23 ديسمبر، 2024 10:05 ص

أحمد القبنجي والتناقض الجديد تجاه النص ؟

أحمد القبنجي والتناقض الجديد تجاه النص ؟

أراد أحمد القبنجي أن يجد له مدخلا ظنه جديدا وهو ليس كذلك عندما كتب عن المنهج الجديد في تفسير النص , فأستعان هذه المرة بعلماء ألاصول ولكن على طريقة مقارباته السابقة عندما أنتهج منهجا خاطئا لم تسعفه حصيلته الدراسية التي بان عليها قطاف ” الحصرم ” الذي لن يصبح عنبا , كما لم يسعفه من شجعه وهو لايحمل للنص من فهم ولا ود تنطوي عليه سرائره ؟
ولآن العنوان الذي رفعه أحمد القبنجي هذه المرة ” المنهج الجديد في تفسير النص ” والنص هنا هو النص القرأني , قد يوحي لغير المتابعين والمختصين مقاربة جديدة لتفسير النص بتوجه أيجابي , ولكن أحمد القبنجي الذي تعسف في تفسير النص وأدعى ماليس فيه , وتجنى عليه بما لايملكه من أدلة علمية , وسمح لنفسه أن يسفه حقائق كونية وبراهين قرأنية أذعنت لها عقول البشرية التي تعرف قواعد البرهان وحدود ألانسان عندما قالت فلاسفتهم : ” قف عند حدك أيها المحدود ” , وقال النص القرأني المبارك على صيغة التذكير والتنبيه والتحذير :” يا أيها ألانسان ماغرك بربك الكريم – الذي سواك فعدلك – في أي صورة ماشاء ركبك ” – 8- ألانفطار – ولاينفع الجري وراء الجملة الخبرية وألانشائية كما هو الحال عند المتكلمين من الناس الذين منحهم الله تعالى القدرة على مخارج ألاصوات وصناعتها فكانت اللغة ” وأختلاف ألسنتكم ” وذلك عندما نريد التعامل مع النص القرأني الذي لايحتمل غير الصدق ” وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ” و ” أن هذا القرأن يدعوا للتي هي أقوم ”
ولقد أنتهى أحمد القبنجي في هذه المرة بنفس المواقف الخاطئة التي كان عليها سابقا مع محاولة لآيهام القارئ بمنهج جديد , والمنهج لم يكن جديدا وهو ليس من بنات أفكار أحمد القبنجي , وأنما هو من حصيلة نتاج أبحاث العلماء في علم ألاصول ولاسيما في مباحث ” الدليل اللفظي ” , وعلم ألاصول هو : ” العلم بالعناصر المشتركة في ألاستدلال الفقهي خاصة التي يستعملها الفقيه كدليل على الجعل الشرعي ” – بحوث في علم ألاصول – ج1 ص 31- السيد محمود الهاشمي – من تقريرات أبحاث السيد ألاستاذ محمد باقر الصدر .
فالمراد ألاستعمالي والدلالة ألاستعمالية , والمراد الجدي والدلالة الجدية هي من أصطلاحات علماء ألاصول وقد بحثوها في مبحث الدلالة اللفظية وتفسيرها وتعمقوا فيها في مبحث ” نظرية ألاستعمال ” وقسموها الى المعنى الحقيقي والمعنى المجازي , ولهم نظريات في ذلك منها نظرية ألاعتبار , ونظرية التعهد ” – محاضرات في أصول الفقه ج1 ص 42- 43-  وأجود التقريرات – ج1 ص 12-
ومن الضروري  تذكير القارئ بما تقدم من مواقف  أحمد القبنجي السابقة تجاه النص القرأني حيث ذهب الى :-
1-   أنكار بلاغة القرأن
2-    أنكار تفسيرالقرأن من قبل رسول الله “ص” وأنما ذهب الى القول بأن عبد الله بن عباس هو من قام بتفسير القرأن ؟
3-    أنكار سورة الفيل بأدعائه أن الفيل لايستطيع المشي في الرمال ؟ ولذلك جاء هنا ليكرر نفس النفي ولكن من خلال مصطلحات المراد ألاستعمالي التي أستعملها ألاصوليون لبيان معنى مراد المتكلم من البشر , وسأبين للقراء خطأ هذه الطريقة من التفكير التي لم تعتمد منهجا علميا وأنما أستعان بطريقة خاطئة لفهم خاطئ في طريقة مراد ألاصوليين من منهجهم في مباحث ألالفاظ .
4-   أنكاره الجنة وألاستهزاء بها , فقد سبق وأن قال مستنكفا أنه لايدخل الجنة التي وضعت للكسالى وألاسترخاء والشبق الجنسي  ؟
5-    أنكاره وجود أقتصاد أسلامي بدون دليل ؟
6-    أنكاره وجود سياسة أسلامية ؟
7-    أدعائه بأن النبي لم يقاتل المنافقين وأنما قاتل الكفار فقط ؟
8-   لايؤمن أحمد القبنجي بأن الدين ألاسلامي نظام متكامل للحياة ولايؤمن بأن القرأن دستور السماء لآهل ألارض , ومثلما ظهرت تلك ألافكار في  فلتات لسانه سابقا كذلك ظهرت هذه المرة من خلال أستعانته بمصطلح المراد ألاستعمالي والمراد الجدي عند علماء ألاصول الذي أوقعه مرة أخرى بخطأ المعنى وألاسلوب الذي لم يكن منهجا صحيحا فضلا عن كونه لم يكن جديدا
9-    وهناك هفوات وأغلاط فكرية من خلال حديثه عن التشيع والحكومة والولاية والمرأة والمجتمع والمدنية والعصر , قد كتبنا عنها وبينا ثغراتها وهفواتها الفكرية في وقتها وهي منشورة في موقع كتابات وفي صحيفة المستقبل العراقي وفي مواقع أخرى .
لقد أراد أحمد القبنجي أن يتوصل هذه المرة الى مايستبطنه من أعتقاد خاطئ تجاه القرأن بأستعمال نتائج متداولة ومعروفة لدى الباحثين والمفسرين والتي تقول أن القرأن كتاب عبرة بكسر العين وفتح الراء , وليس كتاب تاريخ ولا فلسفة , ولذلك راح ينطلق من هذه الحقائق الى مراوغة توقع القارئ في وهم خطير وفهم عسير من خلال أستعماله للآمثلة التالية :-
1-    مثال السلام المتداول بين الناس : وقد ذهب الى تحريف معناه وجعلة باطنيا وهذا خلاف ماعليه سجية الناس ألا ماشذ منهم والشاذ ليس بقاعدة يحتج بها , فليس من حق القبنجي أن يسيئ للناس بهذه الطريقة ويسلبهم حقيقة مشاعرهم وأحساسهم بألقاء تحية السلام , وحتى الذين يمارسونها كعادة يظلون يحتفظون بقدر من صدق المشاعر في التحية وهي ” السلام عليكم كيف حالكم ” وعلماء ألاصول فرقوا بين المراد النفسي والمراد الشرعي في ألاستعمال والقصد .
2-    مثال التاجر والببغاوات في حكاية أبن الرومي : حاول القبنجي أن يعطي للجنة معنى غير معناها الحقيقي الذي تكلم عنه القرأن ووصفها به , وهو بذلك يريد الوصول الى نفس مايترأى له من معنى غير حقيقي للجنة جعله يستهزئ به سابقا , وقصة الببغاوات وأن كانت غير حقيقية وأن صاحبها أبن الرومي أراد منها معنى أخر هو خروج ألانسان من ألانغماس في ملذات الدنيا الفانية الى حيث يكون النعيم ألابدي في جنة عرضها السماوات وألارض وهو مفهوم أشكل على الدهريين الماديين تصوره , وأحمد القبنجي يعيش هذه الحالة ويتقمص روحيتها ولكنه يخشى أن يكشف قناعه الحقيقي تجاهها بدليل أنه لايزال يرتدي الجبة والعمامة التي غادر رمزيتها منذ أن تجرأ على القرأن والخالق والرسول ومفاهيم ألاسلام بغير ما وضعت له ؟
3-   مثال قصة سليمان وموته والجن والشهب : حيث راح أحمد القبنجي يخلط مابين مدلولات القصة الحقيقية ومابين المراد من عبرها التي لم تكن محدودة بعدم علم الجن بالغيب , فعدم العلم بالغيب من قبل الجن والملائكة قد تكلمت عنه سورة البقرة ” قالوا سبحانك لاعلم لنا ألا ماعلمتنا أنك أنت العليم الحكيم ” – 32- البقرة- ” قال ياأدم أنبئهم بأسمائهم فلما نبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم أني أعلم غيب السماوات وألارض وأعلم ماتبدون وماكنتم تكتمون ” 33- البقرة – وأما ماجاء في