19 ديسمبر، 2024 6:23 ص

أحمد حسن العطية..أرفع لك قبعتي إحتراماً بلا خوف..أنا عراقي بأمتياز

أحمد حسن العطية..أرفع لك قبعتي إحتراماً بلا خوف..أنا عراقي بأمتياز

”  قبل كل شيء أود أن اقدم لكم كل كلمات الشكر والتقدير لأنكم كنتم موضوعيين في طرح موضوع ردكم على ماكنتُ قد دونته فيما يتعلق بالموضوع الذي دار حولة النقاش. وجدتُ في كلماتكم صدق المشاعر الجميلة عن كل مايجري وماجرى في هذه المرحلة الزمنية التي يمر فيها بلدنا المذبوح من الوريد الى الوريد بلا رحمة. أنا معكم في كل كلمة سطرتموها في مقالكم الذي إحتوى قوة ألأسلوب في رسم الكلمات والجمل المترابطة بدقة. وهذا يدل على أننا أمام كاتب من الدرجة ألأولى وليس مبتدأ – مثلي- . من قال لكم أنني لاأعرف رجالات الموصل والمحافظات ألأخرى التي جاء ذكرها في مقالكم. أنا لم أعش يوماً في محافظة من تلك المحافظات العريقة ولكن لدي أصدقاء هناك كنتُ قد تشرفتُ بمعرفتهم أثناء الدراسة الجامعية وخلال مرحلة الخدمة العسكرية التي إمتدت سنوات في ظروف الحروب الكثيرة التي خاضها بلدنا يوماً ما.
ومن قال لكم أنني لم أتابع مايجري هناك من مآسي وويلات على جميع الفئات البشرية التي تقع ضمن مساحة ألأرض التي تتعرض لعذابات الروح كل لحظة. لم يكن قصدي الدفاع عن أؤلئك الذين اطلقتم عليهم تلك الكلمات ولا الدفاع عن أي شخصٍ آخر ولكن قصدي سطرته هناك في تلك المدونة – التي سببت لكم بعضاً من عدم إستقرار الروح- . كل المآسي التي ذكرتها عن إنتهاك ألأعراض وقساوة الظروف الجوية التي يعيش فيها أؤلئك البائسين من أطفال ونساء وشيوخ أنا على إطلاع بها صورة وصوت من خلال آلاف التقارير المكتوبة والمصورة التي تتداولها المواقع ألأعلامية على إختلاف مصادرها. كلما قرأتُ أوشاهدتُ تقريراً عن تلك المآسي أشعر أن قلبي يكاد يتوقف عن الحركة ..أشعر أن روحي تُغتصب معهم . لو كان تقديم جزءأً أو أجزاء من جسدي يوقف تلك المعاناة – أقسم بالله- أنني على إستعداد للتبرع بها في هذه اللحظة كي نصل الى نهاية مسلسلات الويلات والمعاناة التي تجري في تلك المحافظات . أعرف أنكم تعرفون الكثير ..الكثير …أكثر مما أعرفهُ أنا لأنكم تعيشون في واحدة من تلك المحافظات ومطلعين على أسرار كثيرة لأنكم قريبين من موقع الحدث – وأبناء مكة أدرى بشعابها – كما يقول المثل. ولكنني أعلم عِلم اليقين أن الفساد منتشر في البلاد إنتشار النار في الهشيم اليابس وأن هذه النار تُحرق كل شيء لدرجة أننا – نحنُ المواطنين البؤساء- لانستطيع أن نوقف تلك النيران مهما حاولنا ومهما بذلنا من جهود قد تصل الى درجة الموت. المرحلة التي نعيشها تشبه – ألأحتضار- ونكاد نلفظ أنفاسنا في أي لحظة دون أن يستطيع أحد إنتشالنا من هذا العذاب الدموي الذي نعيشه كل لحظة ليلاً ونهاراً. من خلال تجربتي الطويلة في هذه الحياة – وأنا اشارف على الستين- عرفتُ بقين تام أنه لا أحد يستطيع مداواة الجرح البليغ مالم يقوم ألأنسان بذاته من معالجة نفسهِ بنفسه. حينما  تخرجت من الجامعة عام 1981 دخلتُ مدرسة ضباط صف المشاة في الموصل مع دفعات الخريجين في ذلك الزمن لنكون – معلمين بعد أنهاء فترة التدريب العسكرية- شاهدتُ وعشتُ مع مئات من رجالات الموصل وعرفتُ كم أنهم أوفياء للصديق وكم أنهم يتمتعون بشجاعة ندر مثيلها. وما حدث في العصر الحديث كان له أسباب كثيرة جعلت الموصل تنهار في بضع ساعات. ليس بسبب تخاذل رجالها ولكن توجد هناك أسباب كثيرة تدخل ضمن المفهوم الحياتي والميداني وألأمني ..والبقية تعرفها أفضل مني. من خلال مشاهدتي لمئات اللقاءات وألأفلام القصيرة في اليوتيوب عرفت أشياء مرعبة عما كان يجري في أروقة المسؤولين عن ألأحداث وكيف آلت اليه ألأمور. السبب الرئيسي في ضياع تلك ألأراضي الشاسعة هي عدم وجود ألأخلاص الحقيقي لمفهوم الوطن وألأرض والدفاع عن كل ماينتمي الى الوطن. الجميع يلهث وراء شيء واحد وهو المنفعة الشخصية والمحاصصة وزيادة المال الذي يكون في حوزته وتجاهلوا شيئاً مقدساً إسمه – الوطن- وهذا جعلنا جميعاً ندفع ثمناً غالياً – من الصعوبة- إسترجاعة . شعرتُ أنكم تتحدثون بحرقةٍ شديدة عن عراقيتكم وإنتمائكم الى هذه ألأرض الطبية – وهذا شيءٌ جميل- وتوجهون لنا – دعوة كي نكون عراقيين ونبتعد عن الدفاع عن ألآخرين الذين سببوا لنا كل هذا ألألم والعذاب- الحق معكم ولكن أود أن أكون – هنا- صريحاً معكم الى أبعد حد. أنا لاأعرف إن كنتم تعيشون ألان في العراق أم خارج البلد تحت مسميات أخرى – ولكم الحق- في العيش في أي بقعة من العالم حسب ضرورات ومقتضيات الحالة التي تعيشونها.
 أنا عراقي بأمتياز وأفتخر أن أكون عراقياً يتألم حينما يسمع آلام ألآخرين في أي بقعةٍ من بقاع هذا البلد المقدس . وأفرح بشدة لدرجة البكاء حينما أسمع أن شيئاً جميلاً حدث في بقعةٍ ما من هذا البلد الذي أعشقه حتى الموت. أنا أتكلم لغة أجنبية بأمتياز درستها في كلية من كليات العراق وكان بأمكاني أن أهاجر الى أي دولة أجدها مناسبة لي منذ عشر سنوات أو أكثر وجائتني عدة فرص للهجرة ولكنني فضلت العيش هنا في بلدي رغم لحظات الموت التي تواجهنا في أي لحظة. أنا لاأنتمي الى أي فئة سياسية ولأ احب أن أكون سياسياً مطلقاً  لأنني أدركتُ منذ زمنٍ بعيد جداً أن السياسة لعبة ملتوية لاتحقق الهدف الكبير لأبناء الشعب الفقير الذي يعاني الويلات من الجوع والعطش لكل شيء. أنا لاأعرف إمكاناتكم  المادية وهل أنتم من أصحاب النفوذ المالي أو السياسي ولكنني عرفتُ من خلال ردكم أنكم تحملون عنصراً نزيهاً من عناصر ألأنسانية وروحاً شفافة وحرقة شديدة من أجل المعذبون في ألأرض وهذا شيءٌ نادر في هذا الزمن الصعب. حينما أقرأ واسمع عن هذه