قراقوش ، اسم معروف ويقترن ذكره بالأحكام العجيبة التي تصوره ظالما تارة وغبيا تارة أخرى وهي أحكام يتناقلها الناس ويزيدون عليها بعض النوادر والطرائف ، حتى أصبح البعض حين يرى تصرفا ظالما أو غريبا يطلق عليه «حكم قراقوش»، و قراقوش ليس شخصية وهمية كما يعتقد البعض فهو من رجال دولة صلاح الدين الأيوبي وتشير المصادر التراثية إلى أنه شخصية حقيقية بالفعل ، وقد كان أحد وزراء الأيوبي في مصر وركن من أركان توطيد حكمه واسمه بهاء الدين قراقوش ، وفي إحدى نوادره الشائعة قالوا بان طائر ألباز المفضل لديه قد هرب من القفص وطار فأمر قراقوش بغلق كل أبواب القاهرة حتى لا يستطيع الفرار وفي نادرة أخرى انه أمر بقطع رأس رجل لان طوله لا يسمح بالمرور من باب الدار ، ونوادر قراقوش تتداول اليوم في معالجة الاختناقات المرورية التي تعاني منها اغلب المدن وبالذات العاصمة بغداد ، وهي مشكلة نشأت بعد فتح أبواب استيراد السيارات الجديدة والمستعملة للحد الذي أصبح عدد السيارات في بلدنا بحدود 10 ملايين بمختلف المصادر والاستعمالات وبعضها من نفايات العالم تحت عنوان المنفيست و ( الوارد ) ، وهذا العدد الكبير من السيارات له أضرار كبيرة على المعيشة والاقتصاد حيث تخرج مليارات الدولارات للاستيراد وتنفق المليارات لتوفير الوقود ومليارات أخرى للصيانة ومعالجة التلوث البيئي ناهيك عن الحوادث المرورية التي تزهق الأرواح وتسبب خسائر في الأموال ، وبعد أن تفاقمت مشكلات الازدحام والحوادث للحد الذي عجزوا عن السيطرة عليه ، فقد بدأ التلويح باستخدام حلول قراقوشية للمعالجات فهناك من ينادي برفع سعر الوقود للخد الذي يؤدي لتقنين حركة السيارات والبعض يقترح العودة لأسلوب الفردي والزوجي والبعض الآخر يقترح تقييد حركة العبور من الجسور للتقليل من حركة العجلات ، وهي حلول ترقيعية مادام أصل الموضوع لم يحل فالشوارع لم توسع وبعضها ازداد سوءا ولا تزال الإنفاق والمترو والقطارات والنقل النهري والجماعي وغيرها من ضمن الأمنيات والأحلام التي لا أمل بمباشرتها رغم شيوعها بأغلب البلدان ، وما يطرح من الحلول القائمة على الغرامات والحرمان لا يداوي الجروح في بلد لم يعطي أسبقية للطرق والجسور، وما نفذ من بعض الأنفاق والمجسرات بعضها عقيما وأحيانا يثير السخرية بالفعل ، وفي ظل غياب الإرادة لمعالجات تدفق الاستيراد والمباشرة بالبنى التحتية تصبح كل الحلول عديمة او ضعيفة الجدوى حتى وان طبقت أحكام قراقوش ، وسيكون من الصعب تطبيق ما تسعى له دوائر المرور من شروط السلامة والأمان والنظام فنحن في بلد يفتقر لأبسط المتطلبات كالإشارات الضوئية ومناطق العبور وترتكب فيه كثير من المخالفات التي لا يمكن تلافيها بالغرامات والحجز او بتطبيق ( الهزة ) وغيرها من التقانات ، ونقول لمن يعنيهم الأمر اتركوا أحكام قراقوش للتراث وباشروا بمعالجات فيها جدية وصدق وأفعال لينعم المواطن بمرور آمن فيه قدر معقول من الاختناق والازدحام .