سورة سبأ عن قصة سليمان عليه السلام ” فلما قضينا عليه الموت مادلهم على موته ألا دابة ألارض تأكل منسأته فلماخر تبينت الجن أن لوكانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين ” – 14- سبأ – فالعبرة هنا ليس فقط في عدم معرفة الجن بالغيب وقد مر معنا هذا المعنى للملائكة الذين هم من المقربين ولم يكونوا يعلموا الغيب كما في سورة البقرة وهي متقدمة من حيث النزول على سورة سبأ , وتبقى العبر كثيرة في طريقة موت سليمان النبي منها أن كل الذي وهبه الله لسليمان من ملك لم يدفع عنه الموت الذي يشتررك به كل الخلائق , بل أن موته كان كميتة أي أنسان عادي ةهذه هي العبرة ” كل نفس ذائقة الموت ” وأينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ” وقد حدث هذا لسليمان عليه السلام مثلما حدث لكل ألاباطرة والجبابرة مثل نمرود بابل وفرعون مصر وقارون الذي كان من قوم موسى ” أن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم ” ثم تقول ألاية ” فخسفنا به وبداره ألارض ” ؟ لم تكن هذه ألاخبار على طريقة مجرد السرد التاريخي ولا على طريقة ألانشاء أو الخبر الذي يحتمل الصدق والكذب كما يقول ألاصوليون وعلماء النفس وألاجتماع , وأنما هو قرأن صادق مصدق ترتعد له السماوات وألارض ” لو أنزلنا هذا القرأن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا ” وهي حقيقة وليست أنشاءا وأخبارا على نحو القضية الخارجية كما يحلو للبعض تصويرها  ؟
4-   وقصة الفيل في سورة الفيل التي أراد أحمد القبنجي يغطي عثرته الشنيعة تجاهها عندما أعلن زيفها وعدم صدقها بحجة عدم قدرة الفيل بالمشي في الرمال والراد على الله ومنكر أياته وتنزيله قليله أو كثيره معروف عند أهل الفقه والفتوى ماذا يقال له ؟ وألان جاء أحمد القبنجي ليقول أن أهل مكة كانوا يعتقدون بأن ألاصنام تدافع عنهم , فأثبت لهم عكس ذلك ولكنه لم يتطرق الى صراحة  ما في نفسه تجاه سورة الفيل , ولم تكن العبرة فقط هي في عدم قدرة ألاصنام على دفع هذه المخاطر , ففي حادثة الفيل المشهورة والتي تحدثت عنها مرويات العرب وكتب عنها بالتفصيل أبن ألازرقي في كتابه ” أخبار مكة في التاريخ ” وهو متوفي سنة 255 هجرية لم يكن ألاسلام قد ظهر وعام الفيل هو عام ولادة رسول الله “ص” فلا معنى لطرح معنى عدم قدرة ألاصنام لدفع الخطر عن البيت الحرام والقوم كانوا يعبدون ألاصنام ويؤلهونها , ولكن لقصة الفيل شأن أخر يتعلق بأبرهة الحبشي وطغيانه وجبروته الذي جعله يريد ألانتقام من بيت الله ” الكعبة ” بأعتبارها رمز العرب بسبب ما أحدثه بعض العرب داخل القصر أو الكنيسة التي بناها في اليمن لينافس بها كعبة العرب في تصوره ؟
5-   أما أستشهاده بما ذكره صاحب تفسير المنار , وما ذكره العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان , فهي شهادات عامة لاتخدم ماذهب اليه أحمد القبنجي من تقمص ما أدلى به علماء ألاصول وهو غير مايدل على ماذهب اليه القبنجي وما قال به صاحب تفسير المنار وصاحب تفسير الميزان , والنصوص التي أختارها منهم هي نصوص عامة وصحيحة لاتؤيد ماذهب هو اليه من تعسف في فهم المعنى ومن أستدلال خاطئ بمنهجية خاطئة التفت اليها أحد الكتاب وسماها بأسئلة قديمة لمنهج خاطئ وهو أستنتاج صحيح .
رئيس مركز الدراسات وألبحوث الوطنية
[email protected]