ويسألونك عن العراق ، قل : بلاد الرغيف والسيف وأغنية الصياد .
البلاد التي عرجت بأمنيات الأنبياء الى فكرة أن تكون مستوطنة حرف وهداية ، غير إن الأنبياء تركوا إرثهم للإمبراطوريات ، فما حصد العراقيون سوى المراثي والأساطير وسلالات تحارب أخرى ومئات آلاف من ألواح اللغة المسمارية ، كلها تحوي هاجس العراقي وهو يبحث عن أحلامه بين سطوة الآلهة وقلب الحبيبة ورغيف الخبز . والى القرن الحادي والعشرين .
العراق على هذا الحال . ممالك سادت ثم بادت ، والإنسان هو الإنسان ، يدرك في انتمائه للرغيف ولقدر البلاد إن الموت لأجلها حق ، ولهذا ففي العراق طوابير من شهداء الجندية والخوف والمبدأ ما يتفوق على شهداء القضايا الأخرى في المنطقة العربية .
يحلم العراقي بيومه بمقدار دورة رغيف الخبز الذي يشبع في العيال رغبة العيش إلى يوم آخر .
لم ينل من ثروة الأرض ما هو حق له . البترول في الازمنة السابقة كان للحكومات وأباطرتها ، النخيل لموسم مالك البستان ، مافي باطن الأرض لآياتي الى حصة أبن الأرض إلا ماندر وقد يكون على شكل راتب .
ولهذا بقي العراقي يجلس على الثروة الطائلة ولاينال منها . الرؤساء ، والوزراء ، واهل الجاه يمسكون خيراته . كان الخليفة العباسي يوزن ابتسامته بكيس الزمرد ، وكان الفقير يوزنها بكيس الخوف والدمعة. وقيل لأعرابي من العراق : مابالك وكيس ذهب يهبط على راسك ؟
قال : اهرب منه . قيل له ولم ؟
قال : ستطمع فيَّ العسس وافقده وافقد روحي معه . اليوم تفكر الدولة بتوزيع الثروة وفق احلام الفقراء. داعش تعطل هذا ، والغرباء يريدون ابطاء حلم الحكومة ، الفاسدون واللصوص يساهمون في ذلك ، ولكن الأمل يرسم احلامه في فضاء امنياتنا. وأعتقد إن الامن وصفاء المجتمع سيكون جزءا من الحل .وحين يأتي الحل يأتي الرخاء ، وحين يأتي الرخاء حتى الرغيف يصير سعادة لقناعة إننا سنعيش مثلما يعيش إبن امارة بروناي .
وإلا مالفرق بين ذاكرة العراقي والذاكرة الاخرى في أي مكان من العالم المترف . الفرق كبير . فالعراقي ماهر بصناعة الاحساس ، وماهر بصناعة الاغنية ، وماهر بصناعة المدونة الجميلة ، ورغم هذا ما زال حظه مع رغيد العيش غير متجانس مع هذا الكم الهائل من الحلم الذي فيه . اتمنى ذات يوم أن يسقط كيس الذهب فوق راسي .
اتمنى ذات لحظة ان يسقط كيس البترول فوق راسي . وأن أبيعه لهناء عيالي .فيما العسس في نومهم يشخرون..