21 أبريل، 2024 2:06 ص
Search
Close this search box.

أحلام الأيقاض

Facebook
Twitter
LinkedIn

في تلك القرية البعيدة عن المدينة .والمعدومة من كل الخدمات.لاتسمع في نهارها سوى أحلام ورديه يتمناها الأطفال والشباب في تلك القرية ..أما ليلها فظلامه الدامس مخيف جداً ولاتسمع فيه سوى نبيح الكلاب الخائفة أيضاً من هدوء الليل..
عند كل صباح ومنذ إشراقة الشمس تبدأ الحياة من جديد .ولكن عقارب الساعة لاتعني لمن حرمه الزمن من الحياة الرغيدة شيء ..فمهما تقدم الزمن بعجلاته تبقى الناس هناك تعيش على احلام اليقظة .فبعضهم يحلم بان يلبس ملابس فاخرة في المستقبل والآخر يحلم بالزواج من ابنة عمه أو ابنة خاله والآخر يحلم بان يكون طيار في المستقبل أو طبيب او معلم وغيرها من الامنيات للرجال اما احلام النساء هناك فتكون بسيطة وغير تعددية فالكل يحلمون بزواج الاستقرار من فارس المستقبل بدون ذكر لإسمه اوعنوانه لأنها من الممنوعات والمحرمات في ذلك الواقع ….
اما احلام ألرجال الذين بلغوا من العمر عٓتيا فحلمهم تأدية الفريضة الخامسة وهي حج البيت مع عجائزهم رغم أن بعضهم لايؤدي الصلاة أحياناً. امنيات كنا نحلم بها وخاصةً أثناء الوحدة مع النفس وأنت تسير في فضاء تلك القرية لوحدك ومعك يسير هذا الهاجس وتتكلم مع افكارك وتمنيها بهذه الأمنيات..
سلاماً على طفولتنا البريئة .والصافية بنقائها كصفاء الجو أثناء فصل الربيع ..
حتى احلامنا في الطفولة عرفناها مع تقدم العمر انها بسيطة جداً ..لأننا لم نحلم في يوم من الأيام أن ندخل عالم الشهرة وان نصبح فنانين مشهورين أو لاعبي كرة قدم محترفين ..أو من أصحاب رؤوس الأموال..لم نحلم اننا سوف يكون لنا بيوت في المدينة مبنية بطريقة الاعمار الحديث ..اونركب سيارات ضخمة متوفرة بها كل وسائل الراحة…
ولم نحلم أن المستقبل معه جواز السفر وبإستطاعتنا السفر لأي دولة في العالم ..
تحققت احلام الطفولة ولكنها كبرت كثيرا مع تقدم العمر .ومازالت ترافقنا الى عالمنا المعاصر الجديد ..مازالت تريد التسابق معنا فمن القرية الصغيرة والخالية من مظاهر التلوث البيئي إلى المدينة الكبيرة وضجيج السيارات والمصانع ..
حملنا كل هذه الأحلام والامنيات ونحن نعطيها جزء من أوقات فراغنا لنريح بها أنفسنا التي أعطاها الله من نعمه كل شيء ….
ومع تقدم العمر بدأت الهواجس تحيط بنا من كل صوب .وبدأ الفراغ المخيف الذي يكلمنا عن قربنا من النهاية …نهاية الدنيا وبداية عالم آخر مجهول لايعلمه الى الله .نهاية يخيفنا بها علماؤنا في الدين في كل خطبة وحديث وهم يتحدثون إلينا عن العذاب في القبر وعذاب النار…لم يذكروا لنا شيء نفكر به أو نتمسك به من رحمة الله وعفوه ومغفرته …ولم يتركوا اي باب مفتوح لنا لنفكر بالنعيم قبل الجحيم…ولماذا لانحلم بالجنة مثلما كانت أحلام طفولتنا بالحياة المرفهة…اليوم ونحن نؤدي مافرض الله علينا ونطلب المغفرة تعلمنا أن الحياة غرفة لها بابان تدخل بها من باب وتخرج من باب آخر…
سلاماً علينا وعلى ذكرياتنا وعلى قريتنا ومدينتنا وعلى طفولتنا ومشيبنا .
سلاماً على بيوتنا وعماراتنا في القرى والمدن وعلى قبورنا بين المقابر .وعلى منازلنا في الدنيا والآخرة.. سلاماً على احلامنا في اليقظة والمنام.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب