شرنقة مايسمى بالربيع العربي ” وهي تسمية مضللة ” تلتف حول المنطقة , والمشكلة أننا من بؤسنا وحرماننا نصدق بكل مايقدم لنا بأسم الحرية والعدالة وحقوق ألانسان والرفاهية ؟
أخطاء الحكومة لم تعد تحتاج الى دليل , ولكنها أخطاء تقع في مربع عدم الخبرة وعدم الكفاءة , يتساوى في ذلك كل أحزاب السلطة وممثليهم في الحكومة والبرلمان ومجالس المحافظات ومؤسسات الدولة والجيش وقوى ألامن .
وعندما نشخص عدم وجود الخبرة وعدم وجود الكفاءة في شخص العاملين في الدولة عموما والمرشحين من قبل أحزاب السلطة , فأننا لاننسى حقيقة لم تعد تغب عن المهتمين بتحليل شخصية الفرد والمجتمع العراقي ولكن ليس على ” طريقة الدكتور علي الوردي ” التي أخبرنا أخيرا سلام الشماع المقرب منه بأنه ” أي علي الوردي ” كان كثير القلق والشك في أواخر أيامه وكان يحتسي يوميا مساء قدحا من الخمر ولم يشاهده يؤدي الصلاة”
والمجتمع العراقي يعاني اليوم أرباكا في منظومة القيم , ومن هنا يصعب على المصلحين أيجاد فضاء للآصلاح قبل علاج فساد منظومة القيم والتغلب على نتوءاتها المعيقة للبناء على مستوى : ” الفرد , وألاسرة , والمجتمع , والدولة ” ولذلك نرى بوضوح فساد كل من: –
ألاحزاب ولا نستثني أحدا
الكتل وتتكون من مجموعة أحزاب
التيارات وتتكون من أفراد وقواعد شعبية وعشائرية وحاضنات دينية
ألاعلاميون : وألاستثناء موجود ولكنه نادر وقليل , وسبب فساد ألاعلاميين لآنهم من أفراد هذا المجتمع الذي تعاني منظومة قيمه من أرباك , ثم لآنهم أصبحوا مجندين لمشاريع أعلامية مدعومة من الخارج غالبا وتفتقد الى التخطيط وتكتفي بأستحضار المال المجهول المصدر ؟
المثقفون : وألاستثناء موجود ولكنه نادر وقليل , ويغلب على طبقة المثقفين العراقيين أنتمائهم لحاضنات فكرية لاتنتمي لروح الموروث العقائدي الذي يحرك غالبية الكتلة البشرية في العراق التي لازالت في صراع بين مستحدثات التقنية والمدنية المعاصرة وبين هويتها العقائدية التي لم تجد تماثلا معها في تفاصيل الحياة اليومية رغم تعلقها الذي لايفقدها ألامل بالخيارات النهائية التي عرفها مخططو مايسمى بالربيع العربي اليوم وهم نفس المخططين لسايكس بيكو القرن العشرين ؟
لذلك عندما يقترب ألاعلاميون من خلال فضائياتهم وصحفهم ومجلاتهم ومذياعهم للحديث عن الفرد والمجتمع والدولة في العراق يزيدوا النار أشتعالا , ويساهموا في أذكاء نار الفتنة دون أخمادها , لآنهم ليسوا من المتخصصين غالبا ويغلب عليهم صفة الهواة ؟ والمتخصص أعلاميا منهم لايمتلك أرضية ثقافية للتواصل مع حركة الكتلة البشرية لآنه أستقى ثقافة أعلامية أجنبية مبنية على نسق فكري له أغراض في منطقتنا يقودها العقل البروتستاني البريطاني في بداية القرن العشرين والعقل التوراتي ألامريكي في نهاية ذلك القرن وبداية القرن الواحد والعشرين .
ومابين العقل البروتستانتي المتطرف الذي ولدت من خلاله الكنيسة الصهيونية ومابين العقل التوراتي المختزل بأراء حزقيال في ” الهرمجدون ” ويأجوج ومأجوج ” الذي أصبح موضع قناعة العقل القيادي ألامريكي وهي لحظة أصطفاف تعبر عنها ألاقدار أكثر مما تعبر عنها ألافكار .
