بالتأكيد لم تكن تشكيل الحكومات السابقة بعد القضاء على الحكم الدكتاتوري الدموي في العراق هو وليدة مرحلة نابعة من التخطيط والفكر ورسم سياسات ترتقي بالبلد للتقدم الحضاري والعمراني والفكري ,انما جاءت كردة فعل متعاقبة وسريعة للسيطرة على الاوضاع الهشة والتهديدات والانفلات الامني في الداخل والخارج , وما رسمت من سياسات بعد عام 2003 لم تأخذ فيها البعد المستقبلي للبلاد وظروف التحدي وانهيار المنظومة الأمنية والاقتصادية وهذا يحتاج الى فترة ليست بالقليلة ,جرى ماجرى في تلك الفترة من استراتيجيات وواقع لم يشهده الشعب العراقي من تغير مفاجىء في ظل الانفتاح بدرجة 360 من نظام دكتاتوري قمعي اوغل بدماء العراقيين لسنين وحكم بالنار والحديد والقيود الى الحرية المطلقة دون رقيب وعتيد ,هذا ما جعله في شذوذ واضحه ومباحه في الشارع لفترة عقد من الزمن دون رادع ومحاسبة ولم تؤثر منابر الارشاد الديني لكل الطرفين على سلوك افراد المجتمع وايقاف العادات الدخيلة والافكار الغريبة من التوسع عند حدها ,واستمر الصراع دون جدوى لهذا اليوم ,مايهمني من كتابة ذلك الموضوع هو تسليط الضوء على بعض الاخطاء والممارسات للحكومات السابقة ربما لم تفكر الحكومات بنتائجها وكوارثها المستقبلية والتي انعكست عليها وصفعتها دون رحمة ومنها لم تباشر بالحد من السيطرة على كافة الاسعار في كل الجوانب وانتشر الاستغلال الاقتصادي والمضاربات لغياب عنصر الرقابة والحسم وعدم وضع ايدلوجية تستطيع من خلالها ان تتبنى مفهوم العدالة داخل المجتمع , وبذلك تستطيع ان تقلل الرواتب اثناء التعيين كما كان في عهد الطاغية بحيث لم يلتجىء اغلب الناس من خريجين الى التعيين واعتمدوا على الاشغال الحرة في الوقت ان اصحاب المهن من معامل وايداي حرة ,يفوق اجرها ماياخذه الموظف في الدولة وعزف الكثير من التقديم على الوظائف الحكومية , بينما نجد اليوم الشلل الواضح لما يصيب الاعمال الحرة والزراعة واتجاه الناس الى طلب الوظائف الذي شكل عبء كبير على خزينة الدولة,في عام 2021 كشف مسؤولون عراقيون أرقاماً جديدة عن البطالة المقنّعة المتفشية في مؤسسات الدولة، مؤكدين أن أكثر من 40 بالمائة من أعداد الموظفين الحكوميين يندرجون تحت هذا المسمّى، وأنهم يتقاضون رواتب شهرية كبيرة ترهق ميزانية الدولة.ومن جانب اخر ما قامت به الدولة ووزارة التربية الخطأ الفادح هو اعطاء دور ثالث واعادة الامتحان للمتغيبين في ظروف قاهرة ورفع الدرجات الحرجه كل ذلك نخر جسد التعليم وسمح الى الكثير من الطلبة ان تجتاز مراحل الامتحان الوزاري الى الكليات وهم ليس بمستوى المطلوب العلمي وتعودوا على النجاح بالحظ , ثم سمحت لهم الكليات الاهلية بمواصلة دراستهم وتخرجوا منها فبدأت المشكلة حينما ينظمون تظاهرات ضد الدولة بالمطالبة بتعينهم رغم انهم لايملكون المادة العلمية والتخصص الدقيق ,اوضح رئيس لجنة الخدمات والإعمار في البرلمان السابق النائب وليد السهلاني أكد، لـ”العربي الجديد”، أنّ “أعداد الموظفين بالعراق خارج إطار التخطيط، وهم اليوم بأعداد كبيرة جداً، وهو واقع حال لا يمكن معالجته“، اضافة الوضع الامني الذي بقى هش ومعرض الى الثغرات والاختراق بين فترة واخرى من قبل الحكومات المتعاقبه على حكم العراق لم تستطيع أن توفر الامن لهذا الشعب المكلوم لأسباب كثيرة منها عدم خطط استراتيجية مبنية على وجود تخطيط استراتيجي قومي شامل لقوى الدولة الشاملة يشمل التحليل الاستراتيجي والاختبار الاستراتيجي وتحديد التوجه الاستراتيجي للدولة وتحديد الغايات الوطنية وتحديد البدائل الاستراتيجية وتحقيق التكامل, والجانب الاخر هوعدم وجود استقرار سياسي: كان من الصعب أيجاد توافق سياسي بين مكونات الشعب العراقي بعد عام 2003م بعد أن ساهم مبدأ المحاصصة الطائفية الذي جاء به المحتل ووضعه كأساس في مشروعه السياسي في تعميق الهوة بين مكونات الشعب العراقي مما سبب أخفاق كبير في تحديد الأهداف العليا للبلد للمحافظة على كيان الدولة السياسي¸نتمنى من حكومة محمد شياع السوداني حكومة الخدمات ومحاربة الفساد والتحويل الجذري في سياسة الدولة ,ان تنتبه الى هذه النقاط واجد ان هذه الحكومة هي من افضل حكومات تولت سلطة العراق من تاريخ ثورة العشرين لحد الان , ونحن نتكلم بعيد عن التخندقات والمجاملات وما نراه خير دليل على ذلك في كافة الميادين وحالة ملموسة امام انظارنا .