طيور الامن والامان, نزلت ثم طارت, لانها لم تجد لها مكاناً في عالم الاموات, الذي يحيط به الشهداء, والقتلى, والسبايا, من كل جانب.
بقيت تحوم حول عالم, لم تعرف عنه شيئ في يوم من الايام, الا انها تفاجئت بما يحدث فية ليلاً, من تناثر الاجساد, وتطاير الارواح, مع نسمات الليل الهادئ.
أننا في حلم, نتقلب على جنبات الوسادة, لا نفرق بين الحلم واليقظة, هي نتيجة وصلنا أليها بعد صراع طويل مابين الاثنين.
عبقات وملامح المستقبل ؛ أسودت في وجوهنا, رغم انه لم يكن في يوم من الايام مستقبلاً, بل موت بطيئ يحصد الارواح كلما تقدم بنا خطوة نحو الامام.
جراحنا كبيرة, متيمةً بحب البنادق منذ وقت طويل, تهيم باللون الاحمر, الذي ينتج عن صياحها المستمر, ولا تقبل بالضماد ولا بالشفاء في يوم من الايام.
متقاربون في الاسماء والملامح, متباعدون في القلوب والمشاعر, متخوفون ومرتابون من التسميات والالقاب, ولانعلم متى يذبح أحدنا الاخر.
ليلنا معتم, ونهارنا محمر مغبر, تكثر فيه الغربان وتقل فيه النوارس, التي لم تزور بلادي منذ موجة الجفاف الاخيرة, التي أخذت معها كل ريعان الشباب.
ندور بوجوهنا نحو اليمين, شهداء من أجل القضية, ندور بوجوهنا نحو اليسار, شهداء من اجل الحرية, نحو الامام تعرقلنا مطبات ألجثث في سبايكر والصقلاوية.
احلامنا بسيطة جداً, هدوء وسط الليل, وصباحاً مفعم بالحب وخال من الحيف والويل, شتاءنا دافئ بالتكاتف والوحدة, وصيفنا بارد تدغدغ نسماته اوجاع المشاعر التي باتت أبديه.
لكنها تبقى, أحلام في زمن اليقظة؛ اناخت برحالها في الليل المترفع عن الراحة والامان, وتتسابق مع سنين العمر التي تساوت مع الثواني المستعجلة الغبية.
سيارات التفجير الهمجية, ألجمت أرواح واحلام الشباب, وايتمت صبايا وفتيان المنصور والكرادة والمهدية, حتى باتت هذه الاصوات, هي أذان المغرب في بلادي, وصيحات الديوك الصباحية.
هي أحلامنا, هي واقعنا, الذي نهرب منه نحو الكتابة, لنرسم الخطوات التي دمرتها الارادات الخارجية, وألجمت خيول فرسان المستقبل, وجعلتها تدور مابين سطور الورق, تنتظر الخروج للفضاء الرحب, وعسى أن تتحول الى حقيقة في يوم من الايام.