وأخطاء الحكومة يمكن معالجتها بتصحيح قانون ألانتخاب ووضع قانون للآحزاب , ويبقى ألاستعصاء في تغيير بعض مواد الدستور الذي جعل من ألاقليم دولة داخل دولة , وهذا الجعل المفتعل يسقط أي واحد يتسنم رئاسة الحكومة الفدرالية ” المركزية ” ومن هنا يكون الذنب ليس بالمالكي في تصاعد المشكلات ألاخيرة بين المركز وألاقليم , ومن يعمل في ألاقليم يجد فرصة سانحة في أقامة الدولة الكردية لاسيما بعد المواقف ألاوردغانية التي تجد في الحالة الكردية العراقية والمال القطري والسعودي منفذا للخلاص من الورطة السورية ولذلك يعول أوردغان أمالا كبيرة على لقائه المرتقب مع الرئيس ألامريكي أوباما في شهر شباط المقبل .
ولآن ألانتخابات أصبحت شبه تقليد سياسي رغم تشويه هذا التقليد وألاساءة اليه من قبل أحزاب السلطة , ألا أن مقولة ” الربيع العراقي قادم ” لم يكن أستخدامها صحيحا بلحاظ وجود ألانتخابات التي أصبحت تقليدا في العراق , وبلحاظ تداول السلطة رغم مافيه من أخطاء .
أما أخطاء المتظاهرين فلا يمكن علاجعها لوجود أجندات خارجية تحركها ظهر ذلك واضحا في كل من :-
ظهور لافتات وعلم الجيش الحر وهو مشروع مخطط له من قبل المطبلين زورا لمايسمى بالربيع العربي ” ومايسمى بالثورة السورية التي تقوم وزارة الداخلية السعودية بالعفو عن السجناء المحكومين بقطع الرؤوس وهم من عدة جنسيات عربية وأسلامية شرط توجههم للجهاد في الثورة السورية ؟
رفع العلم العراقي القديم وفي هذا العمل مكيدة يقف ورائها من ينتسب للحزب الذي دمر الحياة السياسية وألاقتصادية وألاجتماعية في العراق وهو حزب البعث الذي قال مؤسسه ميشيل عفلق عام 1948 : ” أذا كان محمد كل العرب فليكن العرب كل محمد ” وهي أخطر مقولة قيلت في العصر الحديث لتشويه صورة القيادة المصطفاة ربانيا وأستبدالها بقيادة وضعية لاتمتلك مواصفات القيادة بشروط السماء ولذلك أصبح من هو أمي متهور من أبناء الشوارع قائدا على العراق وسعى لتدمير منظومة القيم العراقية ولذلك نجد اليوم من لايزال يسبغ الشهادة خطأ والقيادة زورا على مثل ذلك النفر الضال ؟
رفع صور أوردغان التركي في تظاهرة ألانبار يعني وجود أصابع للمخطط الدولي الذي يقول :” لنا الطاقة وأمن أسرائيل ولكم حكم السلفيين والوهابيين ” وأوردغان العثماني يسعى لحماية أمن أسرائيل من خلال تطوعه غير المفهوم لتدمير حزام المقاومة والممانعة رغم كل ألاضرار الفادحة التي أنعكست على حياة الشعب التركي لاسيما المحافظات المجاورة لكل من سورية والعراق ووجود صواريخ باتريوت على الحدود التركية السورية والغاية منها حماية أسرائيل وليس حماية تركيا التي لم يعلن أحد جيرانها بتهديدها ؟ ثم أن تدخل أوردغان بالشأن العراقي طائفيا رغم وجود عشرات الشركات التركية العاملة في العراق مما يعني أن هذا الرجل قد جند للآجندات ألاجنبية على حساب مصلحة شعبه الذي يرفض تلك التدخلات في الشأن السوري , وعليه يكون رفع صور أوردغان لايمكن تبريره سياسيا ووطنيا وأخلاقيا ؟ وعمل من هذا النوع يتجاوز ألاخطاء المحلية في الحكم والسياسة ؟
أرتفاع الشعارات الطائفية والتي لها حاضنات وهابية يعرفها أخواننا في الرمادي والموصل وصلاح الدين أكثر من غيرهم وأكتوا بنارها ومست أعراضهم من جرائها ؟ وشعارات ” الصفوية والمجوسية ” مؤشر خطير يهدد الوحدة الوطنية العراقية .