المليارات المخيفة التي تُسرق من قوت الشعب وتذهب الى أماكن لاينبغي أن تذهب أشعر بمرارة داخلية تكاد تحيل روحي الى جحيم لاينتهي. هل يُعقل أن بلدنا تتدفق اليه كل هذه المليارات ويبقى أُناسٌ كثيرون يستجدون في الطرقات ونساءٌ مشردات وأطفالٌ يموتون في هذا البرد القارس وعوائل تحلم ببيتٍ متواضعٍ صغير. أنا لاأعرف هل أن كل هذا بسبب غضب الله علينا جميعاً لأن الرحمة وألأنسانية إنعدمت في قلوب الكثيرون ولم يعد أحد يفكر بأخيه الذي ينتمي الى نفس البلد. شيءٌ غريب في هذا الزمن أن يكون ألأنسان مسلماً ويدعي أنه ينتمي الى دين الرحمة والتسامح ويدعي أنه يؤدي الفرائض الخمسة وفي نهاية النهار لايفكر إلا في كيفية جمع ألأموال عن طريق السحت وسرقة أموال الشعب بطريقةٍ وأخرى إنه التناقض بعينه. إطمئن أنا  أعيش تحت خط الفقر كباقي الفقراء الذين يحلمون بأشياء بسيطة جداً , لم اسرق في حياتي شيئاً يعود للاخرين ولم أعتدِ على مخلوقٍ بشري في حياتي – على العكس إعتدى علي بعضهم وسامحتهم – كي أحصل على راحة الضمير – . وصلتُ الى قناعة تامة أن كل شيء زائل ولن نحقق أي شيء عند مواجهة يوم الحساب ولن تغني عنّا أموالنا مهما عظمت ومهما بلغنا من المراكز ألأجتماعية والسياسية والوظيفية. أما أؤلئك الذين يركضون ليلاً ونهاراً من أجل الحصول على مناقصة هنا ومقاولة هناك كي – يخمطوا- منها أشياء لاتعود لهم فأنهم في النهاية سيدفعون ثمن ذلك آجلاً أم عاجلاً . فكلُ إمريءٍ وإن طال الزمانُ يوماً على آلةٍ حدباءُ محمول…
وعندها لن تنفعهُ أموالهُ ولاأولادهُ إلا إذا جاء بقلبٍ سليم. قد يسخر البعض من هذا الكلام لأنهم يفكرون في المكاسب الدنيوية لدرجةٍ أنهم نسوا الله ..حسناً دعهم يأكلوا ويتمعتوا فأن مصيرهم الى النار. أنا لاأتحدث هنا الى الذين لايخافون الله فهذا الكلام  لايدخل في قواميسهم اليومية لأنهم يعتقدون أنهم سيكونون خالدين في هذه الحياة …ومن لايخاف الله فأنه يفعل مايشاء. هل تصدق أنني أرتعب حينما اسمع أو أقرأ أن الشخص – الفلاني- قد حصل على أموال طائلة هو لايستحقها ولكنه إتبع الطريق الملتوي للحصول على تلك ألأموال. أقول مع نفسي ” كيف سيواجه الله؟” . لايهمني إستهزاء ألاخرين من هذا المفهوم الذي تربيتُ عليه. المهم أنني اشعر براحة الضمير وأكون متأكداً أن الله لن يحاسبني على شيء أخذته من آخرين وهو لايعود لي. من خلال هذا المنبر الحر وعلى ضوء الحوار الذي دار بينا أعرض عليك صداقتي ألأخوية – البعيدة كل البعد عن المصالح الشخصية- مع العلم أنني  لاأعرف كم لديك من سنوات العمر – قد تكون في عمر ولدي- وقد تكون أكبر مني وقد تكون في عمري- لايهم فارق السنوات بيننا- المهم أننا ننتمي الى نفس ألأرض الطبية ونحمل نفس شعور المواطنة ونتفق تماماً أن بلدنا العزيز يسير نحو الهاوية ونؤمن أن الوطن لاينقذهُ إلا رجالاته المخلصين الباحثين عن العزة والكرامة ونكران الذات ونؤمن تماماً أن هذا العصر هو رديف العصور المظلمة التي مرت بها أقطار كثيرة يوما ما..