23 ديسمبر، 2024 7:33 م

أحداث العراق من صفين الى ألانبار ؟

أحداث العراق من صفين الى ألانبار ؟

عرف العراق بأنه بلد ” الدم المراق ” وقد عبرت العرافة العربية طريفة الخير عن ذلك عندما قامت بتوجيه الهجرة العربية ألاولى .
وسبب هذه المعرفة القديمة هو أنحراف بعض أبناء أدم عليه السلام عن نهجه التوحيدي في الدين ” أن الله أصطفى لكم الدين ” ثم كانت وصية يعقوب لآبنائه ” فلا تموتن ألا وأنتم مسلمين ” ثم تتالت ألاحداث ” فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوات وأتبعوا الشهوات ”
من هنا كانت أنهار الدم بسبب هوس الشهوات وضياع منهج الصلوات ؟
والعراق كان دائما هو مسرح الحدث في الماضي , ويراد له اليوم أن يكون مسرحا للحدث بلون الدم ؟
ومن الماضي كانت صفين حيث كان أبو موسى ألاشعري , وعمر بن العاص
أحدهما خذل صاحبه وهو على الحق , وألاخر أنتصر لصاحبه وهو على الباطل ؟
واليوم يحتدم الحدث في ألانبار مع تغير في المعطيات , فليس الحق كله في جانب , وليس الباطل كله في جانب أخر .
ولكن مايتخلف عن الحق في الطرف ألاول هو ” اللمم ” وهو الخطأ والذنب الصغير على طريقة وصف ألامام علي بن أبي طالب لبعض الشخصيات ألاسلامية التي قال عنها : ” ذهب نقي الثوب قليل العيب , وتركهم في طرق متشعبة لايهتدي فيها الضال ولا يستيقن المهتدي ” ؟ وظل الغالبية من المسلمين لايعرفون هذا المعنى وهو واضح ؟
ومن وقع في بعض الباطل , كان الباطل فيهم لايستهان بأثمه ذلك أن فيه ألارهاب وهو أثم كله , وألاثم قليله وكثيره سواء ؟
والعراقيون اليوم بحاجة الى أعمال الفكر والتأمل عميقا بما يواجههم من أحداث هي فتن يشيب فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ؟
فهناك من يريد بهم الهوان والتبعثر وخسارة المكان والزمان مع ضياع ألانسان ؟
وفيهم من مشى مع الباطل بدون روية ولا مراجعة فهو سادر في غيه , وهؤلاء معروفون مشخصون منهم من ينتمي لثقافة القرن الثامن الهجري وهي ثقافة من قال ” عليهم السيف المسلول الى يوم القيامة ” ثم أخذوا من ثقافة القرن القرن الثاني عشر الهجري وهي ثقافة هدم القبور وألاضرحة والتكفير والكراهية والتي أصبح لها اليوم أسماء وعناوين كثيرة عرفها الناس والمسلمون فلا نطيل في التعريف وأشهر أعمالهم ” القتل على الهوية , والذبح كما شوهد أخيرا قطع الرؤوس بالمنشار الكهربائي ” ؟
ومنهم من ينتسبوا لثقافة ألاربعينات من القرن العشرين وهي ثقافة دعمت وسيرت من قبل التبشير الفرنسي الذي أستغل العاطفة القومية مدغدغا من لايمتلك ثقافة تأسيسية أصولها ومرجعيتها وحي السماء , فكانت الثلاثية الفاشلة حصاد جموع فاشلة طمعت فيها أمم أخرى فجددت عزمها تارة بأسم الشرق ألاوسط الجديد بدون جدة وتارة بأسم الشرق ألاوسط الكبير بدون عزة وسيادة ؟
ومع هؤلاء وبينهم ضاعت طموحات من شارك وتحمس دون أن يعرف الحقيقة ؟
وعليه وصل العراقيون اليوم الى نهايات حادة ومصير يحتاج الى أمعان النظر وتشغيل البصيرة حتى نضع ألاشياء في محلها وذلك هو ” العقل ” .
العراقيون اليوم يحتاجون العقل الذي يحتاج دائما ولكن اليوم أكثر من أي وقت مضى ؟