أعلان مطالب تعجيزية تلغي الدولة والنظام والقانون هي مؤشر خطير أخر مثل : ألغاء مادة ” 4أرهاب ” وألارهاب أصبح متفشيا في العراق يهدد سلامة المواطن مثلما يهدد الدولة العراقية , فمن يطالب برفع هذه المادة أنما يسعى لفتح مشروع تدمير الدولة وهدر وأستباحة الدم العراقي , ولذلك يعتبر هذا المطلب من أسوأ المطالب , ولو كان هناك طلب بترشيد تطبيق هذه المادة لكان فيه وجهة نظر مقبولة والمطالبة بأطلاق سراح كافة المعتقلين وتطبيق قانون العفو العام دون ترشيد وأستثناءات يخفي ورائه توجه مخيف لحماية من قتل العراقيين وهو خطأ للمتظاهرين لايمكن حسن الظن به ؟ كما أن رفع مطلب أطلاق سراح النساء السجينات وبأطلاق لايستثني ألارهابيات من حملة المفخخات والاتي أرتكبن أعمالا أجرامية هو ألاخر خطأ للمتظاهرين تقف ورائه أجندات خارجية أرهابية ؟
رفع شعارات مظلومية أهل السنة دون مظلومية الشيعة وبقية الوجودات العراقية مثل المسيحيين أنما يخفي ورائه نفس طائفي يريد تمزيق العراق بالفتنة التي تسعى اليها الصهيونية وعملائها في المنطقة الذين أصبحوا أدوات أمريكية وهم كل من أوردغان التركي وحمد القطري وسعود الفيصل السعودي .
رفع شعار التدخل ألايراني يخفي ورائه نفس طائفي تتظافر جهود دولية وأقليمية لجعله عدو هذه ألامة بدل العدو ألاسرائيلي وهذا توجه خطير لآنه يحمل نفس المخطط التدميري في المنطقة والمطبق حاليا في سورية , أننا عندما نشخص بعض أخطاء السياسة ألايرانية لانجعل منها عدوا لنا وللمنطقة والعالم , بينما الذين يرفعون هذا الشعار يتناسون التدخل السافر التركي في الشأن العراقي مثلما يتناسون التدخل القطري العدائي في العراق والتدخل السعودي الذي يرفض تطبيع العلاقات مع الحكومة العراقية بينما يحص على تدمير سورية من خلال أخراج المساجين المحكومين عندهم بشرط القتال في سورية ولم يفعلوا ذلك من أجل الثورة الفلسطينية عبر تاريخها الطويل ؟ والدعوة الى جعل أيران عدوا للعراقيين هو خطأ للمتظاهرين يضاف الى أخطاء الصراع والمخطط الدولي لتفتيت المنطقة ؟
ثم أن أعتبار قطع الطريق الدولي كردة فعل على قطع مواكب العزاء للشوارع كما صرح بذلك أحد شيوخ العشائر الداعمين للتظاهر هو خطأ فكري وسياسي يضاف لآخطاء المتظاهرين المرتبطة بنفس طائفي يرفضه الغالبية من أبناء الشعب العراقي وأعتبار رفع علم الجيش الحر هو ردة فعل على رفع صور الخامنئي كما صرح بذلك نفس شيخ القبيلة الذي ينقصه الفهم السياسي , فرفع صور الخامنئي خطأ فردي لاتتبناه الحكومة ولا المرجعية في العراق , بينما رفع علم الجيش الحر في تظاهرة سياسية يكشف عن توجه يرتبط بما يجري في المنطقة من مخطط يريد تفتيت المنطقة من خلال ألاطراف التي تقف ورائه , فنحن هنا أما أخطاء للمتظاهرين يختلط فيها البعد الطائفي العدائي والبعد الدولي الذي لايريد خيرا للعراق والمنطقة , وبذلك فنحن أمام أخطاء مركبة للمتظاهرين عرضت السيادة العراقية للآختراق والوطنية العراقية للتشرذم والسياسة العراقية للضياع , بينما تظل أخطاء الحكومة محصورة في الحاضنة العراقية ويمكن علاجها من داخل الحاضنة العراقية وتقليدها ألانتخابي بعد أصلاحه .
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]