في اغلب بلدان العالم، التعددية في المكونات، وكثرة التوجهات، وتعدد الأحزاب، تعتبر ظاهرة صحيحة ! تقوم على أساس المراقب والراصد لعمل الحزب الحاكم، تشخص مواطن الخلل، تحارب المفسدين، وتقوم عمل الأجهزة الحكومية، ينعكس ذلك على المواطن في توفير الخدمات وتطور البلد، يقودها التنافس السياسي في تقديم ما هو أفضل للشعب، إلا في بلدنا العراق لم ينجح في كلا الأمرين، لا في كثرة الأحزاب ولا في الحزب الواحد.
حكم العراق، حزب واحد، على مدى ثلاثين عاما، حمل معه سلبيات وايجابيات، ما نفتقده اليوم، وحدة القرار وقوانين صارمة يخضع لها الجميع، عقوبة رادعة للمفسدين، سرعة في تنفيذ الأوامر، التجنيد الإلزامي، وغيرها من قوانين المنضمة للحياة المدنية، بعد 2003 ظهرت الأحزاب بقوة على الساحة العراقية، لكنها تفتقد إلى قائد، يقود حزبه إلى النجاح، وبالتالي يقود شعبه، إلى الرقي والازدهار.
القائد أو القيادة ، ليس بمعناها المكاني الترتيبي، القائد في تحمل المسئولية التي تقع على عاتقه، والتعامل مع المعطيات بحكمة والشدة في الوقت نفسه ومن مكان الأبوة والتسامح، وصلابة الموقف، والحزم والحسم معا ، الجرأة في اتخاذ القرارات المصيرية.
ما الذي يفتقر إليه العراق؟
كثيرة هي الأحزاب والتيارات وقادتها .. في المنعطف التاريخي الذي يعيشه العراق، تجد صعود وهبوط في مؤشر الأحزاب بفوارق كبيرة، بين دورة وأخرى، يعزى إلى عدة أسباب رئيسية : القيادة الفاشلة والتخندق الطائفي، والتفرد في الرأي، وحب السلطة والمال وغيرها، أفقدت ثقة الشعب بالحكومة، بل جعلته محبطا ويبحث عن بديل،
الأحزاب والقاعدة الجماهيرية، كيف تبنى؟ ومن هو صاحب القاعدة الأوسع في الانتخابات القادمة؟
على الصعيد العام وليس ترتيبا ! حزب الدعوة والتيار الصدري والمجلس الأعلى هي المسيطر على الساحة الشيعية .. بنسب متفاوتة، الأخطاء التي مرت على سياساتها، أيقظت البعض وأصبح يراجع ولا يتراجع ! والبعض الأخر، يدعي النبوة، ضل متمسكاً بعصاه ويبحث عن بحر الشيعة كي يقصمه.
العراق يفتقد إلى القائد ؟!
العراق لا يحتاج إلى قائد هو يكاد يكون مقدم برامج لبق، يجيد ترتيب الجمل، يبرع في اللغة وقواعدها أكثر من السياسة وحنكتها، يتفرد برأيه، يبحث عن سلطة، اقرب إلى الخيال لما هو في الحقيقة، يصطنع البطولة، ويتباهى بشعر أخيه.
ولا إلى قائد مشرد الذهن، يدار عقله كما يدار قفل الباب، متقلب الرأي، يقبل في الصباح ويرفض في المساء، كلامه ساذج، يصل إلى حد ” العبط ” أحيانا، جاهل بالسياسة، لا تعرف ماذا يريد، يشجب ويستنكر ويؤيد ويدافع لنفس الموضوع، غير متزن ذهنياً.
العراق يبحث عن قائد ناجح في أدارة حزبه “ تياره” أولاً، يجمع مكونات العراقية على المبادئ والقيم الإنسانية النبيلة على اختلاف مذاهبها، يستثمر الطاقات الشبابية، حتى يصل بالرجل المناسب في المكان المناسب، يصنع القادة بحرفية، ضمن برامج مدروسة، يؤهل ويبني ويؤسس لقاعدة جماهيرية قوية، صاحبة مبادئ وقيم، يستمد شرعيته منها، يبحث عن النقاط المشتركة دوما، برامجه الثقافية، تكاد تصبح مدرسة تدرس بها الأجيال فن السياسة، ليس بالضرورة أن يكون رئيسا للوزراء، تكفيه كونه الراعي الرسمي لها !
يا ترى من يحمل مثل هذه الصفات؟ يصلح أن يكون قائدا للعراق في طريق النجاح.
هنا يمكننا أن نشير من سيكون الأكثر شعبيا في الثورة البنفسجية القادمة، هو من يملك صفات القائد الناجح؟