20 مايو، 2024 6:07 م
Search
Close this search box.

 أحوال سياسية(5)

Facebook
Twitter
LinkedIn

الحالة السياسية التي تحدثنا عنها يوم أمس هي كذلك المنطلقات التي تتحرك على أساسها الجماعات السياسية ، و لأن هذه الجماعات في أغلب الدول خاصة المهيمنة منها على مؤسسات الدولة تملك مالا تملكه أي جهة أخرى في التأثير على الشعوب ، تنعكس الحالة السياسية كطبيعة للمسارات الثقافية للمجتمع ، فالبلدان التي تتشكل حالتها السياسية من يمين و شمال ديني سيكون المجتمع منقسم هكذا كتحصيل حاصل لهذه الحالة ، و هكذا في الحالة القومية أو أي تصنيف آخر للهويات الفرعية ، مؤكدا أن الجماعات السياسية تنمي ما هو موجود أصلا و تشكل منه حالتها السياسية من أجل تحقيق مصالحها ، فمثلا لن تجد حالة سياسية قومية ( عرب ، كرد ) في محافظة النجف أو كربلاء أو البصرة ، لكنها حاضرة بقوة في محافظة كركوك ، و هكذا على المستوى المذهبي أو الحزبي ، هذا التموضع لا يشكل الحالة السياسية لكل دولة فحسب ، بل تتشكل منه كما قلنا الحالة و الطبيعة الثقافية الاجتماعية ، و لذلك تعد الطائفية المجتمعية نتيجة طبيعية للطائفية السياسية ، و على هذا تتحرك الأطراف كافة ؛ و بودي أن الفت النظر إلى أن حتى الجماعات الإرهابية كتنظيم القاعدة و داعش ، هي الأخرى تتحرك بتطرف على هذه الخطوط ، لذلك نجده خطابها في العراق يتموضع في نصرة السنة ضد الشيعة و كأنها مشروع لإبادة الشيعة ، و لكنها في مصر لا تتحدث عن الشيعة أو الرافضة و هكذا في ليبيا و تونس .
و هنا يكمن الخطر فالحالة التي تتحرك في منطقة الهويات الفرعية ، لا يمكنها أن تنتج الدولة الوطنية ؛ و لا تشكل أمة وطنية ؛ و تغيب المشترك الوطني و تستبدله بهذه الهويات المتعددة التي حتما أنها و بسبب التسييس تشكل أساس الاختلاف و الخلاف و الصراع ، فالدستور و القوانين إن كتبت و هذا ما حصل في العراق بمستوى ما بمنطق المحاصصة الأثنية و الدينية و الحزبية ، سينتج مؤسسات و أجهزة لا دولة ، و لن تستطيع هذه المؤسسات أن تؤدي وظائفها المفترضة كمؤسسات وطنية .
الموضوع يبدأ من مشاريع القوانين و بناء المؤسسات بالمعنى الكلي للبناء ، و لا بد من العودة إلى محور التجربة التي نتحدث في ضوئها و هي السلطة القضائية الاتحادية العراقية ، فهذه السلطة واحدة من ثلاث تشكل العمود الأهم في بناء الدولة العراقية و هو عمود السلطة بالاضافة إلى أعمدة  الشعب و الأرض و الثروة و الاعتراف أو السيادة ، و هي تتشكل كأي سلطة من
أ: البناء : القوانين و الأجهزة و العاملون
ب: الوظيفة : الأعمال و النتائج المتحققة
و كما أكدنا في أكثر من مرة أن بُعدْ الوظيفة يمثل نتيجة لطبيعة و شكل البناء ، و هنا ستتضح إشكاليات التحدي الذي نحذر منه تجاه القضاء العراقي ، عندما يوكل أمر البناء ( القوانين ، بعض التعيينات ) إلى جهات بناءها يعاني من خلل بنيوي يتمثل بحالة المحاصصة و غياب الوطنية كهوية و عمل ، و هنا سنقدم في الحلقة القادمة ، أمثلة لهذه المعادلة حول مشاريع قوانين السلطة القضائية خاصة قانوني مجلس القضاء الأعلى و المحكمة الاتحاديا العليا .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب