17 نوفمبر، 2024 1:24 م
Search
Close this search box.

أحسان الجيزاني أسئلة التخيل في (لاجئ صومالي )

أحسان الجيزاني أسئلة التخيل في (لاجئ صومالي )

تملك الفنون الجميلة قدرة على التعبير عن مكونات الجنس البشري بوسائل مختلفة، يمكن للفنان من توظيفها في خلق عالم تسودهُ إثارة الأسئلة. ومن خلال هذه القدرة التوظيفية التي هي عبارة عن وجهات نظر مختلفة، تولد الفكرة لدى المتلقي، وتحفز فيه طرح الأسئلة حول قضية ما. ولعل فن التصوير الفوتوغرافي ،يختلف عن بقية الفنون الجميلة الأخرى، لأنه يعتمد على الخيال الذي تحكمهُ زاوية العدسة، واللحظة مناسبة في خلق صورة شعرية متعددة الرؤى باعثة للتخيل؛ ويمكن القول أن تحويل الأشياء التي لا تشترك فيها قدرة الحركة واليد في صنعها إلى لوحات فنية، يعد من أصعب الفنون الجميلة، لان الفنان الفوتوغرافي لا يستطيع هنا إضافة أي شيء على مادته الخام سوى لمسة يده وحركة عدسته.
الفنان العراقي المغترب أحسان الجيزاني في لوحته المعبرة ( لاجئ صومالي ) تجاوز حدود الإبداع الفوتوغرافي لرسم صورة تحاكي عوالم الخيال لتطرح عدة أسئلة في ذهن المتلقي، وهنا يكمن سر الإبداع، وكيف يمكن أن يوظف في نقل إحساس الآخرين. لوحة (لاجئ صومالي ) جعلت الجيزاني يعرض من خلالها لغة العين في طرح المعاناة، وسر تلك النظرة التي ترمق الأمل وتلامسه أحياناً. حيرة الوجه هي الأخرى امتداد لمعاناة اللاجئين، وتسليط الضوء على الحروب والجوع والفقر آفات العصر التي تفتك بالبشرية في بقاع المعمورة. هذه الأمراض تحاول افتراس الحياة الإنسانية، وتحرمها لذة العيش الكريم. ورغم السوداوية التي تكتحل المشهد، فانه يمكن أن نلمس بريق أمل يلوح في الأفق من خلال حركة اليدين اللتان تحاولان تمزيق خيمة اللجوء، وتفتحان نافذةً إلى عالم فيه بعض الضياء والحب.إذا هناك صورتان متداخلتان مع بعضها بعضاً جسدتها لوحة ( لاجئ صومالي)، انغماس الأمل بالحرمان، والبياض والسواد،ليترك إحسان الجيزاني الباب مفتوحاً في طرح أجوبة التأويل. نظرة اللاجئ أهي تفاؤل أم شرود ذهني الباحث عن الدفء في ظل الأزمة ؟ أنها مجموعة من الأسئلة المركبة التي تحتاج إلى أجوبة مختلفة الرؤى.
لقد دأب الجيزاني على توظيف عدسة كامرته على رسم الحياة أينما وجدت، تارة تسبح في فيافي البيداء ورمالها، وتارةً أخرى تحلق في المدن القديمة باحثةً عن الوجوه وطقوسها. ربما يسعى إحسان إلى تجسيد المشاعر الإنسانية بحلوها ومرها،ولكن ليس من زاوية المصور العادي، بل يريد أن يجعل عدسته تحاكي الهواجس الإنسانية، وتطرحها على شكل لقطات فوتوغرافية ذات دلالة اقل ما يقال عنها أنها تحمل سمة الإبداع، لأنها أوجدت في اللقطة الواحدة عدة صور متداخلة، ومتراكبة لترسم مجموعة أسئلة على ذهن المتلقي،وهنا تكمن ثيمة الإبداع الفني وكيف يحرك ويدغدغ المشاعر، ويطرح عليها هذه الأسئلة التي تحتاج إلى تأويلات مختلفة،مما يعطي للصورة الفوتوغرافية حرية الحركة الفكرية في التخيل ،وخلق عوالم يمكن يلمس من خلالها الوجوه ، الحركة ، والهدوء، ،الطبيعية، والطقوس ، المدن العتيقة وغيرها.

أحدث المقالات