فالذين يميلون الى التقسيم بعد أن أعياهم جهد ألاحداث وثقلها هو لايجانبون الصواب , لآن التقسيم يجعل الذين خططوا له لايتركونهم وشأنهم , وأنما سيسعون لتقسيم المقسم , لآن القابلية على التقسيم موجودة ليس على مستوى الدولة فقط وأنما هو موجود على مستوى القبيلة وألاسرة , وألافراد , مثلما هو موجود على مستوى العالم والدول والمدن وألاحياء في المدن الصغيرة والكبيرة ؟
والذين يميلون لآستعمال القوة للحفاظ على وحدة العراق مستعينين بالمقولة التي تقول ” أذا شغب شاغب أستعتب فأن أبى قوتل ” ونسوا أن هذه المقولة صحيحة ويمكن تطبيقها في الدولة الموحدة والقيادة الشرعية المجمع عليها ولكنها تواجه حالة شعب مجموعة صغيرة ؟
والعراق اليوم ليس موحدا حقيقة , وهو أقرب للتقسيم منه للتوحيد , ولكنه لازال يمتلك القابلية على التوحيد أن لم يكن بين جناحيه العرب وألاكراد الذين أفسد عليهم الدستور نعمة التوحد عندما أوجد دولة داخل دولة وهي حالة مستعصية على الحل ألا ما رحم الله وعندما يكون البعض غير ناظر لرحمة الله في حساباته , فألامر يصبح أكثر أشكالا وأستحالة ؟
ولاتزال هناك فرصة أمام العرب العراقيين من شيعة وسنة للتوحد والتماسك لآن توحدهم سيؤخر أقدام ألاكراد على ألانفصال لحين أن تحدث متغيرات ربما يتغير معها الرأي الكردي العراقي فيلتحق بفصيل الوحدة العراقية وهذا أمر ممكن وليس مستحيل ” وربك يفعل مايشاء ” يمحو الله ويثبت وعنده أم الكتاب ” ” ولا تقولن لشيئ أني فاعل ذلك غدا ألا أن يشاء الله ” .
وما دامت المشيئة الربانية حاضرة في ثنايا الكون والحياة , فمن العقل والحكمة أن يصار الى التفكير ألاتي :-
العراق اليوم وصل الى أعلى مستوى للنمو ألاقتصادي في العالم وهناك فرق بين مستوى النمو والتنمية ؟
فلو أن أهل العراق فكروا بأنفسهم مليا وببلادهم جليا وبشعبهم سويا لتركوا الفرقة وأخرجوا من صفوفهم أتباعها وهم معروفون ومشخصون حتى لايتكرر عندهم المثل السوري عندما أصبح الشيشاني وألافغاني والتركي وبقية مخدري العقول من العرب الذين تركوا بلدانهم نهبا لشركات البترول وألاستثمار وجاءوا الى سورية لايعرفون غير العبوات الناسفة والاصقة والقنابل والمفخخات التي هي سلاح العاجز وليس الشجاع فأشاعوا الدمار في سورية وهجروا شعبها الذي لم يحصل من ألامم المتحدة والدول التي كانت سببا في تهجيرهم سوى الوعود الفارغة ؟
أن أمام أهل العراق أن لايفكروا بخطأ فلان وفلان فالجميع أشتركوا في الخطأ ولكن هناك فرق بين من يخطأ في الحكم على مستوى التعيينات غير العادلة وألاعتقالات التي يشوبها الكثير من الفساد , وبين من يستعين بألارهاب ومجموعاته التكفيرية على شعبه ويسمح لهم بأن يطأوا أرض وطنه ويوفر لهم ملاذا أمنا , وكذلك من يستعين ببقايا ألاحتلال وألاطراف الخارجية لفرض وجوده وموقعه في الحكم فهؤلاء جميعا يمثلون جانب الخيانة التي لاترحم العراق وأهله , وعلى ضوء هذه البوصلة وهذا التشخيص يمكن المضي قدما في التواصل والتناصح وجمع الصفوف بعيدا عن الطائفية والعنصرية والفئوية والمحسوبية حتى لايعود بيننا من هو أبو موسى ألاشعري ولا عمر بن العاص الذين مثلوا مرحلة النكبة في تاريخ العراق ومعهم تاريخ المسلمين المثقل بالشوائب ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]