ونؤمن أن قسماً كبيراً – ولاأقول الجميع ..لأنه لو خُليت لقُلِبَتْ- أكرر أن قسماً كبيراً من خفافيش الليل يعبثون في بلدنا ويسرقون أموالنا – ونحن نملك الكثير- وسيأتي يوماً لتشرق الشمس من جديد ويأتي شخص أو اشخاص يؤمنون حق ألأيمان أن هذا البلد أرض جميلة وتستحق كل التضحيات وسيأتي قضاة شرفاء يحققون في كل ماجرى ومايجري وسيحاسبون المجرمين الذين سرقوا البلاد من الشمال الى الجنوب ..وحتى لو تأخر هذا الزمن فسيكون هناك قاضٍ عادل بكل معايير المفاهيم الدنيوية ومفاهيم ألآخرة لاتخفى علية خافية ويعرف ما يعلنون ومايسرون وسيضع الميزان الدقيق لكلِ كبيرة وصغيرة هو الله العزيز الذي سيجعل كل شيءٍ ينطق وستشهد عليهم أرجلهم وأيديهم ولامجال هناك للأنكار. هل تعتقد أن الله لايعرف ولايسمع ولايرى مايجري ألآن من كل المآسي التي تقدم ذكرها؟ هل أن الله العظيم لايستطيع أن يفعل شيئأً؟ هل هو عاجز عن قلب كل شيء في لمح البصر؟ هذه ألأسئلة يطرحها الملحدون كي يشوشوا علينا المفاهيم ألأسلامية التي نؤمن بها ويكررون لماذا لايتدخل الله لأنقاذ كل هذه الفئات البشرية التي تعاني من كل شيء ولماذا لايقف الى جانب أؤلئك الذين  يتألمون ؟ وأقول لك أن الله قادر على أن يفعل كل شيء ولكن لديهِ حكمة في ذلك قد لاأستطيع أنا ولاتستطيع أنت أن نصل الى هذه الحكمة. من يدري قد تكون أعمالي وأعمالك وأعمالهم هي التي جلبت لنا كل هذا الكم الهائل من عذابات الروح. إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليهم العذاب فدمرناها تدميرا. أنت تعرف أكثر مني أن مترفي – قريتنا- قد أسرفوا في الفسق وإتباع الشهوات وكل الكبائر الكبيرة  لدرجة أن دعواتنا وتوسلاتنا الى الله لم يعد لها قيمة . قرأت في هذا الموقع أن شخص واحد شاب إسمه – أحمد نوري المالكي- يسرق مليار دولار و500 مليون أخرى من الدولارات ويهرب الى دولة أخرى. هل تتخيل الرقم؟ لو صُرف هذا المبلغ على إعمار شوارعنا وفقراؤنا ماذا ستكون النتيجة؟
وشاهدتُ أحد المسؤولين يذكر أن منصب وزير الدفاع السابق- العبيدي- قد تم شراء منصبة بعشرة ملايين دولار دفعه تاجران من الرمادي؟؟؟ أي بلدٍ هذا الذي نعيش فيه؟؟ القصد من هذا الكلام أن الفساد ينخر في دولتنا كما ينخر السرطان في الجسم المريض.لم يبقَ لدينا سوى  ألأنتظار والتضرع الى الله أن ينقذنا من هذا الجحيم الذي نعيش فيه.خلاصة القول: إذا كنتُ قد سببتُ لكم بعض الضجر فأنا أعتذر على هذا المنبر وأدعوك لأن نكون أصدقاء ” فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم” . مع تحياتي القلبية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات