كانت المعلومات المتداولة عن التعليم الطبي الأهلي سلبية، لكن لم يكن من السهولة الحصول على معلومات موثقة، التوثيق وراءه حصون وقلاع أولها وزارة التعليم العالي «آنذاك»!
والصورة عن هذا أي فترة صعود هذا التعليم الخاص كانت مع اختلاف بسيط هي نفس صورة المعاهد ثم الكليات الصحية الأهلية التي تحولت إلى أكاديميات… طموحاً إلى المستقبل المشرق أو «الشارق» بغصة في الحلق! لذلك لست متفاجئاً من نتائج «إحصائية اختبار الرخصة السعودية لمزاولة مهنة الطب من 1 أكتوبر 2015 إلى 31 أكتوبر 2016» والتي نشرت هيئة التخصصات الصحية جدولاً يوضح نتائجها، وغرد بها وزير الصحة على تويتر مهنئاً الجامعات التي احتلت رأس القائمة، من دون إشارة إلى غيرها…، فجاءت كليات طب أهلية في ذيل القائمة بنتائج هزيلة. لم يكن هذا سراً بل تم الصمت عنه وقت بدايته من وزارة التعليم العالي وحمايته حتى اتسع.
لقد شاركت الجهات الرسمية ممثلة في وزارة التعليم العالي بهذا «الحصاد»، وهو معبر عنها وعن جودة إشرافها ومنحها للرخص بتفاصيلها ولجانها وزيارات أعضائها الميدانية، وتدل على عمق شعورها وشعورهم بالمسؤولية تجاه الوطن وانسانه، التعليم العالي كوزارة اختفت داخل وزارة التعليم، لكن البصمة حاضرة، مع الدمج يتوقع الأسوأ لكثرة القطاعات وأوضاع الإدارة السعودية المترهلة.
الخصخصة تمت منذ زمن في تعليم التخصصات الصحية وطابور طويل من المتخرجين الذين «بحلت» بهم وزارة الصحة منذ أيام وزراءها من الدكتور حمد المانع إلى الدكتور عبدالله الربيعة حتى أصبح الخريجون والخريجات ملفاً شائكاً يحتل وسائل الإعلام التقليدي والجديد، لذلك كان من «الطبيعي» أن تصل الأمور إلى مهنة الطب. وفاز تجار التعليم الصحي بالكعكة و«قعدت» بها البلاد وشبانها وشاباتها، ومن المتوقع أن يفوز تجار الطب بالمستشفيات الحكومية قريباً.
الآن إذا ذهبت إلى مستشفى لا بد أن تعلم من أين تخرج الطبيب حتى تطمئن أن صحتك في أيد أمينة وليست في يد أمين صندوق، والمعنى أن المريض لا بد أن يفحص الطبيب أولاً ليسمح له بعد ذلك بفحصه! هذه النتائج في المفترض المنتظر أن تعلن حال طوارئ تحذر من الخصخصة، فالحقيقة أن هذه هي الخصخصة على الطريقة السعودية، حاضرة بمداخلها ومخارجها ولا يتوقع أن تخرج من هذه الدائرة.
نقلا عن الحياة