18 ديسمبر، 2024 8:54 م

أحلام اليقظة لتحرير الموصل

أحلام اليقظة لتحرير الموصل

منذ أشهر عديدة ونحن نستمع إلى تصريحات يطلقها مسؤولون عراقيون وقادة أمريكيون عن قرب البدء بتحرير “الموصل” من براثن (داعش)، ولما تكررت بعد تسنم الأخ “خالد متعب العبيدي” حقيبة وزارة الدفاع فقد أمسينا ننتظر بشرى التحرير قريباً وخلال أسابيع ليس إلاّ… أما التصريح الأخير فقد جاء هذه الأيام على لسان القيادة المركزية الأمريكية حول التهيؤ لعملية كبرى لإستعادة السيطرة على هذه المدينة العزيزة خلال شهري نيسان أو آيار المقبلين…

ولكن ((ليس كل ما يتمناه المرء يدركه)) فحسب رؤيتنا المتواضعة فنحن ننظر لهذه التصريحات كونها بعيدة عن الواقع والمتناول لأسباب تفرض أوزارها ليس على التنفيذ فحسب بل على مجرد الإقدام على المباشرة بالخطة -إن كانت هناك خطة- واضعين نصب أعيننا ما يأتي:-

أولاً. البُعد الجغرافي لـ”الموصل” بواقع عدة مئات من الكيلومترات عن تلك المناطق التي إستطاعت القوات العراقية الإحتفاظ بها رغم (نكبة حزيران2014) أو البقاع التي حررتها وأمسكت بها وحققت فيها نوعاً من الأمن النسبي.

ثانياً. أن مسافة أفقية تقدّر بـ(300) كلم بين قاعدة “عين الأسد” الجوية التي يتمركز فيها المستشارون الأمريكيون وعدد (غير معروف) من أبناء عشائر الأنبار المتطوعين ومجموعات (ضبابية) من قوات خاصة أمريكية لا تـُعرف مهماتها، تلك القاعدة التي تعتبر منطقة تحشد -رغم كونها غير آمنة- يمكن أن ينطلق منها أحد الأرتال المخصصة للعملية مع قبول المعضلة التي تكمن في كيفية قطعه تلك المسافة بالسير على طرق بسيطة لا تستوعب أرتالاً عسكرية ثقيلة.

ثالثاً مسافة (020) كلم الفاصلة بين منطقة التحشد الواقعية الرئيسة المزمعة في ضواحي “تكريت” المحاصرة نسبياً وبين تلك المدينة.

رابعاً. (100) كلم التي تفصل منطقة التحشد المحتملة الأقرب إلى “الموصل” في محيط بلدتي “مخمور والكوير” رغم عدم تحقق الأمان الكامل فيها.

خامساً. -وهو الأهم- أن كل تلك البقاع الواسعة تمسكها عناصر (داعش) بقوة مفترضة حيث يتطلب تخليصها منهم تباعاً بجهود غير يسيرة وقوات تخصص لهده المهمة لتكون “الموصل” هدفاً ميدانياً للتحرير.

سادساً. -وهو الأعظم- أن أداء القوات المسلحة العراقية في معظم المعارك التي خاضتها خلال الأشهر التسعة الماضيات كان متواضعاً للغاية بحيث لا يمكن التلمّس أن يكون بإمكانها الإقدام على شكل قوات خاصة بإندفاعات جريئة وحاسمة في كل تلك المحاور بتوقيتات متزامنة تتخطى العشرات بل المئات من المدن والبلدات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة المُستحوذ عليها ولا تكترث بها فتجازف وسط تلكم البقاع الشاسعة مثلما عمله الآلمان في الساحة الأوروبية واليابانيون في ساحات معارك المحيطين الهادئ والهندي والمارشال “رومل” في شمالي أفريقيا خلال النصف الأول من الحرب العالمية الثانية.

سابعاً. هناك مشكلات سياسية مضافة ومؤثرة في هذا الشأن تكمن في مدى تقبّل مواطني تلكم المناطق وربما جميع أهالي محافظة “نينوى” لمشاركة “الحشد الشعبي/الشيعي” في هذه العمليات مهما أطلق البعض من الساسة عكس ما أقول.

ثامناً. طفوح معضلات أخرى في الأسابيع الأخيرة بين قادة إقليم كردستان والحكومة الإتحادية حول مدى تقبّل الأكراد لإنتشار تشكيلات من الجيش العراقي ومجاميع الحشد الشعبي في أراضي محافظاتهم الثلاث وحتى وسط البقاع المسماة دستورياً بـ”المناطق المتنازع عليها” بما فيها “كركوك” التي إستحوذوا عليها عنوة عام (2003) بشكل عام قبل أن يرسّخوه إثر إقحامهم قوات البيشمركة في عموم المحافظة بُعَيدَ نكبة الموصل (10حزيران2014)…

لكل ذلك ولرؤيتنا للأداء القتالي المتدني لجميع القوات المسلحة من دون إستثناء، ولأمور عديدة مُضافة -لا نبتغي المجاهرة بها- فلا نرى أن يعقل عاقل أن تنهي القوات العراقية -بمختلف مسمياتها الرسمية وأشباهها وسواها- إعادة سيطرتها على جميع المناطق الشاسعة والملغومة بـ(داعش) و(الدواعش) في فترة لا تتجاوز شهرين تمهيداً لخوض المعركة الكبرى لتحرير “الموصل” بحلول شهر نيسان أو آيار القادمين…. وفي حالة حصول هذا الإفتراض اللامعقول الذي يتمناه معظم العراقيين، حينئذ سأراهن وأتحدى -بصفتي خبيراً إستراتيجياً وعسكرياً عراقياً غير مؤمن بنظريات المؤامرات السياسية والألاعيب الخبيثة- أن (داعش) في حقيقته ليس سوى صنيعة “واشنطن وإسرائيل” وأنه يأتمر بأوامرهما، وما أن توعزان إليه فإن قادته سيأمرون مسلحيهم بالإنسحاب الفوري من جميع ربوع العراق المستحوذ عليها في غضون أيام معدودات ومن دون مقاومة تـُذكَر، وأن جميع الذين شاركوا في جعل تشكيلات القوات المسلحة العراقية تهرب سراعاً من كل تلك البقاع بين عشية وضحاها وتترك أسلحتها الخفيفة والثقيلة في حزيران2014 هم ليسوا سوى دمىً خبيثة تحركهم أصابع أمريكية وصهيونية وإقليمية تتلاعب حسب هواها بحاضر

العراقيين ومستقبلهم وعموم هذه المنطقة المنكوبة في سبيل تسيير المخططات المرسومة لتحقيق (الشرق الأوسط الكبير) وتقسيم “العراق” وأقوى دول الإقليم إلى ثلاثة أقاليم أو أربعة.