كل إنسان منا يتعرف على العديد من الأصدقاء ، في مجال العمل أو الدراسة أو المنطقة التي يسكن فيها أو حتى من خلال الأقارب ليكون الأقرب له من غيره … وهنا يتوجب علينا حسن الأختيار لهذا الصديق الذي يجب ان يكون حافظا للأسرار ومخلصا ووفيا ، ولهذا ستكون هنا محطة توقف وتأمل وتأني في هذا الاختيار الصعب والمصيري ، تسبقه دراسة مستفيظه وتخطيط كبيرلأتخاذ القرار المناسب للخوض في هذا المضمار الخطير والشاق والجريء ، من اجل ان يكون هذا الصديق فعلا صديقا صدوقا ومخلصا وفيا لديمومة هذه الصداقة وتطوريها والحفاظ عليها لتصل بالتالي في بعض الاحيان الأقرب الى الاخوة الحميمة.
يقول المثل ( رب أخ لم تلده أمك ) وهذا المثل ينطبق على الصديق الصادق الذي يتحمل الاشياء السلبية وكذلك الايجابية التي تظهر وتتنامى خلال المسيرة الحياتية الشاقة والصعبة بين الاصدقاء في هذا الزمن الصعب ، ومن المستحيل جدا ان تجد مثل هكذا صديق تتوافق افكاره وتطلعاته وسلوكه لتكون الاقرب والاشبه الى افكارك وتطلعاتك وسلوكك ، ولكن هناك العديد من الأصدقاء الغير أوفياء والغير مخلصين من الذين يحاولون التشبث بالآخرين من اجل الوصل الى غاية ما في نفوسهم ، ولتكن تلك الغاية الضحك على الذقون او محاولة الحصول على مبتغاتهم دون التفكير بعواقب تلك الافعال الشنيعة والتي بالتالي ستتكشف خلال أيام أو أشهر قلائل ، وللاسف الشديد هناك عددا كبيرا مثل هؤلاء يحاولون غش الاخرين بصداقتهم السريعة والتي تكون عادة هشة وليس لها أساسا قويا لتتماسك ، ولهذا فـأن مثل هكذا صداقات ستنتهي سريعا بمجرد الكشف عن المستور … اذن !! الصديق الصادق يكون في المقدمة دائما وابدا ، وقد نحتاجه في السراء و الضراء وفي الافراح والاحزان .
في هذا الموضوع أستوقف قليلا أمام صديقانمخلصان يتبادلان معي الفهم والمودة ، أمتدت صداقتي معهما خلال سنوات عمري الماضية التي شارفت على ( السبعين عاما ) وقد تركت هذه الصداقة بصمة واضحة وجميلة لا زالت الاهم والقوى والاقرب الى قلبي وضميري ، ومنهم اولا الصديق الوفي والمخلص والصحفي اللامع الاستاذ سعد حسين السماوي الذي تزامنت صداقته منذ مرحلة الطفولة والشباب والصبا والدراسة وكذلك المراحل العمرية الاخرى التي تركت ذكريات جميلة وممتعة والتي لا زالت في قمة العطاء ، ولا انكر ان ( ابا جنان ) قد وقف بجانبي في شتى المجالات الحياتية ، ولم يبخل بشيئا اتجاهي من كرم وضيافة وتعاون ومشورة صحفية واعلامية ولم اجد منه الا الخير والمحبة والود والوفاء والاخلاص ، كون هذه العلاقة بدأت متينة ومبينة على الشعور المتبادل الحقيقي لكل منا … قضينا اوقاتا ممتعة وسعيدة من خلال تكرار السفرات خارج العراق معا خلال فترة السبعينات من القرن الماضي ، الى الدول الاوروبية والاشتراكية حينها ، وكان في قمةالوفاء والاخلاص والتضحية معي ، ورغم مرور هذه السنوات الطويلة من اعمارنا لكننا بقينا على العهد متعاونين ومنسجمين وبقينا ولا زلنا على المحبة الصادقة من خلال التواصل فيما بيننا دون انقطاع ، متمنيا لأخي الغالي ( سعد ) الرقي والرفعة والحياة السعيدة .
اما الصديق الثاني الذي لا استطيع وصف حجم الاشياء الجميلة التي صادفتنا في حياتنا اليومية وهو الصديق والزميل الوفي والمخلص والصحفي المتألق الاستاذ محمد الياسري الذي تزامنت صداقته خلال عملنا الصحفي في الصحف المحلية المختلفة ، وقد شكلنا معا فريقاللعمل المشترك لفترة أمتدت لأكثر من ( 50 )عاما دون توقف او انقطاع ، وكانت من أهم وأجمل سنوات عمري مع هذا الرجل المبدع في كل شيء ، وكان في قمة الوفاء والاخلاص وايضا داعما لي في شتى المجالات ، حيث ان الصداقة لاتوزن بميزان ولا تقدر بأثمان ، كان حافظا لأسراري كما انا كنت حافظا لأسراره ، فهو نبع الوفاء ورمز العطاء ، ورغم السنين الطويلة لم ولن نتغير من بعضنا البعض بل ازدادت علاقتنا الحميمة ومشاعرنا أكثر وأكثر ، تحية حب للصديق الوفي ( ابا نورس ) الحبيب .
أقول هنا … أحسنو الاختيار في صداقاتكم التي تتمثل بالثقة والايثار والترابط والانسجام ، وان الذي يجد صديقا وفيا كأنه وجد كنزا من كنوز الحياة التي تعد رزقا من الله تعالى ، كما أن هذا الاختيار بمثابة المرآة العاكسة للصداقة الحقيقية … أحسنو الاختيار حتى لو كان صديقا واحدااو صديقان مخلصان ، افضل بكثر من اختيار العشرات منهم دون جدوى … الصداقة الحقيقية هي التي تدوم وتبقى صامدة الى نهاية العمروستكون هكذا رغم وجود الخلافات والصعوبات والاختلاف في وجهات النظر ، عكس الصداقات المزيفة التي ستنهار بسرعة البرق بأسط الاسباب ، ولهذا لا بد من التمييز بين الصداقة ( الحقيقية ) ، والصداقة ( المزيفة ) ، فالصديق هو نعمة وهبة وهدية من الله سبحانه وتعالى ، وأن نعم الله للأنسان كثيرة لا تعد ولا تحصى ، فأحسنو أختيار الأصدقاء .