قبل يومين تم حرق جثة ارهابي كان يحاول حصد ارواح المئات من ابناء مدينة الشعلة في بغداد وذلك قبيل خروجهم من مبارة كانت قد اقيمت في ساحة الجوادين. التسجيل المصور الذي تم تداوله حول الحادثة يعيد الى الاذهان تصوير مشابه وحالة مشابهه كانت قد حدثت الشهر الماضي والذي تم فيه حرق ارهابي اخر كان قد فجّر سيارتين في جسر ديالى.
هذه الحوادث المصوّرة وبعضها الذي لم يتم تصويره لايؤكد فقط حالة الغضب الشعبي والتذمّر الجماهيري حول اداء الاجهزة الامنية والعجز الحكومي لايجاد حلول ناجعة وعقوبات رادعة لمثل هؤلاء الارهابيين القتلة، وانما يؤكد بما لايقبل الشك قناعة جماهيرية ان تسليم الارهابي للاجهزة الامنية معناه خيانة لدماء الابرياء والشهداء! لقد بات من الراسخ لدى الرأي العام العراقي ان تسليم الارهابيين المقبوض عليهم بالجرم المشهود الى الاجهزة المعنية لن يغير من حقيقة اطلاق سراحهم بعد فترة وجيزة ليعودوا الى اعمالهم السابقة ويحصدوا المزيد من ارواح الابرياء. هذه القناعة ترسّخ حالة من الانتقام لدى المواطن من تلك الاجهزة مستقبلا وتزرع الخوف والرعب لدى المواطنين كما انها تفقد الثقة بتلك الاجهزة وهذا امر غاية في الخطورة والجسامة اذا مالم يتم تصحيحه.
كذلك هذه الحوادث انما تؤكد العجز الحكومي بأتجاه ضبط الشارع فضلا عن عجزها على منع مثل تلك التفجيرات بحق الامنين. فحينما يقدم مواطنا على حرق جثة ارهابي في وضح النهار وعلى مسمع ومرأى من الجميع بما فيها رجل الامن والشرطي انما يؤكد مدى ضعف الدولة وقوة نقمة الشعب باتجاه تلك الدولة والجماعات الارهابية على حد سواء. ناهيك ان حوادث من هذا النوع معناه ضياع معلومات استخبارية لدى الاجهزة الامنية من المفترض بها ان تكون واعية ومدركة لما يمثله هذا الارهابي من صيد دسم يمكن من خلاله كشف خلايا ومخططات وشخوص اخرين مرتبطين به ان سارت التحقيقات بشكلها الصحيح وسياقها القانوني.
لكن القناعة الجماهيرية وقناعة اغلب افراد الحمايات والاجهزة الامنية التي غضّت الطرف عن هذه الاعمال انما هي قناعات صحيحة تؤكد عدم جدوى تسليم الارهابيين للاجهزة الامنية التي سيفلت منها هذا الارهابي ومن عقابها كما أفلت غيره المئات وخير دليل ماحدث مؤخرا في سجني التاجي وأبو غريب وغيرها من السجون التي كانت تعجّ بالارهابيين والقتلة، في وفت تهاونت فيه الحكومة على انزال القصاص بهم، وذلك لحسابات فئوية ومصالح حزبية فردية فكان بخروجهم أن ذهبت ارواح الأبرياء التي حصدها هؤلاء القتلة بدم بارد كأنها أسماك قد نفقت في حوض سباحة القائد الضرورة.