23 ديسمبر، 2024 4:43 ص

أختار الثّالثة فأنتحر؛

أختار الثّالثة فأنتحر؛

عينة رمزيّة مستوحاة من الخيال لحالة واقعية في “ذي قار” لاتعني بالضرورة تشخيص الخلل، بل هي ازدراء لكارثة حقيقًة انتشرت، وما سيرد فِيهَا ترهات مَن وحي الكاتب لايستهدف به سِوى امنيات في تحقيق الرفاهية والخدمات وحق الحَيَاة.
كل مايرد من تشابه هنا هو بنحو الصّدفة.

أختار الثّالثة فأنتحر؛
حسب قانون البلوغ عند محاكم المدنية المتطوّرة جداً في التنظير النرجسي! ان محمود قد عبّر السابعة عشر من عمره فهو حر لكنه لا يعلم بماذا هو حر؟ و حسب أحكام الشريعة النافذة أن محمود بلغ الْحُلْم، وهذا يعني أنه يحتلم مع فتاة جَمِيلَة في منامه ليسيل منه المني بشهوة تتدفق بعالم الأحلام، هذا هو اشد انواع نتائج التقييم لانطلاقة محمود لممارسة حقّه بالحياة! لكن محمود لم ينبت لَه إلى الآن شعر في العانة! وهذا ما وجدت لَه الشريعة منفذ دام أنه احتلم إذن هو دَخَل سن التكليف، وسن التكليف هَذَا يَجْعَله أمام واجبات عَلَيْه أن يعملها وإلا سيدخل النَّار “حتماً وقسراً وجبراً ” غيّر مأسوف عَلَيْه مَن قِبل الأرض وَلا السماء الّتي تجاوزت دَرَجَة حرارتها الخمسين في أكثر ايّام شهر تمّوز واب،تكليفه أن يصلّي ويصوم ويحج ويقاتل عِند الحاجة،ويزكي، ويأمر بالمعروف وينهى عَن المُنكَر ضدّ هؤلاء الذين لا يُصلّون ولا يحجون ولا يزكون ولا يقاتلون ولا يعبدون ولا يدخلون المسجد ولا يهرولون مسرعين عِند رؤية الهلال، كَذَلِك هناك أوامر إضافية علَى محمود أن ينجزها وإلا سوف لن يَجِد لَه بيتاً في الجنّة وَلا حتّى “دربونة”، مثل هذه الأمور أن لايسمع الغناء ولا يطرب ولا يشاهد فاتناة التلفاز بشهوة! وَلا يرقص ولا يخرج إلى أماكن اللهو فبالهو أمراض نفسيّة!
محمود شعر بالتكليف وبدأ يتساءل عن حقّه بالحياة؟
دام هناك عليه تكليف إذن لا بد ان يكون لي حق بممارسة الحَيَاة.
كان يعيش في صراع إقليمي، بين ذاته وبين دول الجوار واللاجوار، انهم يتنفسون العشق، يمرحون بإشيائهم، يستمتعون مَع صديقاتهم يَخرجون إلى النوادي ويسهرون، يمارسون ما أرادوا بكل سهولة ويسر، لاتوجد موانع تعجيزية فارضة نفسها عَلَيهِم بشكل أحكام تهكمية واقتلاعية لحريتهم، كَذَلِك إنهم يماروسوا كل شَيْء بالعلن، لم يحتاجوا إلى إخفاء مايفعلوا او اخفاء اسماءهم بأسماء وهمية! خوفاً من قلّة الإحترام!، كان يسمع ويرى ان هؤلاء الْقَوْم غير المبالين لسياط النفاق وازدواجية المواقف، هُم لم يجندهم أحد لكتابة التقارير اليوميّة عن “ماقيل ومن قَال”؟ من قبل رِجَال السُلطة! وليس لهم ارتباطات بأشخاص تجعل منهم جيوش إلكترونية تتقاضى رواتب شهرية، وَلا عَلَيهِم محاضر إجتماع مع سياسيّين من أجل غسيل الأموال او تجارة لأسماء تختفي خلف أسماء أخرى في فتح محال تجارية! وتحتاج أن تتمتّع بنفوذ مستمر، كَذَلِك هم ايضاً يؤمّون بالله ويُقيمون عبادتهم بشكلٍ نظامي بل لديهم اشتراطات مهمّة في شخصياتهم، “كحب الآخرين، والتعاون، والوفاء بالوعد، ونبذ الكذب، ونبذ السرقة، وعدم الأحتيال، وبغض التطرف، والتعايش فيما بينهم ، وعدم الغدر، وقلة النفاق”، ولهم قوانين تحكم المنفلتين مِنْهُم، اذن هم ايضاً يشعرون بالتكليف؟ رغم إنهم متى ما شائوا يرقصون، ويستمتعون، ويغنون، ولديهم صديقات، وجانب من السهر والسمر والمتعة، والاكثر والاهم ان ذواتهم محترمة اجتماعياً وبالتدرج العلمي هم ايضاً مُهتمين، ولديهم الكثير من وسائل التفريغ للكبت والاكتئاب، هَكَذَا كان محمود محاصراً بين القمع الممارس علَى الأمكنة، وبيّن قَمع الرغبات القسري، عَلَيْه ان يَستمر في تكليفه دون أعتراض عما يراه من بقيّة الأمم اللا مرحومة! وعليه ايضاً ان يفنى في تكليفه وينتظر ألموت!
“احياناً يمتلك الْمَرْء كم من الطاقات الإيجابية الّتي تشكّل له مصدر سعادة له وللمحيط، وعندما تصطدم هذه الطاقات ببعض الأعراف المخدرة والمزيفة تبدأ تضمحل وتنحسر ليتحوّل الْمَرْء إلى نزيف متهالك مَن الإحباطات المتناوبة و شحنة عصبيّة مكبوتة مهيأة اما للمرض النفسي او للجريمة او للانتحار”.
محمود أختار الثّالثة فأنتحر.