أن سياسة التصعيد التي يمارسها البعض من أجل إشغال البلاد والعباد بأمور معقدة أو بما يسمى بدوامة (المعترك السياسي ) وكمايرد إلينا من الأخبار العاجلة وما نقرأه يوميا في الصحف ونشاهده ويومياً من على شاشات الفضائيات ، ماهي في الواقع إلاّسجالات سياسية عقيمة، ومناظرات لاتغني ولاتسمن من جوع، وفيما لايجدي نفعاً عملياً ، وعلينا جميعاً أن نحذر من الأنخراط في هذه الدوامات ، وأن نوعّي الجماهير على مخاطرها ، وأن على القيادات التي تمثل هذا الشعب المبتلى أن يدرسوا حجم وخطورة المرحلة التي نعيشها اليوم، والمصيبة التي نحن فيها !!
حيث أننا ومع الأسف نلاحظ أن الكثير من العراقيين يعيشون حالة الأسترخاء كما لو أن الأمور تجري على مايرام ، ولكن في الواقع أننا لانجد في كل مراحل التاريخ مرحلة يعيش فيها العراق في وجوده السياسي والأقتصادي والأمني والأجتماعي في خطر فوق العادة كهذه المرحلة ، فنحن نشعر بأن شغلنا الحقيقي في الساحة العامة هو كيف يجب أن نواجه المشكلة الأساسية التي تعصف بالبلد ، وكيف نواجه الخطر الخارجي المتمثل بالتدخلات السافرة في شؤوننا الداخلية ، وكيف نواجه الخلافات المذهبية الموجودة في الساحة ، إن هذه الخلافات لابد أن تثار بطريقة علمية في المواقع الوطنية المسؤولة ، أما أن تصبح الخلافات مادةً للغوغاء وللأثارة هنا وهناك ، فأن هذه سوف تشغلنا عن القضية الأساسية !!
فإذا كان لنا شغل حقيقي بوطننا ، وإذا كان لنا إهتمام واقعي بمستقبلنا ، فعلينا أن نجمد الكثير من خلافاتنا ومن نزاعاتنا ، وأن نتجاوز الأمور التي تتحرك بدون أن يكون لها دور في حياتنا ، وأن نكون في خدمة شعبنا الجريح الذي أرهقته التقلبات السياسية والمحن والآلام التي عصفت به على مدى عقود طويلة ..
فهاهو الأحتلال قد خرج من بلادنا مذموماً مدحوراً وأصبحت الأمور بأيدينا ، ونحن الذين نتحكم بمصيرنا ،فما علينا إلا أن نطوي هذه الصفحة السوداء القبيحة ، ونفتح صفحة ناصعة من التعاون والحب والبناء والشعور بالمسؤولية الجماعية ، وأن نتحلى بالروح الوطنية الخالصة التي بها وحدها نرسم ملامح الوطن الحر الجديد.
فنحن نتمنى على الأخوة السياسيين والقادة والمسؤولين ، بأعتبارهم النخبة التي خّولها الشعب بأتخاذ القرارات المتعلقة في كل وجوده وحياته ، إذا كانت عندهم وطنية وهم يشعرون بمسؤوليتها المقدسة، ويتحملون عبء المحافظة عليها ، فعليهم أن يرموا بمصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية جانباً ، وأن يحافظوا على بقية العراق من الضياع ، هذه البقية التي أستنقذها الشعب من مخالب الطغاة وقسوة الأحتلالات من خلال تضحياته الكبيرة ودمائه التي سالت كالأنهار على مر العصور والأزمنة ..وعليهم أن لايدفعوا شعبهم الذي مل ّ من هذه النزاعات ، وتعب من ضبابية المواقف والكلمات ،وأرهقته المشاكل والأزمات ، أن يتغنى قريباً بأبيات الشاعر أبراهيم طوقان:
أنتم المخلصون للوطنية أنتم الحاملون عبء القضية
في يدينا بقيةٌ من بلادٍ فأستريحوا كي لاتضيع البقية
فيا أخوتنا من الحكام والمسؤولين وأهل السياسة ، إننا نقول لكم : أن في بلادنا بقية من تراث وتاريخ ودين ..وفي بلادنا بقية من حرية ، وفي يدينا بقية من عزة ٍ وكرامة ، وفي يدينا بقية من حالة الوعي والشعور بالذات والأنتماء الأصيل ..فاحرصوا أن لاتضيع هذه البقية ..!!