5 نوفمبر، 2024 5:44 م
Search
Close this search box.

أحزاب الإسلام الطائفي لا تبني

أحزاب الإسلام الطائفي لا تبني

مرة أخرى يتناول السيد عبد الجبار الشبوط رئيس تحرير جريدة الصباح البغدادية موضوع البناء والإعمار في محافظات كردستان الشمالية , ومرة أخرى يبدي انبهاره بما رآه في أربيل من تقدم وإعمار ونظافة ونظام وخدمات وحدائق وشوارع , ويتسائل لماذا لا تكون بغداد و واسط و بابل مثل أربيل أو السليمانية أو دهوك , فهي أيضا محافظات عراقية ؟ ليصل بعد ذلك لنتيجة أنّ كردستان تتطور وتتقدم عمرانيا وحضاريا وتجاريا , وتزداد المسافة الفاصلة بينها وبين محافظات العراق العربية , وكردستان تقترب من النموذج الخليجي بل الأوربي , والمحافظات العربية تراوح مكانها , ويرى أنّ الكرد منغمسون بعمل جاد ونشط من أجل إعمار ’’ بلادهم ’’ , وخلافاتهم السياسية لم تمس المبادئ العامة والإجماع السياسي الكردي , ولديهم أشخاص قادمون من الخارج يقومون بنقل خبرتهم الأجنبية إلى كردستان إضافة للخبرات والطاقات المحلية .
ولكنّ السيد الشبوط لا يبيّن للقارئ سبب عدم تأثر البناء والإعمار في كردستان بخلافات الأحزاب السياسية , وكذلك لا يبيّن سبب عدم استفادة المحافظات العربية من الخبرات القادمة من الخارج فهي ايضا ليست قليلة , بل أنّ غالبية وزراء الحكومة الاتحادية هم من هؤلاء القادمون من الخارج ؟ والسيد الشبوط يحاول أن يرجع أسباب هذا التخلف والتراجع في البناء والإعمار إلى الانقسامات السياسية بين الشيعة والسنّة والتي جعلت منهم شيعا وأحزابا متناحرة ومتنازعة ومتصارعة .
ولكنّي أختلف مع السيد الشبوط في الأسباب والمسببات , فانقسام المحتمع العراقي لشيعة وسنّة لم يكن جديدا وليس هو السبب , بل السبب في ’’ الإسلام الطائفي ’’ الذي تبّنته الأحزاب الشيعية والسنيّة معا , فهذه الأحزاب قد غلّبت الصراع الطائفي والمذهبي على المصالح الوطنية العليا للشعب , وسارت بعيدا في تأجيج هذا الصراع الطائفي تحت تأثير عوامل وأجندات خارجية وداخلية , وقدّمت أسوء الناس وأكثرهم فسادا لإدارة مؤسسات هذا البلد ووزاراته .
فالإسلام الطائفي ليس عقيدة أو دينا , وأحزابه ليست مؤهلة للبناء والإعمار , ولو كانت الأحزاب الحاكمة في كردستان , إسلامية كما هو حال العراق العربي , لما تمّ إنجاز هذا البناء والإعمار , ولربما تراجعت أكثر من المحافظات العربية , فالسبب هو في الأحزاب الطائفية الحاكمة , فالطائفية والإعمار نقيضان لا يلتقيان , وإذا لم يتمّ فصل الدين عن السياسة والإدارة فلن يكون هنالك بناء وإعمار وتقدم وازدهار , وسيستمر هذا التناحر والتنازع والتصارع , وسيستمر معه الفساد والقتل الطائفي .
فالدعوة لفصل الدين عن السياسة هو من أجل إبعاد الدولة ومؤسساتها عن الصراعات الطائفية والمذهبية , وقطع الطريق أمام هذه الأحزاب الطائفية للاختباء وراء الشعارات الدينية والدعوات الطائفية , ومن يريد التقدم والبناء والازدهار فعليه أولا نبذ الإسلام الطائفي وأحزابه الطائفية , والدعوة للدولة المدنية القائمة على أساس الدين لله والوطن للجميع .

أحدث المقالات

أحدث المقالات