لم تتورع الأحزاب الدينية ( الورعة ) عن الدخول في الأنتخابات البرلمانية العامة في العراق و تبارت مع باقي الأحزاب و التيارات القومية و العلمانية من اجل الفوز في تلك الأنتخابات و من ثم تشكيل حكومة من الأغلبية التي تفوز بمقاعد البرلمان و هو ما كانت عليه تلك الأحزاب الأسلامية التي ارتضت لنفسها ان تشكل حكومة او بالأحرى حكومات متعاقبة و متتالية و تحكم ليس بما انزل ( الله ) كما تدعي انما وفقآ للدستور العراقي المدني و الذي يحتوي على فقرات عديدة تتعارض مع الكثير من المبادئ و التعاليم الأسلامية المنصوص عليها في ( القرآن ) الدستور الذي تدعي الأحزاب الأسلامية الألتزام به و من ثم نصوص ( السنة النبوية ) القانون المكمل و المتمم للقرآن .
كانت هذه الأحزاب السنية و الشيعية على قدر كبير من النفاق و الرياء و الكذب فهي تعلن خلاف ما تبطن و تظهر عكس ما تخفي ان اعمتها مكاسب السلطة و مغانم الحكم من التفرغ لأرشاد الناس و اسداء النصائح لهم في امور دينهم و عقيدتهم كما هي وظيفتها الأساسية ان رضيت بالأشتراك في حكم دولة تقر بالقوانين الوضعية و ليست السماوية و تبيح الكثير من المحرمات الأسلامية و تمنع كذلك الكثير من المباحات الأسلامية و لا تقر بالكثير من العقوبات الأسلامية و مع ذلك قبلت تلك الأحزاب ان تكون على رأس سلطة تحكم بقوانين ليست من الشريعة الأسلامية في شئ فما الذي يجبر هذه الأحزاب على تشكيل هكذا حكومات و في ظل هكذا قوانين ليست تلك التي تؤمن بها سوى انها الأغراءات الدنيوية و المغانم المالية التي تجلبها السلطة و يحظى بها الحاكم .
استغلت الأحزاب الدينية تعاطف الناس معها في الأستيلاء على الحكم و تطبيق اجندتها و افكارها في الشروع في اقامة الدولة الأسلامية الشمولية و ما اقحام المرجعية الشيعية في الشأن السياسي الا وسيلة للتغطية على ذلك المخطط في اقامة دولة ( ولاية الفقية ) و التي هي امتداد لتلك التي في ( ايران ) و هي أي الأحزاب الأسلامية لم تتمكن من تحقيق ما تصبو اليه بفعل المقاومة المستميتة التي جوبه بها المشروع الديني من قبل قطاعات واسعة من الشعب العراقي بما في ذلك ابناء الوسط و الجنوب الذين كانت ما تعول عليهم كثيرآ تلك الأحزاب الا ان موقف الأغلبية منهم الرافض للطرحات الدينية المتزمتة و المقيدة لحرية الرأي و التعبير احبط ذلك المشروع و اجهز على مخططاته .
عن طريق الحيلة و التحايل و الكذب الذي مارسته مختلف اصناف هذه الأحزاب المتنوعة المرجعيات و الأدارات بغية الأستحواذ على ارادة الناخب في التصويت لصالحها في الأنتخابات البرلمانية مستخدمة شتى الأساليب الملتوية و غير المشروعة تحت غطاء ( الحيلة الشرعية ) ذلك المصطلح و الذي تحت رعايته ترتكب كل لنواع الموبقات و المحرمات و الآثام و حتى الجرائم التي اصبحت تحظى بالشرعية الدينية و في ظل هذا المصطلح استعملت تلك الأحزاب كل الدهاء و الرياء الذي يجري في عروقها في ايهام و خداع الناس و سلب ارادتهم و بالأخص البسطاء منهم و ما اكثرهم في الأقتراع و التصويت لصالح مرشحيها .
على الرغم من تفشي الأمية و الجهل و العوز و الفاقه الا ان الشعب العراقي يتمتع بحاسة ( الحدس ) و هو الذي لم يطمئن لهذه الأحزاب على الرغم من العمائم السوداء و البيضاء تلك التي تكللت بها رؤوس زعماء تلك الأحزاب و مرجعياتها الا ان المواطن ظل في توجس و ريبة منها وكان في ذلك على حق و بينة و تجلى ذلك بوضوح في الشعار المدوي ( بأسم الدين باكونا الحرامية ) فكان السراق و اللصوص الذين نهبوا المال العام و ممتلكات الدولة و مؤسساتها من زعماء تلك الأحزاب و قادتها و من قتل الكفاءات العلمية و اساتذة الجامعات و ضباط الجيش و الطيارين كذلك كانوا من تلك الأحزاب التي اوكلت لهم مهام القيام بتلك الأغتيالات و من اوغل هدمآ و تخريبآ في الدولة العراقية و مؤسساتها هذه الأحزاب الأسلامية الحاكمة و اتباعها و مؤيديها .
الخلاصة هي احزاب دينية لا تهتم بالحرام و الحلال من امور الدين و احكام الشريعة الأسلامية و لا تفقه من شؤون الحكم و السياسة شيئآ و لا يهمها لا من قريب و لامن بعيد اعادة بناء البلد الذي دمرته الحروب السابقة في زمن النظام السابق و لا الحروب اللأحقة في زمن حكم الأحزاب الدينية بل كان كل ما يهم تلك الأحزاب و الحركات الدينية هو التمسك و التشبث بالحكم و السلطة على الرغم من الأخفاق و الفشل الذريع الذي رافق فترة قيادتها للدولة العراقية و مازالت على الأصرار ذاته في الحاق الضرر و الأذى بالشعب العراقي و بناه الأقتصادية و الأجتماعية و لعل سؤال يطرح على هذه الأحزاب و قياداتها عن كيفية ان تتوافق دساتيرها الدينية المتزمتة مع الدستور العلماني المنفتح للدولة التي تتبوأ سدة الحكم فيها و على الأغلب و الأعم سوف يكون الجواب جاهزآ و حاضرآ فالذي اوجد لقتل الناس تبريرات و حجج عديدة و الذي اوجد للسرقة و النهب و الأحتيال من الآيات و الأحاديث ما يبررها و يشرعنها لن يعجز عن ايجاد الذريعة المناسبة و الحجة ( المقنعة ) سيما وان ( الحيلة الشرعية ) مازالت تحتفظ بقوتها و حيويتها في الغش و النصب و الخداع على الرب اولآ و على الناس ثانيآ .