضرورة تفرضها المرحلة ولكنها تحتاج عراقيا الى تنظيم يراعي خصوصية المرأة وخصوصية الشعب العراقي وأن لايعطى التدريب أستنسابا لمن كان وأنما يجب أن يكون ألآشراف والتدريب بأيادي معروفة بعفتها ونزاهتها وأستقامتها ويفضل أن يكون بواسطة ضابطات من منتسبات وزارة الداخلية حيث هناك نسبة من المتخرجات الضباط في كلية الشرطة وهذا أمر أحترازي غاية في ألآهمية حتى لانقع في مشاكل جديدة تضاف لمشاكلنا الكثيرة . 

هذه هي أهم ألآخطاء المنهجية في مواجهة داعش , على أن التغلب على تلك ألآخطاء ليس صعبا ولا مستحيلا , وأنما هو رهن ألآرادة التي تتخذ من بوصلة السماء دليلا ومن قدرتها وأخلاصها وسيلة لآسترجاع هيبة العراق وسيادته وتلك مسؤولية الجميع .